تلقّت الحكومة البريطانية تحذيراً من أنّ تمديد صلاحيات الإيقاف والتفتيش والتي تسمح للشرطة باعتراض السكان من دون اشتباهٍ منطقي قد يؤدّي إلى الفوضى.
وفي التفاصيل أنّ أكثر من 8000 عنصر سيتمكنون من الآن وصاعداً من فرض المادة 60 من قانون العدالة الجنائية والنظام العام على مناطق يعتقدون أنّها ستشهد أعمال عنف عقب رفع بوريس جونسون القيود المفروضة على استخدام تلك المادة.
ووصفت وزارة الداخلية الحملة بمثابة "تجربة" ولكنها أقرّت بأنّها لم تنتظر أن تأتي النتائج من سبعة مناطق شهدت هذا التغيير في البداية على يمدد العمل بهذه التجرية لتمتدّ على كافة المناطق الثلاثة والأربعين في أنجلترا وويلز.
وفي هذا السياق، قالت ديان أبوت وزيرة الداخلية في حكومة الظلّ والمنتمية إلى حزب العمّال: "لم يتعلّم المحافظون شيئاً من التاريخ. إنّ تمديد صلاحيات المادة 60 خلال فصل الصيف هي وصفة مختبرة وموثوقة للفوضى وليس للحدّ من العنف. إنّ هذه المقاربة الشديدة العنف تظهر أنّه ليس لدى حكومة جونسون أيّ خطط فعلية للاستثمار في مقاربة تشمل قطاع الشرطة أو الصحة العامة لمعالجة جرائم العنف. لقد آثروا الظهور بمظهر الصارم عوضاً عن التعامل مع الأسباب الجذرية للجريمة. لطالما ستبقى عمليات الإيقاف والتفتيش القائمة على الإثبات أداة حيوية في منع حدوث الجرائم، ولكن الإيقاف العشوائي لم يؤدّي سوى إلى تسميم العلاقات بين الشرطة والمجتمع."
وتُعتبر الخطوة جزءاً من سلسلة سياسات تطبيق العدالة للجناح اليميني التي أعلنت عنها حكومة جونسون الجديدة وسط توقعاتٍ بأن تدعو إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في حال الخروج من أوروبا من دون اتفاق.
كذلك وعد رئيس الوزراء بزيادة قدرة السجون الاستيعابية بعشرة آلاف مكان جديد وإقامة سجن إضافي وتطبيق أحكام أطول وقوانين جديدة لردع جرائم السكاكين والاعتداءات بالأسيد فضلاً عن زيادة عديد الشرطة بـضم 20 ألفا آخرين.
واعتبرت وزيرة الداخلية بريتي باتيل أنّه من شأن الصلاحيات المعززة المساعدة على وقف "تفشّي جرائم السكاكين" في بريطانيا، وأضاف قائلاً: "ضبّاط الشرطة واضحون - إنّ الإيقاف والتفتيش هي أداة حيوية في محاربة آفة العنف الخطيرة والحفاظ على سلامة الشعب. أمنحهم دعمي الكامل والمزيد من صلاحيات الشرطة للموافقة على الإيقاف والبحث لوقف هذه الجريمة الرهيبة قبل حدوثها."
وفي هذا السياق، لطالما اعتبر كبار ضبّاط الشرطة أنّ عمليات الإيقاف والتفتيش من شأنها الحدّ من العنف ونزع السلاح من الشارع مشيرين إلى تزايد في جرائم السكاكين بعد أن شدّدت تيريزا ماي القوانين عام 2014.
وقالت كريسيدا ديك رئيسة جهاز الشرطة في لندن أنّ عمليات التفتيش شهدت "نتائج ملحوظة" في لندن وأعلنت عن تراجعٍ نسبته 15 في المئة في جرائم السكاكين التي تستهدف من هم دون سنّ الخامسة والعشرين.
ولكن، من جهةٍ أخرى، تساءل الباحثون بشأن دليل سببي من خلال دراسة حديثة خلُصت إلى أنّ الإيقاف والتفتيش لا يخفّض جرائم السكين ويعيق عمل الشرطة من خلال إحداث "تأثير ضار على علاقتها مع المجتمع المحيط بها".
وأورد أحد التقارير بأنّ دراسة أجرتها وزارة الداخلية بشأن عمليات التفتيش التي تستهدف الاسلحة في لندن لم تجد أيّ تراجعٍ إحصائي ملحوظ في الجريمة، كما أنّ بحث كليّة الشرطة الذي نظر في عشر سنواتٍ من بيانات شرطة العاصمة "وجد علاقة هشّة بين الإيقاف والتفتيش والمعدلات الإجمالية لأنواع الجرائم التي هدفت هذه الإجراءات إلى الحد منها."
وتساءل جوناثان هيندز الذي يقود حملة ضدّ سوء استخدام الإيقاف والتفتيش بعد توسيع صلاحيات المادة 60. وقال لإذاعة بي بي سي -القناة الخامسة BBC Radio 5 Live: "سؤالي هو التالي: هل سيكون ذلك فعالاً وما مدى شفافية النتائج؟ إنّ التزايد في عمليات الإيقاف والتفتيش سيطال ديموغرافيا محددة... سنشهد مجدداً ما سبق أن حصل عام 2011. ما لم تتمّ مراقبة الشرطة ومساءلتها حول الأشخاص الذين تستخدم هذه الصلاحيات ضدّهم، سنتوصّل إلى نتائج أسوأ."
وللتذكير، اندلعت أعمال الشغب في لندن عام 2011 عندما كان جونسون عمدة المدينة وامتدّت إلى مدن انجليزية أخرى بعد إطلاق النار على رجل أسود البشرة وقتله ممّا اشعل التوتّرات لتطال المجتمع الأوسع.
وفي حين تراجع استخدام إجراء الإيقاف والتفتيش بعد تغيير القوانين عام 2014، ازداد التفاوت و مال ميزان العنصرية ضد السود حيث أصبح الأشخاص من ذوي البشرة السوداء اكثر عرضة بنسبة ثماني مرات للتوقيف من ذوي البشرة البيضاء بموجب هذا الإجراء.
وقال هيندز أنّ المادة 60 التي تلحظ توقيف أيّ شخص في أيّ منطقة وُجد من دون الاشتباه به قد تبدو كرحلة صيد أسماك لدى تطبيقها في المناطق الحضرية التي تضمّ أعداد مرتفعة من ذوي البشرة السوداء والأقليات العرقية.
وأضاف قائلاً: "نودّ إخراج السكاكين والمسدسات من شوارعنا- وأن نقوم باستهدافها واستهداف الأشخاص الذين يقومون بأعمالٍ مدمّرة. ستتوصّلون إلى ذلك من خلال عملكم مع المجتمع وليس من خلال عزل الأشخاص الجيدين."
وأعلن هيندز أنّه يتوجّب على الحكومة أن تهتم بالصحة العقلية والنفسية في أوساط الشباب وأسباب انخراط الأولاد في العصابات عوضاً عن استخدام سلطاتٍ تنفيذية "رجعيّة". وأردف قائلاً: "ليست عمليات الإيقاف والتفتيش سوى جزء من المشهد الكامل، فالحقيقة أنّها لا تفعل شيئاً لوقف العنف في شوارعنا. لنقم بمنح تلك الشرطة نفسها المزيد من المال لاستخدامه في تلك التكتيكات التي لا تعمل ولننتظر إن كنّا سنحظى بنتيجة مغايرة. لا معنى لكلّ ذلك."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي التفاصيل أنّه بموجب التغييرات، أصبح بإمكان عناصر الشرطة العاديين أن يفرضوا المادة 60 على فترةٍ أطول وأن يصدّقوا أنّ العنف الخطير "قد" يحدث بدلاً من حدوثه بالفعل.
وأوردت وزارة الداخلية أنّه سيُطلب من قوّات الشرطة أن يسجّلوا بيانات متعلقة بالإيقاف والتفتيش وأن يراقبوا "استخدام (تلك السلطات) بشكل عادل ومناسب."
وفي هذا السياق، تقوم كليّة الشرطة حالياً بالتشاور بشأن إرشاداتٍ جديدة للقوات حول مشاركة المجتمع في عمليات الإيقاف والتفتيش.
وقال جون أبتر، رئيس اتحاد الشرطة في انجلترا وويلز أنّ عناصر الشرطة سيحاولون القيام بالبحث بطرقٍ مهنية ومحترمة. وأضاف قائلاً: "ليس الإيقاف والتفتيش أمراً ممتعاً، أعي ذلك وأتفهم أنّه يثير المشاكل".
كذلك أعلن مجلس رؤساء الشرطة الوطنية أنّ القوّة ضروريّة لمعالجة العنف وتجنّب الهجمات. وقال أدريان هانستوك نائب رئيس الشرطة وقائد عمليات الإيقاف والتفتيش: "يومياً، يصادر عناصر الشرطة في أرجاء البلاد أسلحة مخيفة وهم يحولون دون وقوع المزيد من الإصابات والوفيات من خلال استخدام صلاحيات التفتيش الموكلة إليهم. بوسع المادة 60 لإيقاف وتفتيش أيّ شخص ضمن منطقة محددة أن تشكّل إجراءً فعّالاً للغاية عندما تحصل حوادث عنفٍ، ويعتبر قادة الشرطة أنّ نسبة حدوث المزيد من أعمال العنف هو أمر محتمل."
© The Independent