ملخص
اعترض عدد من الضباط الكويتيين على الخريطة التي تتجاهل دولتهم وانسحبوا من المحاضرة التي كان يحضرها نحو 500 دارس من دول عربية بما فيها العراق
خطأ غير مقصود من أحد المحاضرين في كلية الأركان العسكرية المصرية كاد أن يؤدي إلى أزمة بين الكويت ومصر، لولا تدارك القاهرة الخطأ والتقدم باعتذار.
بدأت القصة بعد عرض أحد المحاضرين في إحدى دورات الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا خريطة للوطن العربي لا تتضمن الحدود الدولية لدولة الكويت، وتضعها ضمن حدود العراق، ليعترض عدد من الضباط الكويتيين على الموقف، وانسحبوا من المحاضرة التي كان يحضرها نحو 500 دارس من دول عربية، بما فيها العراق.
غضب برلماني
أدت تلك الواقعة إلى غضب برلماني في الكويت، حيث استنكر عضو مجلس الأمة الكويتي حمد المطر ما حدث، وطالب بضرورة تقديم الأكاديمية الاعتذار، والتعهد بعدم تكرار مثل هذا الخطأ، قائلاً في تصريح صحافي "الكويت خط أحمر".
كما طالب المطر وزيري الدفاع والخارجية الكويتيين باتخاذ موقف حازم وحاسم تجاه "سيادة الكويت ووجودها"، مشدداً على ضرورة أن يعتذر المحاضر فوراً أمام الجميع، وأن يعيد عرض الخريطة الفعلية للوطن العربي، التي تضم الكويت، وهدد بسحب جميع المبتعثين الكويتيين، وتحويلهم للدراسة في الأردن، في حال عدم الاعتذار.
كذلك، انتقد النائب سعود العصفور ما حدث، مؤكداً أنه يستوجب الاعتذار، وأن يكون لوزارتي الدفاع والخارجية موقف معلن، كما ثمن موقف الضباط الكويتيين الذين احتجوا على هذه الصورة، ورفضوا إكمال المحاضرة ما لم يعتذر المحاضر.
اعتذار سريع
وبعد ساعات من الكشف عن الواقعة أعلنت سفارة الكويت في القاهرة، في بيان، أنها تواصلت مع المكتب العسكري في القاهرة، الذي سارع بالاتصال مع المسؤولين في وزارة الخارجية المصرية والجهة المنظمة لهذه الدورة للوقوف على أسباب الواقعة، وأوضحت تلك الجهات أن عرض هذه الخريطة "كان خطأ غير مقصود من قبل المحاضر"، و"قد قدم القائمون على هذه الدورة اعتذاراً للحضور عن هذا الخطأ الذي لا يقصد به بأي حال من الأحوال الإساءة إلى دولة الكويت". مؤكدين أن العلاقات التاريخية والوثيقة التي تربط بين حكومتي وشعبي البلدين الشقيقين لا يمكن المساس بها أو التأثير فيها"، وفق نص البيان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدورها، أوضحت سفارة مصر لدى دولة الكويت، في بيان رسمي، أنه "بفحص ودراسة ما جرى تداوله عن خطأ في عرض خريطة غير دقيقة للوطن العربي خلال إحدى المحاضرات التي يشارك فيها ضباط كويتيون في جمهورية مصر العربية تبين أن الواقعة ترجع إلى خطأ فردي غير مقصود من أحد المحاضرين، جرى تداركه وإيضاحه للدارسين في حينه، وإيضاحه للأشقاء في الجهات الكويتية الرسمية المعنية".
وأكدت السفارة على "التقدير المشترك للعلاقات التاريخية والوثيقة التي تربط حكومتي وشعبي البلدين التي لا يمكن المساس بها أو التأثير فيها".
ويحمل تضمين الكويت ضمن حدود العراق حساسية تاريخية، حيث طالبت بغداد بضم أراضي الكويت عقب استقلالها عام 1961، وغزت القوات العراقية الكويت عام 1990، إلى أن جرى تحريرها في العام التالي بمشاركة جيوش دول عربية وأجنبية، في مقدمتها مصر التي عارضت الغزو بقوة دبلوماسياً وعسكرياً.
توترات
وعلى رغم العلاقات الوثيقة على المستوى الرسمي بين البلدين، تكررت في السنوات الأخيرة بعض التوترات، ففي عام 2020 ومع تفشي جائحة كورونا ولجوء السلطات إلى ترحيل العمالة غير الشرعية، قام عدد من العاملين المصريين الموجودين في مركز إيواء بما سمته السلطات "أعمال شغب" تعاملت معه قوات الأمن، ما أثار غضباً شعبياً مصرياً تطور لتلاسن بين البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، زاد من حدته وقوع اعتداء بالضرب على عامل مصري في أحد المتاجر.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، جرى تداول مقطع فيديو لمشاجرة بين شباب كويتيين وأفراد أمن إداري في أحد الأماكن بمحافظة الإسكندرية (شمال مصر)، ما أثار غضباً شعبياً وبرلمانياً في الكويت، لكن سفارة الكويت في مصر أوضحت لاحقاً أن ما ظهر في الفيديو هو تدخل أمني لفض خلاف طلبة كويتيين في ما بينهم.
وفي مطلع يوليو (تموز) الماضي كاد مقطع فيديو مفبرك أن يتسبب بأزمة دبلوماسية بين مصر والكويت، إذ قدمت وزارة الخارجية الكويتية مذكرة للسفير المصري تطالب فيها باتخاذ إجراءات قانونية ضد شخص زُعم أنه مواطن مصري ظهر في الفيديو وهو يحرق علم الكويت، وجرى الكشف في ما بعد عن أن المقطع المتداول قديم ولم يتم تصويره في مصر من الأساس.
علاقات الأخوة
السفير الكويتي لدى مصر غانم صقر الغانم كان قد قال في حوار صحافي في مارس (آذار) الماضي، إن "ما يثار من وقت إلى آخر على وسائل التواصل أصوات فردية تغرد خارج السرب، ولا تعكس علاقات الأخوة الراسخة والمتأصلة بين الشعوب العربية التي ترتبط بصلات الأخوة والقيم المشتركة ووحدة الهدف والمصير".
وبحسب أرقام رسمية كويتية، يصل عدد العاملين المصريين في الكويت إلى أكثر من 486 ألف شخص، يمثلون المركز الثاني بعد الهنود في إجمالي سوق العمل الكويتية بواقع 17 في المئة من قوة العمل في البلاد.
وكانت السلطات الكويتية قد ألغت العام الماضي اتفاقية ربط القوى العاملة مع مصر، ووقف إصدار أذونات عمل للمصريين، في إجراء فسر رسمياً ضمن إجراءات لتنظيم العمالة ومواجهة السماسرة وتجار الإقامات، وليست موجهة ضد جنسية معينة، ونفى مسؤولو الكويت أي نية للاستغناء عن العمالة المصرية.
وتبلغ الاستثمارات الكويتية في مصر نحو 15 مليار دولار، وفق تصريحات سابقة للسفير الكويتي في القاهرة.