ملخص
كثف الصديق حفتر حراكه خلال الآونة الأخيرة مما أثار تكهنات حول شأن طموحاته السياسية في ظل الغموض الذي يلف مستقبل والده
ما كان مجرد تخمينات بات حقيقة في ليبيا بعد إعلان النجل الأكبر لقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، في تطور بدا مفاجئاً، لا سيما وأن الأنظار كانت تتجه إلى صدام حفتر، بينما جاء الإعلان على لسان الصديق.
وكثف الصديق حفتر حراكه خلال الآونة الأخيرة مما أثار تكهنات في شأن طموحاته السياسية في ظل الغموض الذي يلف مستقبل والده وأمامه كثير من المطبات في طريق ترشحه المحتمل للانتخابات الرئاسية، بينها الجنسية الأميركية وقيادته الجيش.
ولطالما اتهم كثيرون خصوم حفتر الأب بالسعي إلى استغلال هذين المعطيين لاستبعاده من السباق الرئاسي، ومع ذلك فقد تقدم الجنرال الليبي بترشحه للاستحقاق الذي كان مقرراً في الـ 24 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي قبل تأجيله بسبب خلافات حول القوانين الانتخابية.
وبعد إفصاحه عن طموحه المتمثل في رئاسة ليبيا خلال المرحلة المقبلة، فإن التساؤلات التي تشغل المتابعين الآن تتعلق بـ "هل للصديق حفتر شعبية تسمح له بالوصول إلى دفة الحكم؟ وهل إرث والده بما يحمله من نجاحات وإخفاقات وانتقادات وحتى ملاحقات قضائية قد يكون عاملاً حاسماً في هذا الترشح؟"، وفيما أخذنا آراء عدد من المحللين حول ذلك لم يرد الجيش الليبي على طلب للتعليق.
"لا شعبية للصديق حفتر"
على رغم أنه يبذل منذ فترة جهوداً لتعزيز حضوره على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها لإظهار أنه من الشباب الصاعد والقادر على قيادة ليبيا بعد أعوام من الدمار والأزمات السياسية والأمنية، إلا أن مراقبين يعتقدون أن الرجل يفتقد الشعبية التي تمكنه من خوض غمار الاستحقاق الرئاسي، وقال نجل حفتر في حوار بثته وكالة "رويترز"، "أنا ممثل الجيل الشاب في ليبيا، وأعتقد أنني أملك كل الوسائل المطلوبة لإرساء الاستقرار في ليبيا وتحقيق تماسك الليبيين ووحدتهم".
ومنذ أشهر قام الصديق حفتر الذي لا يتقلد أية مسؤوليات في الجيش الذي يقوده والده، بتحركات مكثفة داخل ليبيا وخارجها، إذ عين رئيساً شرفياً لنادي المريخ السوداني مما جعله يزور في أبريل (نيسان) الماضي الخرطوم لتكريمه في خطوة أثارت جدلاً سياسياً واسعاً آنذاك.
وفي داخل ليبيا استقبل الصديق حفتر في يونيو (حزيران) الماضي السفير التركي في بنغازي خلال زيارة نادرة قام بها الرجل إلى شرق البلاد الذي تعارض فيه السلطات حضور أنقرة العسكري في غربها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما يحضر نجل حفتر اجتماعات وفعاليات تدعم الشباب لتأكيد وقوفه إلى جانب هذه الفئة، وقال الباحث السياسي الليبي محمد محفوظ "لا أظن أن نجل حفتر لديه شعبية تؤهله خوض غمار الانتخابات، والحديث عن أنه مدفوع بوالده مدعوم بالحجج لأن أشقاءه صدام وخالد وبلقاسم لديهم تأثير ونفوذ أكبر بكثير مما يملكه الصديق، ولذلك فمن الصعب الحديث عن دعم عائلي وأسري ومن والده تحديداً في هذه الخطوة".
وشدد محفوظ في تصريح إلى "اندبندنت عربية" على مسألة صعوبة دخول حفتر الانتخابات إذ إنه من الباكر الحديث عنها، لكن تسريبات خرجت بأن الصديق سيكون مرشحاً حتى قبل حديثه، لكن من غير المؤكد ما إذا كان ترشحه مقبولاً من والده وأشقائه".
"لا نية للترشح لدى الصديق"
وفيما لم يرد الجيش الليبي على طلب للتعليق حول الأمر، فإن الباحث السياسي الليبي المقرب منه محمد قشوط اعتبر أنه "تم تأويل كلام الصديق، وما قاله في فرنسا نوع من الإثارة ولفت الأنظار، وهو أمر تعودنا عليه خلال الفترة الأخيرة".
ولفت قشوط إلى أن "الصديق حفتر عودنا في ظهوره عبر عدد من المحافل على هكذا تصريحات، وتقمص كثير من الأدوار إلى درجة أنه أصبح محل امتعاض شعبي".
وأبرز الباحث السياسي أنه "لو فرضنا أنه ترشح فلا شعبية له ولا حظوظ للمنافسة، وفي اعتقادي أن المشير حفتر سيبقى المرشح الأول، وكل ما يقال حول الصديق هو محاولة لتشويه المؤسسة العسكرية وضرب دورها الوطني الذي قامت به لأعوام".
وكان حفتر أطلق حملات انتخابية باكرة عبر عدد من المشاريع التي دفع بها في المنطقة الشرقية الخاضعة لسيطرته، لكن من غير الواضح إذا ما زال يسعى إلى الترشح لرئاسة البلاد التي مزقتها الحروب والأزمات السياسية.
وقال قشوط إن "هناك زخماً شعبياً قوياً حول المشير حفتر يؤهله لقيادة ليبيا، ولا يوجد أي مانع قانوني أمامه، لذلك أعتقد أنه سيبقى المرشح الأول، بخاصة وأن القوانين الانتخابية التي أعدتها لجنة (6+6) التابعة للبرلمان والمجلس الأعلى للدولة تنص على شروط تنطبق على حفتر".
صدام بين أبناء حفتر
المثير في إعلان الصديق حفتر أنه من غير الواضح ما إذا كان بضوء أخضر من والده أم أنه تحرك فردي، خصوصاً أن أشقاءه لديهم طموحات سياسية، ولا سيما صدام الذي يقود الكتيبة (106) التي حققت نجاحات مهمة للجيش الليبي، ومن بينها استعادة السيطرة على مدينة بنغازي، ثالث أكبر المدن الليبية ومركز إقليم برقة في شرق البلاد، بعد معارك عنيفة في يوليو (تموز) 2017.
ولدى المشير حفتر (79 سنة) ستة أبناء هم خالد وصدام وعقبة والصديق والمنتصر وأسماء، ويُعد صدام الأقرب لهذا الموقع كونه يقود كتيبة عسكرية لها ثقل قوي على الأرض ويمسك بالملف السياسي كذلك.
وقال رئيس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا رشيد خشانة إن "هذا الإعلان ينذر بصدام بين أبناء حفتر لا يخفى عن كثيرين، فكل أبناء المشير لديهم طموحات سياسية وكل واحد منهم يحاول تقديم نفسه على أنه القادر على إعادة الاستقرار لليبيا".
وأردف خشانة في تصريح خاص أن "حفتر يمسك بالملف العسكري والسياسي والدبلوماسي، وله علاقات واسعة خارجياً مع الولايات المتحدة وروسيا، ولذلك يحظى بدعم خارجي مهم".
وواصل قائلاً، "صدام يملك علاقات قوية مع الولايات المتحدة وعواصم عربية فاعلة في الملف الليبي ودول قد تفرضه"، مشيراً إلى أن "أبناء حفتر بصدد تنازع المناصب التي تسند الآن لكل واحد منهم، وكل شخص يحاول إظهار أنه الابن المدلل لوالده".
وأضاف خشانة أن "الصراع سيحسم في النهاية لمصلحة أحدهم بترشحه إلى رئاسة ليبيا، لكن ذلك لا يعني أنه سيكون رئيس ليبيا المقبل لأن هناك فرقاً بين الترشح وإمكانات الفوز".