Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا مدعوة إلى التحول لـ"قوة كبرى لها أسنان"

الدول الأوروبية لا تحب القوي في المجموعة بينما قادة الصين وروسيا يريد كل منهما أن يكون الأقوى فيها

ليس عادياً أن تبقى القارة العجوز في حاجة دائمة إلى المظلة الأمنية الأميركية (أ ف ب) 

ملخص

التحول الأوروبي من "قوة ستاتيكو" إلى "قوة تغيير" لن يكون رحلة بلا حواجز

ليس أمراً عادياً أن تتولى الولايات المتحدة قيادة أوروبا في دعم أوكرانيا ضد روسيا في الحرب الدائرة بينهما، ولا أن تبقى القارة العجوز في حاجة دائمة إلى المظلة الأمنية للقارة الشابة التي بناها أوروبيون مهاجرون، لكن هذا ما حدث منذ الحرب العالمية الثانية، حيث قامت أميركا بالجهد الأكبر في هزيمة النازية والفاشية والعسكرية اليابانية، ثم في حماية أوروبا مما سمته "الخطر الشيوعي" قبل انهيار الاتحاد السوفياتي.

ولولا الحرب الروسية - الأوكرانية وما فتحته من أخطار على أوروبا لبقي الأوروبيون يستمتعون بـ"رحلة مجانية" في القطار الأميركي.

قبل الحرب دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "استقلال استراتيجي" أوروبي، وتكوين قوة أوروبية ضاربة ضمن حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي قال إنه في "موت سريري"، لكن الدعوة بقيت من دون تجاوب.

بعد الحرب بدت "عسكرة" أوروبا خياراً لا مهرب منه، دول البلطيق تحسست رؤوسها مع أنها ضمن حلف "الناتو"، وفنلندا والسويد سارعتا إلى طلب الانضمام للحلف، فيما قرر المستشار الألماني أولاف شولتز تخصيص 100 مليار دولار لتسليح جيشه واعداً بأن يصبح "أقوى جيش بري" في أوروبا.

وفي مقال نشرته "فورين أفيرز" سأل شولتز "كيف نستطيع كأوروبيين وكاتحاد أوروبي أن نبقى مستقلين في عالم متعدد الأقطاب؟"، وكان جوابه هو التركيز على أن يتضمن دور ألمانيا الجديد "ثقافة استراتيجية جديدة تعكس استراتيجية الأمن القومي".

ولم يتأخر شولتز في صوغ استراتيجية الأمن القومي انطلاقاً من الاعتراف بتصور خاطئ بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وهو اللاحاجة إلى الحفاظ على نصف مليون جندي ما دامت روسيا جارة صديقة وشريكة"، أما اليوم فإن المستشار الألماني يتحدث عن "وقف مشروع روسيا الانتقامية الإمبريالية".

لكن التحديات أمام أوروبا تحتاج إلى ما هو أكثر من التطور الألماني، فلا "عسكرة" أوروبا بدت أكثر من إجراءات متفرقة سريعة من نوع رد الفعل في كل دولة، ولا الأوروبي الذي اعتاد التمتع بالحياة في دول الرفاه مطمئناً إلى حمايته الأميركية على استعداد للانقلاب السريع على نمط حيانه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن هنا مسارعة راديك سيكورسكي، وهو وزير دفاع سابق في بولندا، إلى مطالبة أوروبا بأن تصبح "جدية في الدفاع عن نفسها"، فهي اليوم "قوة هجينة"، فمن جهة "مساوية لأميركا والصين في مستويات التجارة والاستثمار"، ومن جهة أخرى "لاعب صغير في الدفاع والأمن"، و"كل قوة بلا أسنان ليست قوة كبرى أبداً"، بحسب وصفه.

وما يراه سيكورسكي هو أن البلدان الأوروبية "قوى ستاتيكو" والصين "قوة تعديل" ستقرر متى وكيف تقلب النظام العالمي، وما يطلبه بإلحاح هو "أن تحول أوروبا نفسها من كونفيديرالية ضعيفة عسكرياً إلى قوة كبرى حقيقية".

ليس ذلك سهلاً، فلا المصالح والحسابات والخيارات القومية في البلدان الأوروبية أصبحت واحدة، ولا التحول الأوروبي من "قوة ستاتيكو" إلى "قوة تغيير" سيكون رحلة بلا حواجز، على عكس المسار الطبيعي الذي تنتهجه روسيا لإحداث التغيير عبر القوة كما كان الاتحاد السوفياتي من قبل.

أليس ما يفعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حرب أوكرانيا وما فعله قبلها، هو العودة إلى الجيوبوليتيك في روسيا القيصرية، ثم في الاتحاد السوفياتي؟ وهل يجهل أحد الترجمة العملية لقوله إن سقوط الاتحاد السوفياتي هو "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن الـ20"؟

أوروبا تتمهل وتتردد، وهي تعرف من تجربتها التاريخية أنه لا أحد يحب القوي في المجموعة، وهذا ما انطبق على الشعور حيال صعود القوة الألمانية من بسمارك إلى هتلر، وقوة بريطانيا العظمى، وكذلك القوة الفرنسية، لكن قادة الصين وروسيا يريد كل منهما أن يكون القوي في المجموعة ويؤمنان بقول ميكيافيللي "أن يكون الأمير مرهوباً أفضل من أن يكون محبوباً، والأفضل أن يكون مرهوباً ومحبوباً".

المزيد من تحلیل