ملخص
"غوغل" يحتفل بعيده 25 وفي مقابل كل ما يقدمه من خدمات هو غير محصن ضد الأخطاء خصوصاً في خدمة الخرائط
يحتفل اليوم محرك البحث "غوغل" بعيده 25 وعلى الرغم من كل الفوائد التي قدمها هذا الموقع الذي أصبح لا غنى عنه لأي مستخدم للإنترنت، لا تزال توجد بعض العثرات في دقة معلوماته. فبسبب خطأ في خرائط "غوغل"، لقي فيليب باكسون وهو أب لطفلين حتفه عندما سقطت سيارته بشكل مفاجئ من أعلى جسر كان قد هدم قبل تسع سنوات، فتوفي غرقاً بعد لحظات من سقوطه.
وكان الرجل الأميركي يقود سيارته عائداً من حفل عيد ميلاد ابنته، مستنداً إلى إرشادات خرائط "غوغل" التي لم تحدثها الشركة، كما من المفترض أن يحصل، فوجهته لعبور الجسم المنهار، هذا ما دفع أسرته إلى إقامة دعوى بحق الشركة لمقاضاتها بتهمة الإهمال وعدم تحديث المعلومات التي تضعها في متناول المستخدمين. فبسبب عدم تحديث نظام الملاحة الخاص بالخرائط في المنطقة، وقع الرجل ضحية هذا الخطأ كبير فأودى بحياته.
في الأعوام السابقة، تقدم عديد من الأشخاص بشكاوى لشركة "غوغل" لتحديث بيانات الملاحة الخاصة بالمنطقة عينها التي حصلت فيها الحادثة، تجنباً لوقوع حوادث وسقوط ضحايا في المكان. فإن الشركة أخفقت في ذلك مما أودى بحياة باكسون. فهل هذا النوع من الأخطاء يمكن أن يتكرر مع خدمة خرائط "غوغل" التي يستند إليها الملايين حول العالم في تنقلاتهم اليومية على الطرقات؟
مصادر متعددة لخرائط "غوغل"
في السنوات الأخيرة، باتت خرائط "غوغل" تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إذ يعتمد معظمنا عليها تلقائياً في التنقلات على الطرقات مستنداً إلى إرشاداتها التي تمتاز بالدقة بشكل عام. هي خدمة متوافرة للكل، فاستطاعت أن تسهل حياتنا فعلاً، هذا لا يعني أن الموقع لا يقع بعثرات. مثلاً في لبنان، خصوصاً في المناطق الجبلية، يوجه أحياناً "غوغل" السائقين إلى طرقات ترابية، تحدث أضراراً في السيارات. سلسلة هذه الحوادث المتفرقة في أنحاء العالم تستوجب حذر المستخدمين وسرعة التصحيح عند القيمين على أكبر محرك بحث على الشبكة العنكبوتية. ووفق ما يوضحه الخبير في التحول الرقمي بول سمعان، لخرائط "غوغل" مصادر عدة للمعلومات تعتمد عليها، أولها سيارات خاصة بها مزودة بكاميرات ثلاثية الأبعاد تتجول في الطرقات وتحصل على المعلومات والصور منها، فتضعها على خدمة خرائط "غوغل" لتصبح في متناول المستخدمين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما المصدر الثاني، لمعلومات خرائط "غوغل"، فمن المستخدمين أنفسهم الذين يلجأون إلى الخدمة، فيسهمون في تعزيز البيانات وتحديثها فيها عبر تحديد الموقع الذي هم فيه وربما التقاط الصور منه. بهذه الطريقة، يمكن لكل مستخدم أن يلعب دوراً في تحديث الخدمة وتطويرها. علماً أنه في خرائط "غوغل" خوارزميات معينة تعمل على أساس عدد المستخدمين في موقع ما لتعطي نسبة معينة لكل موقع تحدد على أساسها مدى دقة المعلومة، إذ من الممكن أن يعطي بعض المستخدمين معلومات خطأ عن المواقع، فيما تساعد الخوارزميات على تصنيف المواقع بمزيد من الدقة للاقتراب قدر الإمكان من الإجابة الصحيحة، من خلال النسب التي تضعها للمواقع. وبشكل عام، يمكن لأي مستخدم أن يسهم في تحديث معلومات خرائط "غوغل"، سواء بالتبليغ عن شق طرقات جديدة أو عن إقفال أخرى أو عن أي تغيير في المواقع والطرقات.
وتعتبر الأقمار الاصطناعية مصدراً إضافياً لبيانات خرائط "غوغل" وإحدى الوسائل التي تعتمد عليها لتحديثها، وذلك من خلال صور عالية الجودة ومخططات. في الوقت نفسه، تتوافر في الخدمة خوارزميات تعمل على تحليل البيانات والصور التي تحصل عليها من مصادرها، وذلك لمزيد من الدقة في المعلومات، كما تعمل الشركة على المقارنة بين الصور القديمة وتلك الجديدة ومع التحديثات التي يسهم فيها المستخدمون، في عملية التحديث التي تجريها.
وقد تعتمد خدمة خرائط "غوغل" أيضاً أحياناً على حكومات تتعامل معها لتزويدها بمعلومات عن تغييرات في طرق معينة، فتحصل منها على بيانات إضافية.
تحديث بوتيرة متفاوتة
تؤكد الشركة حرصها على تحديث خرائطها باستمرار، وإن كانت لا تحدد الفترة التي يجرى خلالها هذا التحديث، فقد تختلف هذه الفترة بحسب المناطق والمواقع وما إذا كانت التغييرات فيها كثيرة ومتكررة. ففي المناطق الكبرى، تحصل التحديثات بسرعة كبرى، فيما قد تتأخر أكثر في المناطق التي تقل فيها التغييرات، بما لا يستدعي التحديث المتكرر.
وعلى أثر الحادثة الأخيرة التي حصلت، كانت الشركة قد أصدرت بياناً مقتضباً، أكدت فيه أنها حريصة دائماً على تزويد المستخدمين بمعلومات دقيقة وأنها تتابع هذه القضية، فيما تقدمت بالتعازي لعائلة الضحية، من دون أن تعطي مزيداً من التفاصيل، لكن مما لا شك فيه أنها ارتكبت خطأً فادحاً أودى بحياة شخص، وفق ما يوضحه سمعان. علماً أن هذه ليست الحادثة الأولى التي تحصل بسبب أخطاء مماثلة في خرائط "غوغل"، وإن كانت هذه القضية بشكل خاص قد أثارت ضجة واسعة، فقد تكررت الحوادث البسيطة التي بلغ عنها مستخدمون، وهناك حادثة خطيرة أخرى أيضاً في عام 2021 توفي فيها هندي بعد أن أرشدته خرائط "غوغل" باتجاه أحد السدود والبحيرات حيث لقي حتفه أيضاً.
لتجنب مثل هذه المخاطر، يحذر سمعان من خطورة تتبع خرائط "غوغل" أو أي وسيلة من وسائل التكنولوجيا المتوافرة، بعشوائية تامة، إذ لا يمكن الوثوق بها بنسبة 100 في المئة. فالوعي مطلوب هنا، ولا بد لكل مستخدم من الحذر لأنه مهما كانت هذه الخدمات دقيقة، دقتها ليست مطلقة، ويبقى احتمال حصول الخطأ وارداً. لذلك، تبرز أهمية ترك المجال مفتوحاً للتحليل الشخصي بوعي تجنباً للمخاطر.
مسؤولية مشتركة بين الحكومات و"غوغل"
في هذه الحادثة التي حصلت، لا يمكن تحميل شركة "غوغل" ولا الحكومات كامل المسؤولية، بل هي مسؤولية مشتركة. فالمطلوب من الشركة أن تحرص وتتمسك بالتحديثات باستمرار، وأن تكون في غاية الحرص على التأكد من الخرائط لديها، ومن مصادر معلوماتها. هي شروط أساسية لا يمكن الاستغناء عنها أبداً، تحت أي ظرف من الظروف، كما يمكن أن توجه الشركة المستخدمين وتسهل عليهم مهمة تعزيز المعلومات التي لديها، والتبليغ عن طرقات أكثر أو أقل خطورة، أو عن تغييرات في الطرقات. فيمكن أن تذكرهم بذلك بشكل متواصل لأنها مسألة تساعد إلى حد كبير في تحديثات خرائط "غوغل" لتكون مواكبة لأي تغيير بالدقة المطلوبة، إضافة إلى ذلك، على خرائط "غوغل" العمل على زيادة مصادرها، إضافة إلى التحديث والعمل على الخوارزميات، ما يسمح بتقليص مجال الخطأ أكثر بعد، وإن كان مجال الخطأ أصلاً غير كبير في الخدمة.
إنما في كل الحالات، يصعب تحقيق مستوى الدقة المطلوبة والمطلقة في التكنولوجيا. "بالنسبة للحكومات، تقع عليها أيضاً مسؤوليات في تصليح الطرقات أو إقفال تلك غير الصالحة للاستخدام، بوضع علامات تنبيه بوجود طريق تحمل مخاطر، كما أنه من المفترض بها صيانة الطرقات والتأكد من أنها تراعي معايير السلامة. فهي من المسائل التي من ضمن مسؤولياتها حتماً، بما أن أي إهمال من هذا النوع يمكن أن يشكل خطراً على السلامة العامة ويودي بحياة أشخاص لا ذنب لهم. وفي الحادثة الأخيرة، من المتوقع أن يأخذ القضاء بعين الاعتبار ذلك في التحقيق وفي الحكم الصادر عنه".