ملخص
وزير الدفاع الإسرائيلي في ألمانيا لتعزيز العلاقات الأمنية وتوقيع صفقة أسلحة بقيمة 3.5 مليار دولار
تنشغل إسرائيل خلال الأيام الأخيرة في بحث سبل مواجهة التطورات السياسية والأمنية في المنطقة وانعكاساتها على وضعها الأمني، وما تدعيه من خطر دائم ومتصاعد على أمنها وحتى على وجودها.
وفي حين عاد الوضع الأمني جنوباً من جهة قطاع غزة إلى واجهة الأحداث الأمنية في موازاة الوضع عند الحدود الشمالية تجاه لبنان، اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن الحدود الشرقية تجاه الأردن لا تقل خطورة على أمن إسرائيل، ودعا إلى وضع خطة لتعزيز الأمن الحدودي هناك.
وما بين تعزيز الأمن الحدودي وسبل مواجهة التطورات الأمنية، وصل إلى ألمانيا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في زيارة تهدف بالأساس إلى بلورة إعلان مشترك مع نظيره الألماني بوريس بيستوريوس، لتعزيز العلاقات الأمنية والتوقيع على أضخم صفقة لبيع ألمانيا منظومة الدفاع الصاروخي "حيتس 3".
كما أوصى معهد أبحاث الأمن القومي متخذي القرار في إسرائيل بإبرام "عقد دفاعي" مع الولايات المتحدة لتعزيز العلاقات طويلة الأمد والرد الاستراتيجي على التحديات المستقبلية، على أن يستخدم في حال تعرضت إسرائيل لتهديدات متطرفة ووجودية، خصوصاً في مقابل إيران، وفي حال حدوث سباق تسلح نووي متعدد الأطراف، شرط عدم مشاركة إسرائيل في حروب أميركية خارج المنطقة".
قدرة الردع الإسرائيلية
وتأتي توصية إبرام معاهدة الدفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة لضمان تعزيز علاقة طويلة الأمد، خصوصاً في ظل توتر العلاقة بين البلدين في ظل حكومة اليمين ومشاريعها الاستيطانية وسياستها تجاه الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه خطة "الإصلاح القضائي" التي طالبت الإدارة الأميركية أكثر من مرة بالتراجع عنها من دون تجاوب الحكومة.
وخشية انعكاس هذا التوتر على العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، رأى باحثون أمنيون سابقون كبار في معهد أبحاث الأمن القومي، ضرورة في إبرام معاهدة دفاع تكون ملزمة أيضاً للحكومات الإسرائيلية في أي قرار تتخذه تجاه الولايات المتحدة.
كما أشار معدو التوصيات إلى أن "ما يهدد مستقبل هذه العلاقات حالياً، هو التأثير السلبي المتراكم لسياسة إسرائيل في الموضوع الفلسطيني وتحولات ديمغرافية - سياسية عميقة تشهدها الولايات المتحدة".
وبحسب ما يرى مقدمو التوصيات فإن مثل هذه المعاهدة ستكون جزءاً من السياسة الوطنية لكلا البلدين وتعزيزاً العلاقة طويلة الأمد. إضافة إلى ذلك فإن "من شأن إبرام معاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة أن يعزز قدرة الردع لدى إسرائيل في مواجهة خصومها، وترسيخ الالتزام الأميركي طويل الأمد بأمن إسرائيل في أذهان الجهات كافة، وهو ما قد يحتاج إلى دعم أميركي في حال تحول إيران إلى دولة نووية، بل وأكثر من ذلك إذا ظهر شرق أوسط متعدد الاستخدام النووي".
مخاوف من هذه المعاهدة
وعلى رغم الحاجة الإسرائيلية الكبيرة لمثل هذه المعاهدة مع الولايات المتحدة، إلا أن صناع القرار وقادة الأجهزة الأمنية بحثوا تداعياتها على حرية قرار إسرائيل في اتخاذ أية خطوة أو عمل للدفاع عن أمنها.
وبحسب "معهد الأبحاث" فإن معارضة المعاهدة "تستند أولاً وقبل كل شيء إلى خوف إسرائيل من فقدان حريتها في العمل والمطالبة بالمعاملة بالمثل، أي المساعدة في الدفاع عن الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم ودعم سياستها العالمية، لكن من الناحية العملية فإن التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة عميق لدرجة أن إسرائيل نادراً ما تتخذ إجراءات عسكرية أو سياسية كبيرة من دون استشارة الولايات المتحدة والحصول على موافقتها".
وشدد معدو التوصية على ضرورة دعم إسرائيل للسياسة العالمية للولايات المتحدة كحليف رسمي، وعليه "فإن إبرام عقد دفاعي سيضمن وصول إسرائيل إلى الأسلحة الأميركية المتقدمة والتقنيات الفريدة التي ستحافظ على تفوقها العسكري النوعي".
ويوصي "معهد الأبحاث" الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية بالاستفادة من معاهدة الدفاع لتعزيز البنى الأميركية الإقليمية "التي من شأنها ضمان توافق استراتيجي متعدد الأطراف يخفف من مخاوف حلفاء الولايات المتحدة في شأن خفض مشاركة الولايات المتحدة في المنطقة". وأضاف المعهد "لا تحتاج إسرائيل إلى معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة للتعامل مع تهديدات مثل ’الإرهاب‘ و’حزب الله‘ و’حماس‘، فيما لن ترغب الولايات المتحدة من جانبها في الالتزام بالتعامل معها، لذلك لكي تحافظ إسرائيل على حريتها في العمل ولا يطلب منها خوض الحروب العالمية للولايات المتحدة يجب أن ترسخ المعاهدة الالتزام الأميركي بالميزة النوعية لإسرائيل ومنحها حرية التصرف كما هو الأمر حتى الآن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
توسيع تعزيز العلاقات الأمنية
وإلى جانب الولايات المتحدة تحرص إسرائيل على الحفاظ على علاقات أمنية وثيقة مع مختلف الدول وفي مقدمها ألمانيا، التي عقدت معها صفقات أسلحة ضخمة من بينها السفن التي حصلت عليها إسرائيل وتعتبر الأكثر تطوراً ودقة.
وفي زيارته إلى ألمانيا وعلى رغم ضخامة صفقة صواريخ "حيتس"، إلا أن غالانت والأجهزة الأمنية والعسكرية في إسرائيل يعتبرون الإعلان المشترك بتعزيز العلاقات الأمنية بين تل أبيب وبرلين "في غاية الخطورة في ظل الأوضاع المتفاعلة في المنطقة". وبحسب وزارة الأمن الإسرائيلية، سيبحث وزيرا أمن البلدين "التهديدات الأمنية والتحديات الإقليمية في الشرق الأوسط وأوروبا".
يشار إلى أن منظومة "حيتس 3" للدفاع الصاروخي مزودة برأس حربي قابل للانفصال بهدف الاصطدام بالهدف وإسقاطه، وهي منظومة مصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي للأرض، بارتفاع يسمح بتخلص آمن من أي رؤوس حربية غير تقليدية"، وفق وزارة الأمن الإسرائيلية.
وكان رئيس مديرية الدفاع الصاروخي الإسرائيلية موشيه باتيل أعلن أن "هذه الصفقة لن تكون الوحيدة، وستعقبها صفقات أخرى مع مباشرة عمل المنظومة بكامل طاقتها في ألمانيا في عام 2030".
الدفاع الأمني الداخلي... دفتر لكل وزير
وأمام الجهود الإسرائيلية الدولية للحفاظ على أمنها وتعزيز العلاقات الخارجية يعمل نتنياهو على ضمان الأمن الداخلي، في ظل ظاهرة تسريب المعلومات الأمنية من وزراء ومسؤولين يشاركون في أبحاث أمنية في غاية الحساسية.
ووضع نتنياهو خطة لمنع التسريبات اعتبرها بعض المسؤولين والوزراء إهانة كبيرة للمشاركين في الاجتماعات، وأبرز ما في الخطة عدم مشاركة مساعدي الوزراء في اجتماعات حساسة وفي اجتماعات الكابينت (مجلس الوزراء الأمني المصغر). كما طلب نتنياهو من مكتبه إعداد دفتر خاص لكل وزير يشارك في اجتماعات حساسة، على أن يسجل ملاحظاته ويعيده لمكتب رئيس الحكومة بعد الاجتماع"، وهو طلب لاقى كثيراً من السخرية، إذ لن يمنع أي تسريب لمعلومات من الاجتماعات الأمنية والحساسة.
إلا أن مصادر مطلعة على الموضوع قالت إن الذين يشاركون في المناقشات الأمنية الحساسة، بما في ذلك مداولات الكابينت يدخلون بدفاتر شخصية ويدونون ما ورد في الاجتماعات ويسربونها لاحقاً.
في جانب آخر من الدفاع الأمني الداخلي أوعز نتنياهو إلى أجهزة الأمن ببناء جدار على طول الحدود مع الأردن، قائلاً "إذا لم تغلق إسرائيل حدودها الشرقية فلن تظل دولة يهودية"، وجاء حديث نتنياهو في ظل محاولات تسلل كثيرة ليس فقط من عناصر مقاتلة، إنما أيضاً من متسللين مهاجرين، تعتبرهم إسرائيل خطراً لا يقل جدية عن الخطر الأمني.
وفي طرح خطته للجدار حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي من الأخطار المحدقة بإسرائيل، "جراء عدم إحكام إغلاق الحدود مع الأردن عبر بناء جدار بطول المناطق الحدودية".