Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استنزاف في الخرطوم بـ"القذائف والاتهامات" وسقوط 11 ضحية

قصف عشوائي متبادل في العاصمة ومعارك برية عنيفة بأم درمان والأمم المتحدة تصف الأزمة الإنسانية بـ"الأخطر في العالم"

ملخص

استمرت الهجمات المتبادلة بالقصف المدفعي والمسيرات منذ الساعات الأولى من صباح أمس، وسط اشتباكات متقطعة بين الجانبين في مناطق عدة بالخرطوم وأم درمان. ماذا يحدث في السودان اليوم؟

أودى مسلسل القصف (العشوائي) المتبادل بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"، أمس السبت، بحياة 11 مدنياً بشكل مأسوي، بينهم أطفال ونساء وشيوخ وأسر كاملة، فضلاً عن عشرات الإصابات بجروح خطرة متفاوتة، وذلك في مناطق متفرقة عدة من العاصمة السودانية بكل من مايو جنوب الحزام بالخرطوم، والثورة وأم بدة بأم درمان، في حين ظلت الاتهامات متبادلة بين الطرفين المتقاتلين على رغم تكرار سقوط عشرات الضحايا المدنيين.

الضحايا الجدد

بحسب غرفة طوارئ جنوب الحزام فقد أدى قصف طائرة مسيرة منطقة مايو "مربع 31"، إلى مقتل ثلاثة وإصابة 17 آخرين بينهم ستة أطفال، بعضهم في حال خطرة في ظل صعوبات بالحركة والتواصل.

كما لقي خمسة أشخاص في الأقل مصرعهم منهم ثلاثة أفراد من عائلة واحدة وأصيب آخرون، بحسب بيان للجنة الخدمات بالحي، إثر سقوط مقذوف مدفعي (دانة) على منزلهم بـ"أم درمان الثورة" الحارة الثانية، خلال هجوم لقوات "الدعم السريع" استهدف نقاط ارتكاز للجيش في المنطقة.

وأودى قصف بمسيرات زعم أنها تتبع للجيش في منطقة أم بدة، الحارات 5 و6 و7 و15 و21، بحياة ثلاثة مدنيين (رجل مع طفليه الاثنين)، وإصابة وجرح عدد من الضحايا الآخرين.

تواصل المعارك

ميدانياً تجددت المعارك والقصف المدفعي المتبادل بين الطرفين بالعاصمة الخرطوم أمس السبت بدرجة أقل حدة مما كانت عليه خلال الأسبوع الماضي، ودوت خلالها انفجارات قوية في محيط القيادة العامة للجيش وما حولها في شرق مطار الخرطوم وحتى محيط المدينة الرياضية وجامعة أفريقيا جنوباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودارت معارك برية شرسة تركزت بشكل كبير بحسب شهود عيان في مناطق "السوق الشعبية" ومحيط المنطقة الصناعية وأحياء مربعات أبو سعد والفتيحاب حول سلاح المهندسين جنوب مدينة أم درمان، التي شهدت قصفاً متبادلاً كثيفاً بين الطرفين في غربها وجنوبها وشرقها تصاعدت معه أعمدة وسحب الدخان في سماء المنطقة.

واستمرت، وفق الشهود، الهجمات المتبادلة بالقصف المدفعي والمسيرات منذ الساعات الأولى من صباح أمس، وسط اشتباكات متقطعة بين الجانبين في مناطق عدة بالخرطوم وأم درمان شنت خلالها مدفعية الجيش هجمات قوية على مواقع قوات "الدعم السريع" بأحياء أم درمان القديمة ووسطها ومحيط مداخل "جسر شمبات" الرابط بينها وبين الخرطوم بحري.

انفتاح أكبر

وتصاعدت سحب وأعمدة الدخان الأسود في محيط سلاح المدرعات والأحياء المحيطة به، نتيجة مهاجمة مدفعية الجيش لتجمعات "الدعم السريع" بالمنطقة، مع استمرار عمليات التمشيط البري في منطقة الكلاكلة بمحاذاة أبو آدم جنوب الخرطوم.

وكشفت مصادر عسكرية عن تقدم لقوات الجيش السوداني وزيادة وتيرة ومساحات انفتاحه في أطراف مدينة أم درمان بهدف تطويقها، وأحرزت قوات العمل الخاص البرية المشتركة بين الجيش وهيئة العمليات بجهاز الأمن والاستخبارات تقدماً في عمليات التمشيط وصل حتى أحياء الفردوس بشارع الدويم بـ"الفتيحاب" ومنطقة الشقلة آخر تقاطع شارع فتاشة مع البنك العقاري، إذ شهدت تلك المنطقة اشتباكات شرسة بالأسلحة والرشاشات الثقيلة والخفيفة.

تحول ميداني

حول طبيعة مجريات المعارك وتحول تصعيد "الدعم السريع" باتجاه القيادة العامة للجيش، أوضح أستاذ الدراسات الأمنية والاستراتيجية أسامة عيدروس أن هذا التصعيد الحالي وما سبقه حول سلاح المدرعات لا يمثل تحولاً على صعيد ميدان المعركة، بقدر ما بات يشكل مزيداً من الاستنزاف لقوات "الدعم السريع".

وأوضح عيدروس أن ميدان المعركة شهد تحولاً منذ الرابع من يوليو (تموز) الماضي، بعد أن أدركت قوات "الدعم السريع" أن انتشارها الواسع في الأحياء وبيوت المواطنين في كل مساحة ولاية الخرطوم أصبح عائقاً لاستراتيجية الفزع التي تقاتل بها، وتسبب في تشتت قواتها وإضعاف قدرتها على الاستيلاء على أية منطقة عسكرية للجيش بالخرطوم.

وأشار أستاذ الدراسات الأمنية إلى أن الاستراتيجية العسكرية لـ"الدعم السريع" تحولت فعلياً إلى الدفاع وصناعة مصائد محكمة (كمائن) في الأحياء السكنية لتعوق تقدم الجيش، لافتاً إلى أن العمليات العسكرية في الخرطوم تكاد تكون توقفت بشكل شبه تام منذ الرابع من يوليو حتى 19 من أغسطس (آب) الماضيين، وهو تاريخ بدء الهجوم على المدرعات.

مسارح متشابهة

وأردف عيدروس "يبدو أن عدم تقدم القوات المسلحة واعتمادها على العمل الخاص شجع (الدعم السريع) على ارتكاب المغامرة بعد وصول دعم عيني بقوات وعربات دفع رباعي قادمة من ليبيا، واستمر الهجوم على المدرعات لسبعة أيام كاملة في هجمات انتحارية وصل بعضها إلى سور المدرعات من دون أن تحقق سوى مزيد من الموت والاستنزاف في صفوف (الدعم السريع)".

وأوضح أستاذ الدراسات الأمنية أن "الدعم السريع" تحول من مهاجمة سلاح المدرعات إلى القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، لكن من دون جدوى وبالقدر نفسه من الخسائر، إذ يمثل كلا الهدفين مسرحاً متشابهاً نسبة إلى وجود ثقل من قواته في كل من جنوب الخرطوم وشرق النيل.

وأضاف "لكن مع شبه الإغلاق الذي تم لجسر شمبات الرابط بين الخرطوم بحري وأم درمان، فإن المتوقع هو عودة المعارك إلى أم درمان في محاولة لإسقاط سلاح المهندسين جنوب المدينة أو الوصول إلى قاعدة وادي سيدنا في شمالها قبل التحرك الحاسم للجيش".

البرهان ينفي

إلى ذلك نفى المكتب الإعلامي بمجلس السيادة لقاء رئيس المجلس مع قيادات إسلامية في بورتسودان، منوهاً بأن كل مقابلاته واجتماعاته تتم بصورة علنية، ومبيناً أن ما نشره موقع إلكتروني (سماه باسمه) حول اللقاء المزعوم عار تماماً من الصحة ويستوجب المساءلة القانونية.

على نحو متصل نفى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش، ما وصفه بالإشاعات التي ظل يرددها أعداء السودان والقوات المسلحة بأن الجيش يتبع لجهة ما، مشدداً على أن "الجيش هو جيش السودان، وهو مؤسسة وطنية قومية تمثل جميع أهل السودان".

وأشاد البرهان لدى خطابه بقاعة سلاح المدفعية بمدينة عطبرة شمال السودان، في لقاء موسع ضم قيادات الخدمة المدنية وأعضاء اللجنة الأمنية والحكومة وقيادات سلاح المدفعية والشرطة وجهاز الاستخبارات العامة بولاية نهر النيل، بالدور المحوري الذي لعبه سلاح المدفعية كرأس رمح في المعركة ضد "الدعم السريع"، مؤكداً الحرص على إنهاء هذه الحرب سلماً أو حرباً بطريقة تحفظ حرية وكرامة الشعب السوداني وتضمن أمنه واستقراره.

ووصف قائد الجيش ما قامت به الميليشيات المتمردة بـ"الطعنة في خاصرة السودانيين، تصدت لها القوات المسلحة بثبات وتكاتف من الأجهزة النظامية وتلاحم شعبي ضد مشروع ابتلاع الدولة السودانية من خلال أطماع قادة الميليشيات في جعل البلاد غنيمة لهم".

الأخطر في العالم

إلى ذلك صنف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) السودان وجنوب السودان بأنهما الدولتان الأخطر في العالم بالنسبة إلى عمال الإغاثة حالياً، إذ أظهرت بيانات حديثة أن نحو ستة من كل 10 عمال إغاثة لقوا مصرعهم هذا العام في هذين البلدين.

وأوضح المتحدث باسم "أوتشا" يانس لاركيه، في مؤتمر صحافي بجنيف، أن من بين 71 حالة وفاة لعمال الإغاثة تم تسجيلها حتى الآن هذا العام، وقعت 22 منها في جنوب السودان و19 في السودان، ومعظمهم من العاملين الإنسانيين المحليين الذين يعملون في الخطوط الأمامية للاستجابة، على رغم أن مهاجمة عمال الإغاثة ومرافقها انتهاك للقانون الدولي.

وحذر لاركيه من أن الوضع في السودان ربما يكون الأزمة الأكثر حرماناً في العالم اليوم، مشيراً إلى أن الإغاثة الإنسانية تصل حالياً إلى نحو 3.5 مليون شخص في البلاد، بينما هناك 18 مليوناً في حاجة إلى المساعدة، مع وجود عديد من الصعوبات التي تحول دون الوصول إليهم بتلك المساعدات.

يوميات الكوليرا

إثر تفشي حمى الضنك وحالات من الكوليرا في ثماني ولايات سودانية من بينها الخرطوم، أعلنت منظمة الصحة العالمية نشر فرق الاستجابة السريعة في المحليات المتضررة تدعم بشكل فعال وزارة الصحة لنقل عينات من الحالات المشتبه فيها إلى مختبر الصحة العامة في بورتسودان، مع استمرار مراقبة المناطق المتضررة والمعرضة للخطر الشديد لتحديد عوامل الخطر ومعالجتها.

وكشفت المنظمة في بيان لها على موقع الأمم المتحدة عن تقديم طلب إلى الهيئة الدولية التي تدير إمدادات اللقاحات الطارئة خلال حالات تفشي المرض الكبرى للحصول على لقاحات الكوليرا من طريق الفم، مؤكدة العمل على زيادة الدعم للسودان بعد الإبلاغ عن 264 حالة اشتباه بالكوليرا وأربع حالات مؤكدة و16 حالة وفاة مرتبطة بها في القضارف حتى 25 سبتمبر الجاري، بينما تجري تحقيقات لتحديد ما إذا كان المرض قد انتشر إلى ولايتي الخرطوم وجنوب كردفان اللتين شهدتا زيادة في حالات الإسهال الحاد.

وأوضحت ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان نعمة عابد، خلال زيارتها ولاية القضارف قبل أسبوع، أن من الممكن أن يكون لتفشي الكوليرا تأثير مدمر في النظام الصحي المنهك بسبب الحرب.

اقتصادياً أعلن بنك السودان المركزي مواصلة مساعيه إلى حصر وتلافي ومعالجة آثار الأزمة الناتجة من الحرب بما يضمن تعافي واستقرار العمل المصرفي، والنظر في تبني جميع البدائل والحلول التي من شأنها تمكين المصارف من التعامل مع تلك الآثار والخسائر.

وأكد البنك في بيان له اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الانخفاض في قيمة العملة الوطنية واستقرار سعر الصرف ومنها تخفيض سقف التحويل عبر التطبيقات المصرفية، بجانب إطلاق نظام التسويات الآنية الإجمالية (سراج)، والترتيب لإطلاق نظام المقاصة الإلكترونية، مشيراً إلى استعادة 427 من فروع المصارف وثمانية تطبيقات مصرفية عملها في المناطق الآمنة.

المزيد من متابعات