ملخص
قصف مدفعي عنيف وهجوم واسع بالمسيرات في الخرطوم وأم درمان
تصاعدت وتيرة علميات القصف المدفعي المتبادل بين الجيش وقوات "الدعم السريع" مجدداً في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة وسط الخرطوم وقاعدة "جبل أولياء" العسكرية أقصى جنوب الخرطوم، وكثفت قوات "الدعم السريع" قصفها المدفعي العنيف مستهدفة مقر قيادة الجيش وسط الخرطوم، فيما شن الأخير هجمات بالمدفعية الثقيلة والطيران والمسيرات على مواقع "الدعم السريع" في شرق النيل ووسط وجنوب الخرطوم.
مسيرات ومدفعية
وكشفت مصادر عسكرية أن مسيرات الجيش استهدفت بهجمات واسعة النطاق تجمعات "الدعم السريع" بمدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري) شملت أحياء شرق الخرطوم في أركويت والمعمورة الطائف وشرق النيل وحي الفيحاء والمنشية والأزهري والسلمة والمنشية وبري شرق المطار. وأشارت المصادر نفسها إلى استمرار قصف الجيش أماكن تموضع "الدعم السريع"، بالمدفعية الموجهة، في مداخل أحياء وسط وجنوب غربي أم درمان ومحيط المنطقة الصناعية وأم بدة.
وأفاد شهود بتعرض حي الجرافة شمال أم درمان مجدداً لقصف عشوائي بواسطة قوات "الدعم السريع"، وهي المنطقة نفسها التي شهدت، الأسبوع الماضي، حادثة قصف موقف للحافلات راح ضحيته 10 مدنيين، لكن من دون خسائر في الأرواح هذه المرة، وبحسب الشهود، تواصلت الاشتباكات في حي الحلفايا بمدينة الخرطوم بحري شمال شرقي العاصمة السودانية سعى من خلالها الجيش إلى إكمال ما وصفه بتنظيف المنطقة من جيوب "الدعم السريع" بعد أن كان قد أعلن قبل يومين تمكنه من طردها من المنطقة، فضلاً عن اشتباكات برية متقطعة في محور أم درمان القديمة والمنطقة الصناعية ومحيط أم بدة وسلاح المهندسين.
نيالا وود عشانا
وأعلن العميد نبيل عبدالله الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، في بيانه اليومي، "تصدي الجيش لهجوم جديد للميليشيات على الفرقة 16 مشاة بمدينة نيالا جنوب دارفور وتكبيدها خسائر فادحة في المعدات والأفراد، فضلاً عن تصديه لمحاولة هجوم على بلدة ود عشاناً بمحلية أم رابة شمال كردفان وإجبار العدو على الهرب بعد تكبده خسائر مادية وبشرية ثقيلة". وأوضح عبدالله أن تشكيلات الجيش، بمنطقة العاصمة المركزية، "تقوم بواجباتها كاملة تجاه العدو الذي أصبح يلجأ إلى القصف العشوائي داخل وخارج العاصمة، مما يؤدي إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين الأبرياء". وطالب بيان الجيش، المواطنين "الانتباه إلى أن العدو أصبح يلجأ أيضاً إلى ارتداء أزياء خاصة بالقوات النظامية مثل زي الجيش وجهاز الأمن والاستخبارات وشرطة الاحتياط المركزي بغرض ارتكاب مزيد من الانتهاكات وإلصاق التهمة بتلك القوات". وأكد البيان أن فرق ومناطق القوات المسلحة مستقرة ومسيطرة في جميع مواقعها بالبلاد، "وأفشلت كل محاولات الميليشيات المتمردة اليائسة في هجومها على بعض المواقع تحت ضرباتها".
فرار وأوبئة
وكشفت لجنة محامي الطوارئ عن أن الاشتباكات في بلدة ود عشاناً شمال كردفان، تسببت في تهجير قسري لعشرات آلاف السكان المدنيين من المنطقة والقرى المحيطة، فضلاً عن تعرضهم للنهب وحرق الممتلكات وانقطاع التيار الكهربائي في معظم مدن وقرى الولاية، وشكا مواطنون من البلدة من عدم تمكن مجموعات كبيرة من الفارين من العودة إلى بيوتهم، بسبب انتشار الجثث في العراء، وناشدوا الجهات الفاعلة من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية والخيرين سرعة معالجة الوضع تجنباً لتفاقم التداعيات الصحية الخطرة.
وفي إطار السعي إلى السيطرة على أوبئة الحميات والكوليرا المتفشية، وصل وزير الصحة الاتحادي المكلف هيثم محمد إبراهيم إلى ولاية القضارف، في وقت غزت ولاية شمال كردفان حمى الضنك. وحذر المدير العام لوزارة الصحة والتنمية الاجتماعية بالولاية الفاتح عبدالرحمن من مغبة تفاقم الأوضاع الصحية في حال عدم الالتزام بالاشتراطات المطلوبة والإرشادات الخاصة بمكافحة حمى الضنك، وأعلن عن تفعيل العمل لاحتواء الموقف بتنفيذ أنشطة صحية عدة عبر شراكات مع منظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية لمواجهة المرض حتى لا يخرج الوضع عن السيطرة.
حصار الدلنج
في جنوب كردفان، تعيش محلية الدلنج ثاني أكبر محليات الولاية، حصاراً خانقاً من قبل الحركة الشعبية من ناحية الجنوب وقوات "الدعم السريع" من الجهة الشمالية. وكشف المدير التنفيذي للمحلية إبراهيم عبدالله عمر عن وضع استثنائي ومعاناة كبيرة يعيشها المواطنون نتيجة نقص وسوء بعض الخدمات الأساسية في المياه والصحة والمعاش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي جنوب دارفور، حيث تتقاطع المعارك بين الجيش و"الدعم السريع" مع الاقتتال القبلي المستعر بين قبيلتي البني هلبا والسلامات بالولاية، أعلنت منظمة شباب من أجل دارفور "مشاد"، عن مبادرة كبرى للصلح بين القبيلتين لفتح المجال أمام عودة السلام الاجتماعي في الإقليم والمنطقة، وناشدت المنظمة القبيلتين وقف هذا الاقتتال الذي خلف مئات القتلى وآلاف الجرحى والمصابين والمفقودين، متهمة أطرافاً وأيادي خفية (لم تسمها)، بالعمل على تأجيج الصراع القبلي والإثني بالإقليم وإثارة الفتن بين المكونات الاجتماعية المختلفة للاستفادة من حال الفوضى وغياب الدولة بالإقليم.
مآسي النازحين
إنسانياً، تسببت أمطار وأعاصير ضربت مخيم "مجي" للاجئين في تشاد بإصابة وتشريد عشرات اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب بالمعسكر، في وقت تتزايد الوفيات اليومية بسبب تدهور الوضع الصحي. ولفت رئيس حركة العدل والمساواة السودانية (الجديدة) منصور أرباب إلى الاكتظاظ الكبير في المعسكر الذي يضم 50000 لاجئ، متجاوزاً السعة الاستيعابية له، في وقت يتم التخطيط لفتح 17 معسكراً جديداً إضافة لـ12 معسكراً قديماً تأسس قبل عام. وكشف أرباب، في تصريحات صحافية، عقب زيارته المخيم، عن ارتفاع كبير في حالات الوفيات داخل مخيمات اللاجئين في تشاد بمعدل أربع إلى ست حالات وفاة يومياً، في ظل غياب أي تشخيص طبي لأسباب الوفيات بسبب انعدام الخدمات الصحية والمعامل الطبية بالمخيمات، مع تفشٍ كبير لمرض الملاريا، ووجود مصابين بجروح وكسور في ظروف صحية قاسية جداً يحتاجون إلى عمليات جراحية عاجلة.
البرهان يهاجم السياسيين
وسط هذه الأجواء، اتهم الفريق أول ركن رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان سياسيين، لم يسمهم، "بممارسة الكذب والتضليل دعماً للميليشيات المتمردة، بعضهم طلاب سلطة، حتى ولو على حساب الوطن وشعبه"، مبيناً أن الجيش يقاتل باسم السودان ولا توجد فيه أي تنظيمات. وأكد البرهان، خلال زيارة تفقدية للفرقة الـ19 مشاة بالولاية الشمالية، أن القوات المسلحة تخوض معركة الكرامة بسند قوي من كل الشعب السوداني. وقال إن "الجيش يقاتل مرتزقة استعانت بهم الميليشيات الإرهابية من كل الاتجاهات، انتهكوا حرمات المواطنين وأزهقوا الأرواح بدواعٍ لا تستند على منطق".
في السياق، وصف عصام الخطيب أستاذ العلوم السياسية اتهامات الفريق البرهان لقوى سياسية وسياسيين بأنه تطور يعيد من جديد تقسيم الجبهة الداخلية ويوسع الفجوة القائمة أصلاً بين المدنيين والعسكريين، والتي أفرزت تعقيداتها الحرب الحالية بكل مآسيها. ولفت الخطيب إلى أن حديث قائد الجيش ينطوي على نزعة ورغبة في إنهاء الحرب بالحرب بالحسم العسكري، مما يعني أن أمد الحرب مرشح لأن يطول أكثر في ظل معطيات العمليات العسكرية الراهنة وبلوغ القتال شهره السادس بكل ما يحمل من مخاوف ومحاذير تفكك البلاد.
ضغوط جديدة
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن المجتمع الدولي بدأ يتيقن من عدم رغبة وجدية طرفي الصراع في إنهاء الحرب أو معاودة الجلوس إلى طاولة التفاوض، مما يرجح اللجوء إلى ترتيبات إقليمية ودولية جديدة في مواجهة كلا الطرفين، بدأت بالفعل بعقوبات فردية على أشخاص وكيانات، يتوقع أن تتبعها عقوبات أخرى أكثر شدة وقساوة بغرض تكثيف الضغوط على الطرفين للعودة إلى طاولة التفاوض من جديد. وطالب الخطيب القوى السياسية والمدنية بأن تستعجل توافقها وتوحد صفوفها بأوسع ما يكون بين مكونات المجتمع السوداني، وبشكل جاد للخروج من حال التشرذم المزمنة التي تعتريها، لتثبت أنها مؤهلة لخوض عملية تفاوضية جديدة مسؤولة وناضجة في مواجهة الأخطار الفعلية التي تهدد وحدة ومصير البلاد ووقف الحرب، ووضع أسس تكفل عدم تجددها أو إعادة إنتاج الأزمة السياسية التي أفضت إليها مرة أخرى.
أسرع الأزمات نمواً
أممياً وصفت كليمنتاين نكويتا سلامي نائبة الممثل الخاص للأمين العام والقائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية لدعم الانتقال الديمقراطي بالسودان "يونيتامس" الحرب في السودان بأنها "واحدة من أسرع أزمات النزوح نمواً على مستوى العالم"، وأوضحت، في تغريدة على منصة "إكس" أنه، منذ أبريل (نيسان) الماضي، فر نحو 5.3 مليون شخص من منازلهم بحثاً عن ملجأ داخل السودان أو في البلدان المجاورة، بمعدل مليون نسمة شهرياً، مناشدة الأطراف المتقاتلة تقليل معاناة المواطنين.