ملخص
هذه بعض المعايير الواجبة لعدم تكرار كارثة الحريق في "زفاف الحمدانية" فماذا عن تطبيقها في لبنان؟
أدى الحريق الذي اندلع أثناء إقامة حفل زفاف في إحدى قاعات الأفراح في الحمدانية في محافظة نينوى العراقية إلى مصرع ما لا يقل عن 100 شخص وأكثر من 300 مصاب، منذ اندلاع الحريق أثيرت التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى ذلك، خصوصاً أن الحريق شب وامتد بسرعة قياسية ما أدى إلى انهيار جزء من القاعة في لحظات، وأشارت المعلومات إلى استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال ومنخفضة التكلفة في بناء القاعة، ما يجعلها قابلة للانهيار خلال دقائق في حال اندلاع حريق، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مديرية الدفاع المدني العراقي.
تعددت الأسباب والإهمال واحد
تعددت الروايات التي جرى التداول فيها حول الأسباب وراء حريق حفل الزفاف الذي وصف بالمأسوي والذي خلف حالة من الغضب والألم في المنطقة المنكوبة، وكانت مقاطع فيديو، التقطها حاضرون في الحفل قبيل اندلاع الحريق، قد أظهرت كيف لامست الألعاب النارية السقف وأشعلته، حتى أتى الحريق على الصالة بسرعة قياسية، والتحقيقات الأولية دعمت هذه الفرضية كاشفة وجود مواد بناء سريعة الاشتعال ما يشكل مخالفة لمعايير السلامة العامة المنصوص عليها في القانون، فأدى ذلك إلى هذه الفاجعة.
من جهة أخرى، أشير إلى نقص في عدد مخارج الطوارئ في الصالة الذي يعد أيضاً من العوامل التي أسهمت في حصول الكارثة حتى تحول حفل الزفاف إلى مأتم، ويعد هذا من العوامل التي زادت عدد الضحايا وقللت من فرص النجاة، حتى أن البعض أشار إلى أن أجهزة التبريد كانت تحترق لأكثر من نصف ساعة من دون أن يتنبه لها أحد ما أسهم في نشوب الحريق. أياً كان المسبب الأول للحريق، يبدو واضحاً الاستهتار وإهمال معايير السلامة في البناء، وصحيح أن رئيس مجلس الوزراء العراقي دعا إلى إنزال أشد العقوبات بحق المقصرين والمسؤولين، إلا أن عائلات دفنت بكاملها في الحمدانية بسبب الإهمال الذي أدى إلى نكبة جماعية.
حتى لا تتكرر المأساة
بالنظر إلى الاستهتار الذي أدى إلى عشرات الضحايا الذين أرادوا الاحتفال بالمناسبة فتحولت فرحتهم إلى مأساة، يطرح السؤال هنا حول مدى الالتزام بمعايير السلامة العامة في صالات الحفلات والأفراح بشكل خاص في لبنان، حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي، بما أن الندم بعد الحوادث المماثلة لن يفيد والعقاب لن يعيد الضحايا إلى أهلهم وعائلاتهم.
وفق المهندس مدير عام إحدى شركات التدقيق الفني ألكسندر ريشا، يتبع لبنان المعايير الفرنسية الخاصة بالبناء والسلامة العامة وفي مكافحة الحريق بشكل أساسي، وبمعدلات أقل يتبع المعايير الأميركية. وفي إطار هذه المعايير المعتمدة في صالات الحفلات والأعراس، يعد استخدام الألعاب النارية ممنوعاً منعاً باتاً في الصالات المغلقة وإلا فتكون هناك مخالفة قانونية. وينطبق ذلك حتماً على أي مواد مشتعلة كالشموع، وفقاً لما ورد في القانون الخاص ببناء الصالات ومعايير السلامة المعتمدة فيها. وفق ريشا، يعد استخدام الألعاب النارية من العوامل التي أسهمت في نشوب الحريق في زفاف الحمدانية، إضافة إلى بقية العوامل، وهي عديدة، إذ الصالة لم تكن تستوفي الشروط والمعايير المطلوبة حفاظاً على السلامة العامة، ما أدى إلى هذه المأساة. "لم يكن هناك سبب واحد لنشوب الحريق في حفل الزفاف، بل هي عوامل عدة لعبت دوراً كالمواد القابلة للاشتعال سريعاً المستخدمة في بناء الصالة، وعدم توافر مخارج طوارئ كافية واستخدام الألعاب النارية، فلا يمكن لمبنى أو صالة أن تنهار وحدها لسبب واحد، بل ثمة أسباب عديدة اجتمعت وأدت إلى هذه الكارثة حتماً".
الشروط الواجبة
من المعايير المطلوبة التي يلحظها القانون أيضاً في لبنان حفاظاً على السلامة العامة، توافر عدد معين من المخارج، بما لا يقل عن أربعة مخارج لصالة تتسع لـ1000 شخص، ويحدد عرض كل منها بـ180 سنتمتراً لزيادة فرص النجاة في حال حصول أي حادثة، وبالنسبة إلى صالات الزفاف الكبرى وتلك التي تقام فيها الحفلات، من المفترض أن يزيد عدد المخارج بنسبة 33 في المئة، ومن ضمن المعايير المطلوبة أن تكون هناك مسافة لا تقل عن مترين تفصل بين الحاضرين والديكور المعتمد في الصالة، كما أن المواد المستخدمة في البناء في الصالة لها مواصفات معينة تجنباً لأي كارثة في حال حصول حريق، فيما يسمح بتلك المصنوعة من الخشب بشروط معينة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من عام 2012، صدر مرسوم للسلامة العامة في البناء في لبنان، يلزم وجود مدقق فني لكل الصالات والمباني عامةً، وذلك بهدف التحقق من تطبيق الأنظمة والمعايير بشكل عام، أصبحت المباني من عام 2012 خاضعة للتدقيق الفني، وبالنسبة إلى صالات الحفلات تخضع لهذا المرسوم وللتدقيق الفني عندما تتخطى مساحتها 350 متراً مربعاً، علماً أن المدقق الفني يشرف على تصميم البناء وتنفيذه، فيتحقق من التزامه المعايير المطلوبة، أما ما يتعلق بالمراحل اللاحقة وما يمكن أن يستخدم من مواد إضافية في الديكور مثلاً، فيتحمل مسؤوليته صاحب المشروع في حال عدم وجود مشرف متخصص. وعلى رغم أن الألعاب النارية في الأماكن المغلقة ممنوعة، ما من التزام بهذا الحظر في لبنان، وهي تستخدم في الحفلات من دون رادع أخلاقي أو قانوني، أما في فرنسا مثلاً، فعلى من يقيم حفلة، الحصول على إذن يشمل التفاصيل المتعلقة بالحفلة ويمنع استخدام الألعاب النارية حكماً.
إنما بحسب ريشا، في حال الالتزام بمعايير السلامة العامة كافة يمكن تجنب كارثة مثل تلك التي حصلت في العراق، إذا اعتمدت معايير البناء والديكور وإشراف التدقيق الفني عليها، كذلك مراعاة عدم استخدام مواد قابلة للاشتعال، واستبدالها بمواد لديها قدرة على مقاومة الحرائق لمدة ساعة أو اثنتين، وتوافر العدد المطلوب من المخارج، وأجهزة التهوية اللازمة لسحب الدخان عند اندلاع حريق، وطفايات حريق أوتوماتيكية.