منعت عمادة كلية الآداب التابعة لجامعة الكويت الأحد الماضي، محاضرة فلسفية بعنوان "الفيزياء والفلسفة وأسئلة الوجود الكبرى" كان من المقرر عقدها في قسم الفلسفة بالكلية، والتي كانت ستقام بتنسيق من قبل أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت الدكتورة شيخة الجاسم.
وحول أسباب المنع قالت الجاسم لـ"اندبندنت عربية"، "تبين أن أسباب الإلغاء بحسب تصريح عميد كلية الآداب هو أنه بحسب تقديره أن محاور الندوة تلامس الإلحاد"، معتبرة أن "إلغاء الندوة ووصمها بملامسة الإلحاد هو رقابة مسبقة ووصاية على الفكر ونوع من أنواع الترهيب". واعتبرت أن "منع الاختلاط، ومنع المحاضرة، لهما الأسباب ذاتها من وجهة نظري وهو الخوف الحكومي من أي نائب أو صوت إسلامي".
لكن أستاذة الفلسفة أكدت على أنه "على رغم ما حدث، فإن اللجنة الثقافية مستمرة في عملها الثقافي الذي يخدم المجتمع، وتتمسك بالقوانين الجامعية، ونطلب أن يكون أي إجراء له سند لائحي".
شيطنة العلم
من جانبه نشر الباحث الفيزيائي، يوسف البناي، بياناً أمس الثلاثاء، عقب منع محاضرته بعنوان "الخزي العلمي الذي نعيشه"، جاء فيه أن "جزءاً كبيراً من المجتمع يعيش ظاهرياً بشكل عصري وملابس عصرية، ويستخدم كافة أشكال التكنولوجيا العلمية، ولكن بدواخلهم لا زالوا يعيشون بعقلية القرون الوسطى التي حاربت العلم".
بيان حول "الخزي العلمي" الذي نعيشه .. pic.twitter.com/fV27T0WM5a
— يوسف البناي (@youssefalbanay) October 3, 2023
وأوضح محاور المحاضرة قائلاً، "ما كنت أنوي أن أقدمه هو شرح ثلاث ثورات علمية كبرى وهي نظرية الانفجار العظيم، ونظرية التطور والانتخاب الطبيعي، ونظريات علم الأعصاب والنفس حول طبيعة وآلية عمل الدماغ والوعي، والتحدث عن التبعات الفلسفية وموقف الإنسان المعاصر منها"، مستطرداً أنه "تم وصف النظريات السابقة بالملحدة، هل العلم ديانة أو أيديولوجيا أو فكر سياسي، حتى يتم وصفه بهذه الصفات؟". وتساءل "هل نحن في عصر غاليليو غاليلي أم في 2023؟".
وختم بيانه بالقول "تمت شيطنة العلم وأدلجته وإقحام الصراع السياسي فيه، وتحولت الأجواء إلى صراع وهمي بين العلم والدين"، مؤكداً أن "المحاضرة ستعقد لاحقاً خارج أسوار جامعة الكويت".
تلامس الإلحاد
من جهته، صرح عميد كلية الآداب عبدالمحسن المدعج للصحافة الكويتية، أول من أمس الاثنين، أن "إلغاء الندوة جاء تصحيحاً لخطأ حصل من قبل اللجنة الثقافية لقسم الفلسفة"، موضحاً "أننا لا نقبل أن تطرح في جامعة الكويت ندوة تلامس الإلحاد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع المدعج "نحن حريصون على دعم كل الأنشطة الثقافية التي تنمي المهارات والفكر لدى طلبتنا، ولكننا في الوقت ذاته نرفض أن تمس عقائد أبنائنا وبناتنا داخل الحرم الجامعي، وما حصل هو أني أصدرت قراراً بمنع وإلغاء هذه الندوة كونها خطأ ارتكب من قبل اللجنة الثقافية في قسم الفلسفة، التي كان عليها أن تقدم برنامجها لنا، وتوضح أنشطتها ويتم نقاشها واعتماد ما ينفع طلبتنا ويعزز قيمهم".
وأفاد "عند طرح هذه الندوة وبحث محاورها وجدناها تلامس الإلحاد، ومن غير المعقول طرحها في جامعة الكويت، اتخذت قرار إلغاء الندوة بعد تشاوري مع الإخوة في الكلية".
استنكار وجدل
في المقابل، اعتبرت الحركة التقدمية الكويتية أن قرار المنع هو جزء من "المسلسل التراجعي، الذي تشهده الكويت بتواطؤ حكومي مع الأطراف الرجعية المتزمتة"، مطالبة "القوى الحية في المجتمع من أدباء ومثقفين وأكاديميين وحقوقيين وإعلاميين وفنانين وسياسيين ونواب إلى التصدي لهذا التراجع المعيب والتمسك بالحقوق والحريات بالطابع المدني للدولة الكويتية المهدد بالطمس".
مستائين من عملية تحريض الناس على ما يقدمه العزيز الدكتور يوسف البناي (@youssefalbanay) من علم فيزياء نافع للجمهور العربي ونستغرب من كم التظليل وسوء الظن والدخول بالنوايا تجاهه حيث صوّرت محاضرته عن مستجدات الفزياء وعلاقتها بالفلسفة على أنها تلامس الإلحاد.
حسبنا الله ونعم الوكيل pic.twitter.com/nQvgckyAy8
— Abdullah Al-Shammari | عبدالله أحمد الشمري (@AlephAlshammari) October 4, 2023
وعلق الكاتب الكويتي حسن العيسى في مقالة له اليوم الأربعاء مستنكراً إلغاء المحاضرة، معتبراً أن "مجرد التفكير بصوت عال خارج صندوق الإملاءات السلطوية يثير الرعب عند المسؤولين الرسميين في مزرعة الدجاج، فيهرولون مسرعين لطمأنة أنفسهم بمقولة، (الباب اللي يأتي منه الريح سده واستريح)، وهم بالفعل أغلقوا أبواب رياح التفكير والتجديد التي ستقتلعهم من تحجرهم وجمودهم، فانتهينا لهذه الحال التعسة في العلوم والفكر الخلاق، كما تنتجه مدارس الدولة من الروضة الصغرى إلى الروضة الكبرى ممثلة بجامعة الكويت ومعها معظم بقالات الجامعات الخاصة".