ملخص
مع قيام حركة "حماس" باحتجاز عدد كبير من الجنود والمواطنين الإسرائيليين، هل يعيد الجيش الإسرائيلي إعادة تفعيل "بروتوكول هنيبعل" الجدلي؟
في صيف عام 1986، التقى ثلاثة من كبار الضباط الإسرائيليين في مقر القيادة الشمالية وقاموا بصياغة أحد أكثر أوامر العمليات إثارة للجدل في تاريخ جيش الدفاع الإسرائيلي. والثلاثة هم رئيس القيادة الشمالية في ذلك الوقت، اللواء يوسي بيليد، وضابط عمليات القيادة، العقيد غابي أشكنازي، وضابط استخبارات القيادة، العقيد يعقوب أميدرور.
الأمر الذي صاغوه كان يتعلق بقواعد إطلاق النار في الحالات التي يخطف الجنود، وجاء فيه ما يلي: "خلال عملية الاختطاف، المهمة الرئيسة هي إنقاذ جنودنا من الخاطفين حتى على حساب إيذاء أو جرح جنودنا. إطلاق نار خفيف لإجبار الخاطفين على الانبطاح أرضاً أو إيقافهم، وإذا لم تتوقف المركبة أو الخاطفين يجب إطلاق النار عليهم طلقة واحدة (قناص) عمداً من أجل إصابة الخاطفين، حتى لو كان ذلك يعني ضرب جنودنا. وعلى أي حال، يجب بذل كل الممكن لإيقاف السيارة وعدم السماح لها بالفرار".
هكذا تصف صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ما أصبح يعرف لدى الجيش الإسرائيلي بـ"بروتوكول هنيبعل" الذي يمكن اختصار الهدف منه بأنه يسمح للقوات باتخاذ أي إجراء ضروري لمنع اختطاف جندي على أساس قاعدة "جندي ميت أفضل من جندي أسير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ففي العقلية الإسرائيلية، ومنذ حروبهم في لبنان، يعتبر الجندي المختطف بمثابة كابوس. وكثيراً ما يتمكن الخاطفون من استخدام الجندي كورقة مساومة للحصول على تنازلات كبيرة من إسرائيل، مثل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
ويسمح البروتوكول للجنود باستخدام فائض من القوة لمنع الجندي من الوقوع في الأسر. ويشمل ذلك إمكانية تعريض حياة الجندي المعني للخطر من أجل منع القبض عليه. ويفهم بعض الضباط الأمر على أنه ضوء أخضر يسمح للجنود بقتل رفيقهم عمداً لمنعه من الوقوع في الأسر، وليس أنهم قد يصيبونه أو يقتلونه من طريق الخطأ أثناء محاولتهم.
واليوم، مع اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحركة "حماس"، وقيام الأخيرة باحتجاز عشرات الرهائن والجثث، مع ما يشكله هذا من ضغط هائل على تل أبيب، ظهر تساؤل حول احتمال لجوء إسرائيل من جديد لهذا البروتوكول الجدلي، الذي أعلن الجيش إلغاءه عام 2016.
وقال جيش دفاع الإسرائيلي في حينها، إنه يجري وضع توجيه جديد ليحل محل البروتوكول المثير للجدل، ليكون متناسباً بشكل أفضل مع أنواع المواقف التي من المحتمل أن يواجهها الجنود.
ومن المعروف أن إسرائيل تحاول بأي ثمن تجنب وقوع جنودها ومواطنيها أسرى لدى خصومها، لأن تحريرهم ينتهي عادة بعمليات تبادل تشمل إطلاق مئات أو الآلاف من السجناء الفلسطينيين. ففي عام 2011 أفرجت إسرائيل عن 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الإفراج عن جندي إسرائيلي واحد هو جلعاد شاليط كانت خطفته حركة "حماس". وعام 2008 أعاد "حزب الله" اللبناني جثتي جنديين إسرائيليين مقابل خمسة لبنانيين محتجزين لدى إسرائيل وجثث 199 مسلحاً أسروا في لبنان أو إسرائيل.
وبالعودة إلى "بروتوكول هنيبعل" فقد دفع تصريح للمتحدث العسكري لـ"حماس" أبو عبيدة، قال فيه إن "العدو قتل عدداً من جنوده بعدما أسرهم مقاتلو القسام" إلى الاعتقاد باحتمال إعادة إحياء البروتوكول.
وبحسب التقارير، فإن آخر مرة استخدم فيها البروتوكول قبل إلغائه كان خلال صراع عام 2014 بين "حماس" وإسرائيل، عندما اختفى أو خطف الملازم هادار غولدين، ما تبعه من قصف الدبابات والمدفعية والطائرات المقاتلة المنطقة التي اختطف فيها، مما تسبب في مقتل نحو 120 من سكان رفح في قطاع غزة، وفقاً لتقارير فلسطينية، في واحدة من أكثر الأحداث دموية في الحرب.
اليوم مع إعلان إسرائيل حالة حرب شاملة، ووقوع عدد هائل لا مثيل له سابقاً من مواطنيها جنوداً ومدنيين في أيدي حركة "حماس" –التي أعلنت أنها ستقوم بإعدام رهينة مدنية مقابل "كل استهداف لشعبنا من دون سابق إنذار"– هل سنرى إعادة تفعيل لـ"بروتوكول هنيبعل" القديم أم سيحل مكانه توجيه آخر جديد قادر على التعامل مع الظروف المستجدة؟