قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، إن مشاركة بلاده في عاصفة الحزم ضمن التحالف العربي جاءت استجابة لدعوة من العاهل السعودي وأن استمرارهم ضمن هذا التحالف من عدمه تقرره السعودية.
ويعدّ هذا أول تعليق من مسؤول كبير في البلدين حول الجدل الدائر بشأن الدور الذي تقوم به دولة الإمارات العربية في اليمن، على خلفية الدعم الذي قدمته ولا تزال لانقلاب مسلحي ما يعرف بالمجلس الانتقالي على حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي الشرعية.
وعلق قرقاش، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر، "التحالف السعودي الإماراتي ضرورة استراتيجية في ظل التحديات المحيطة واليمن مثال واضح، فمشاركة الإمارات في عاصفة الحزم وضمن التحالف العربي جاءت استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين واستمرارنا في اليمن ضمن التحالف الذي تقوده السعودية الشقيقة مرتبط بهذه الدعوة".
وأضاف الوزير في تغريدة أخرى "ومن واقع علاقتنا الاستراتيجية مع السعودية الشقيقة فهي التي تقرر استمرار دورنا في مساندة الاستقرار في اليمن ضمن التحالف العربي من عدمه، ارتباطنا بالرياض وجودي وأكثر شمولاً، خصوصاً في الظروف الصعبة المحيطة وعلى ضوء قناعتنا الراسخة بدور الرياض المحوري والقيادي".
وساد الحذر في مدينة عتق، المركز الإداري لمحافظة شبوة (الغنية بالنفط) بعد صدّ قوات الجيش التابعة للحكومة الشرعية محاولات مسلحي "المجلس الانتقالي"، المدعوم من الإمارات، للسيطرة على المدينة ومرافقها إثر مواجهات عنيفة شهدها ليل الخميس- الجمعة، سقط خلالها عدد من القتلى والمصابين.
تحشيد
مصدر عسكري تحدث لـ"اندبندنت عربية" عن تحشيد مسلح يجريه الجانبان على مدى الساعات الماضية، ينبئ باحتمال تجدد المواجهات على نحو أشد في ما يشبه معركة "كسر العظم".
المصدر أكد أن "قوات الجيش اليمني الوطني، تحكم قبضتها على وسط ومداخل وتخوم مدينة عتق، عدا بعض المواقع الشرقية التي لا يزال الانتقالي يحشد مسلحيه المتمردين فيها بدعم وإسناد إماراتي"، مشيراً إلى أن "معركة عتق لها ما بعدها في طريق إسقاط الانقلاب وتثبيت الدولة"، من دون إبداء مزيد من التفاصيل.
وتأسس المجلس الانتقالي في 11 مايو (أيار) 2017، عقب إقالة محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، ومن أبرز مطالبه انفصال جنوب اليمن عن شماله.
شبوة ليست عدن ولا أبين
يقول المحلل السياسي اليمني ثابت الأحمدي إن معركة حلفاء أبو ظبي الرامية للسيطرة على شبوة وحضرموت لن تكون بالسهولة ذاتها التي اختبروها في عدن وأبين، خصوصاً في ظل ارتفاع مؤشر الرفض الشعبي لمشاريعها التمزيقية في اليمن.
ويضيف "علاوة على ذلك، فمن الأرجح أن هناك دوراً سعودياً رافضاً لممارسات أبوظبي في المحافظات الشرقية (شبوة وحضرموت والمهرة) على الأقل".
ويختتم بالقول "المعركة لم تنته بعد، لننتظر حتى النهاية لنحكم على مدى جدية مساعي الحكومة والتحالف بقيادة السعودية تجاه إيقاف الممارسات الإماراتية في اليمن".
حول النفط
وفيما كان الانتقالي المطالب بفصل جنوب اليمن عن شماله، يتوعد بالقضاء على "الوجود الشمالي" في شبوة، بحجة سيطرتهم على مواردها النفطية، كان جناحه المسلح، ممثلاً بـ"النخبة الشبوانية"، يعزز تمدده في الموانئ والمناطق النفطية في شبوة، بدءاً من منطقة عرماء، شرقاً، وحتى "القطاع النفطي 18" في منطقة جنة بمديرية عسيلان، الواقعة بالقرب من محافظة مأرب، ورملة السبعتين وقطاعي ذهبا وعياد النفطيين، ومنطقة العقلة، شمالاً، وجميعها مواقع نفطية تحوي إلى جوارها مواقع نفطية واعدة. سبق ذلك سيطرة هذه القوات منذ عام 2016 على ميناء بلحاف الغازي (أكبر مشروع استثماري في اليمن) برعاية ووجود عسكري إماراتي، بحسب تصريحات حكومية سابقة.
وتنتج محافظة شبوة من النفط ما يزيد على 21 ألف برميل يوميا من قرابة 13 قطاعاً نفطياً هي القطاع 10، شرق عتق، بالقرب من حضرموت، والقطاع 5 في منطقة عياد، والقطاعات S1 و4 وS2، وجميعها في منطقة العقلة، والقطاعات 1 و2 و3 و20 وتقع في صحراء السبعتين، والقطاعان 69 و70 بالقرب من مدينة عتق. ومعظم تلك القطاعات تقع في مناطق مديريتي عسيلان وبيحان، القريبة لمحافظة مأرب، التي تضم أكبر تجمع عسكري موال للرئيس هادي. ما يؤكد أن محاولات الانتقالي للسيطرة عليها والانتقال شرقاً نحو حضرموت، ستواجه بصعوبة بالغة إن لم تكن مستحيلة.
صراع اقتصادي في بعد سياسي
ويرى المحلل السياسي محمد المقبلي، أن ما حدث في شبوة يمكن أن يوصف بأنه صراع اقتصادي تمثل بمحاولة السطو على محافظة غنية بالثروات بقوة السلاح.
ويضيف "يحمل هذا الصراع بعداً اجتماعياً له علاقة بالندوب الاجتماعية التي أحدثتها الصراعات المسلحة في الجنوب، وبعد سياسي على اعتبار أن شبوة تضم أكبر قطاع شعبي موال للرئيس هادي، خصوصاً بعدما نجحت في فرملة شراهة الانتقالي للسيطرة على الجنوب".
شبوة تقابل مأرب
واعتبر المقبلي شبوة بأنها "نسخة مقابلة لمأرب في الجنوب"، مضيفاً "أعتقد أنها ستكون مرتكزاً لتحرير الجنوب من الاحتلال الخارجي بأدواته المحلية".
وتتهم أبوظبي، من قبل قطاعات شعبية ورسمية يمنية واسعة، بأنها تتخذ من شعار "مكافحة الإرهاب" ذريعة للتوغل في شبوة منذ مطلع عام 2017، بينما تتمركز القوات الموالية لها والتي أنشأتها في المناطق الغنية بالنفط الواقعة في محافظتي شبوة وحضرموت، اللتين يشكل ناتجهما النفطي ما نسبته أكثر من 70 في المئة من إجمالي النفط اليمني.
وفي 10 أغسطس (آب) الحالي، سيطر مسلحو المجلس الانتقالي الجنوبي على معظم مفاصل الدولة في العاصمة المؤقتة عدن، بعد معارك عنيفة دامت خمسة أيام خاضوها ضد القوات الحكومية، سقط فيها أكثر من 40 قتيلاً، بينهم مدنيون، و260 جريحاً، بحسب منظمات حقوقية محلية ودولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسبق أن وجهت الرياض دعوة إلى الحكومة اليمنية التي تستضيفها منذ انطلاق عاصفة الحزم في مارس (آذار) 2015، إلى "حوار عاجل" في السعودية، وهو الطلب الذي ردت عليه وزارة الخارجية اليمنية في بيان بأن الحكومة تجدد ترحيبها بالدعوة المقدمة من السعودية لعقد اجتماع للوقوف أمام ما ترتب عليه الانقلاب في عدن، قبل أن يشترط البيان "أولاً الالتزام بما ورد في بيان التحالف من ضرورة انسحاب المجلس الانتقالي من المواقع التي استولى عليها خلال الأيام الماضية قبل أي حوار".
كما أكدت الحكومة اليمنية، الأربعاء، أنها لن تجري أي حوار سياسي مع الانفصاليين الجنوبيين قبل انسحابهم من المواقع التي سيطروا عليها في العاصمة المؤقتة عدن، غير أنها في المقابل، تفاجأت بتصعيد جديد للانتقالي تمثل في تمدده وفرض سيطرته على محافظة أبين المحاذية لعدن، ومسقط رأس الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وسيطرتهم الكاملة، من دون مقاومة على معظم المعسكرات والمقار الحكومية فيها.