ملخص
من بينها وثائق الأرشيف العثماني وتاريخ الأردن السياسي، وكذلك قرار فك الارتباط بين الضفتين وتاريخ الثورة العربية الكبرى
يشهد الأردن وفرة كبيرة في عدد المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المعنية بمسألة التوثيق في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، إلا أن جهود التوثيق تصطدم بقائمة طويلة من القوانين التي تنص على سرية المعلومات وعدم الإفصاح عنها، وتبلغ نحو 40 قانوناً، من بينها قانون حق الحصول على المعلومات الذي يعد حجر عثرة في طريق الباحثين عن المعلومات والوثائق.
مؤسسات توثيق
من بين المؤسسات الرسمية مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي، وهو مؤسسة رسمية تابعة للديوان الملكي تأسست عام 2005، وتعنى بتوثيق وحفظ الوثائق والمخطوطات والصور والأفلام المتعلقة بالمملكة الأردنية. كما تقوم دائرة الأرشيف الوطني، وهي دائرة حكومية تابعة لوزارة الثقافة، بجهود للتوثيق منذ تأسيسها عام 1964، وتعنى بجمع وحفظ وتنظيم الوثائق الحكومية. أما وزارة الثقافة فتعنى بدعم وتعزيز الثقافة الأردنية، بما في ذلك مجال التوثيق.
وتنشط مؤسسات أردنية غير رسمية في مجال التوثيق، منها المركز الوطني للدراسات والإعلام، والمعهد الأردني للدراسات الاستراتيجية، والمركز الأردني للحقوق والحريات.
وفي عام 2005 أمر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بإنشاء مركز التوثيق الملكي الأردني بهدف المحافظة على الذاكرة الوطنية والقومية للمملكة وإجراء البحوث والدراسات والمراسلات وحفظ آلاف الوثائق المهمة والمخطوطات وصيانتها وتصنيفها وفهرستها.
ومن بين أعمال الأرشفة التي قام بها المركز وثائق الأرشيف العثماني وتاريخ الأردن السياسي من 1953 وحتى 1976، وقرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين عام 1988، إضافة إلى تاريخ الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين.
في هذا السياق تبرز بعض مبادرات التوثيق المهمة كمشروع الأرشيف الرقمي الذي انطلق في 2017، والذي يختص بتوثيق المسوحات الأثرية في البلاد.
الحصول على المعلومة
بعد 16 عاماً من إقرار القانون لا يزال حق الحصول على المعلومة في الأردن غير مفعل بشكل كامل وتحمل بنوده ثغرات كبيرة تحول دون وصول الأردنيين للمعلومات والوثائق. فمنذ عام 2007 استبشر الأردنيون بكون المملكة أول دولة عربية تقر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، لكن مراقبين يقولون إنه تحول إلى "ضمان سرية وحجب المعلومات" وليس إتاحتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القانون المكون من 20 مادة واجه انتقادات واسعة، بدءاً من حصر المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها مروراً بالمدة الزمنية للحصول عليها وصولاً إلى عدم إلزامية إنفاذ حق الحصول على المعلومات.
وفي عام 2021 أطلقت الحكومة الأردنية الخطة الوطنية للأرشيف الوطني ومنصة "وثق" الإلكترونية التي تهدف إلى جمع الوثائق من المواطنين وحفظ نسخ منها، بوصفها إحدى أكثر الوسائل حداثة وفاعلية.
وتسهم هذه المنصة في فتح المجال لجمع الوثائق المنتشرة بين أيدي المواطنين بكل أشكالها من الصور والوثائق التاريخية ومواد صوتية ومرئية، والتي تمثل جانباً مهماً من التاريخ الوطني، على رغم أن بعضها يتسم بالطابع الشخصي، لكنها ذات قيمة تاريخية، ويطلق متخصصون على هذه الوثائق مسمى "التراث الشفوي".
معوقات وعراقيل
وتواجه مؤسسات التوثيق في الأردن عدداً من المعوقات، منها نقص التمويل والكوادر المؤهلة، وقلة الوعي بأهمية التوثيق بين أفراد المجتمع الأردني.
يؤكد المدير السابق لمركز التوثيق الملكي محمد العدوان أن التوثيق عرف منذ القدم كشاهد على تاريخ الحضارات وبدأ على شكل لوحات من الصلصال في الأردن القديم، لكن شكل التوثيق تغير إلى الورق والتوثيق الرقمي في العهد الحديث.
لا يعتقد العدوان بوجود حساسية في توثيق المعلومات الرسمية حتى لو كانت عسكرية، مشيراً إلى قيام قيادة الجيش الأردني بالتوثيق العسكري والحربي عبر مديرية التوجيه المعنوي، كما يشير إلى مشاريع توثيق وحفظ 124 مليون وثيقة لسجلات ووثائق دائرة الأراضي والمساحة، ونحو مليون وثيقة لدار رئاسة الوزراء، وكذلك ستة آلاف سجل شرعي للأردن والقدس.
تعديل القانون
بدوره يقول المدير الأسبق لمركز التوثيق الملكي مهند مبيضين إن هناك حاجة ماسة إلى تعديل قانون التوثيق الذي أقر في 2017 وإيجاد مؤسسة أرشيف وطنية.
ويصف مبيضين أهمية التوثيق في الأردن قائلاً "المعارك التي تدور بين الدول وحتى المجتمعات، تفسر حركاتها عبر الأصول التاريخية، وإذا ما ضاعت تلك الأصول يضيع تاريخها". ويضيف "بلغ حجم المادة الإلكترونية أكبر من (2 تيرا بايت) وقابلة للزيادة إلى مستوى ستة إلى (سبعة تيرا بايت)، وهناك ملايين الوثائق التي يمتلكها المركز، لا بد أن يرافق أرشفتها وتوثيقها عملية إتاحة للباحثين والدارسين لأنه إذا لم يتم اطلاع الناس على تلك المعلومات "يصبح العمل لا قيمة له"، معتقداً أن إتاحة التوثيق للعامة يساعد الناس على إجراء أبحاث تساعد الدولة على إدارة أزماتها.