ملخص
ما هو وضع الاقتصاد البريطاني اليوم فعلياً؟ وهل عدم تحقيق أي نمو هو خبر سار؟
متى يكون النمو الاقتصادي بنسبة صفر في المئة مناسبة للاحتفال؟ أولاً، عندما يكون أفضل قليلاً من التوقعات في الأسواق، وثانياً، عندما تكون سياسياً متوتراً من المحافظين، ويبدو لك أن الاقتصاد ربما نجا من الانزلاق إلى الركود عام 2023.
هو أيضاً، في شكل هامشي للغاية، خبر جيد بالنسبة إلى ريشي سوناك. فقد وعد رئيس الوزراء بأن إحدى أولوياته الخمس لعام 2023 هي تحقيق النمو على مدار العام. ويُعَد فشل الاقتصاد البريطاني الراكد في النمو بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، ويبقى رد فعل وزارة المالية على هذا الخبر بالفرح العارم إشارة إلى مدى قتامة الأمور على أرض الواقع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بماذا وعد رئيس الوزراء في شأن النمو؟
الأمر غير واضح تماماً، لكن في الرابع من يناير (كانون الثاني)، ذكر أن إحدى أولوياته الخمس للعام المقبل كانت كما يلي: "سنحقق نمواً في الاقتصاد، ونولّد وظائف ذات رواتب أفضل وفرص عمل في أنحاء البلاد كلها". ووعد بمزيد من الاستثمار في المناطق المحلية، وجادل قائلاً: "في الوقت الحالي، تتمثل أقوى طريقة لتحقيق نمو أعلى في التأكد من أن المملكة المتحدة هي الاقتصاد الأكثر ابتكاراً في العالم".
هل حقق هدفه؟
ربما حقّقه وبالكاد، لأنه في الأساس هدف سهل جداً. لقد نما الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.5 في المئة بين بداية العام والآن، لذلك وما لم يكن موسم الميلاد كارثياً سيسجل الاقتصاد أداءً أفضل بقليل مما كان عليه نهاية عام 2022. ومع ذلك، تظل نسبة الـ0.5 في المئة بائسة، حتى في ضوء المعايير الحديثة، وضعيفة جداً مقارنة بالنسب التي اعتدنا عليها قبل الأزمة المالية الكبرى عام 2008، أي نمو يراوح بين اثنين وثلاثة في المئة سنوياً، بالترافق مع معدل للتضخم عند حد أدنى. والحال أننا سنكون فكرة أوضح وأدق عن النمو بحلول أواخر يناير 2024.
بالطبع، قد تُعدَّل أرقام عام 2023 صعوداً أو هبوطاً في الأشهر وحتى السنوات المقبلة؛ من الممكن أن يؤدي اتخاذ أسس مختلفة – مقارنة فصل بالفصل السابق، أو سنة بالسنة السابقة، أو شهر أو فصل بالشهر أو الفصل المقابل من العام السابق – إلى إجابات مختلفة حول مسألة النمو، ولو أن الصورة العامة لركود مترافق مع تضخم يبدو عنيداً في بعض الأحيان هي الصورة الثابتة.
يقول بنك إنجلترا إن الوضع سيكون هو نفسه إلى حد كبير عام 2025 – التوسع البارد المتعثر الذي يتجاوز بالكاد تعريف الركود، أي فصلين متتاليين من "النمو السلبي [الانكماش]".
ماذا يعني ذلك لبيان الخريف الحكومي – في شأن الضرائب والإنفاق؟
يقول المحللون إن وزير المالية سيملك هامش مناورة بسيطاً، لكن الخيارات محدودة. ذلك أن مقدار ضغط الإنفاق العام منذ العام الماضي – إلى جانب مطابقة نمو أجور القطاع الخاص لمعدل التضخم، والنمو الأفضل هامشياً من المتوقع – يتيح مجالاً لتيسير معتدل للإنفاق العام. لكن جيريمي هانت لا يبدو متفائلاً جداً في شأن تطبيق تخفيضات ضريبية سخية، وهو يعي بحدة تصاعد تكلفة خدمة الدين الوطني. فأي زيادة متواضعة في معدلات الفائدة قد تمحو هامش المناورة المتاح له.
هل سيؤثر النمو في المشهد السياسي؟
لا. ما من فارق واضح في نظر الأسرة العادية التي تعيش في اقتصاد ينمو بواقع 0.5 في المئة سنوياً، أو يتقلص بنسبة 0.5 في المئة، أو لا يشهد تغيراً أبداً. ومن المرجح أن يستبعد الناخبون المعتادون على خيبات الأمل أي تخفيضات في مجال الضرائب أو وعود على صعيد الإنفاق. وستبقى معدلات الفائدة مرتفعة، وسيزداد ببطء معدل البطالة وإفلاس الشركات، وستظل الخدمات العامة خاضعة إلى ضغوط كما هي حالها منذ زمن.
لماذا يبدو النمو هزيلاً؟
بسبب النمو الضعيف للإنتاجية. هي قصة قديمة، يمكن القول إنها تعود إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، لكنه مشكلة تُعَد خطيرة في شكل خاص منذ نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. يحتاج الاقتصاد إلى مستويات أعلى بكثير من الاستثمار، ولا سيما الاستثمار الخاص، وهذا يعني بالضرورة استهلاكاً أقل. لذلك فالتوقعات غير طيبة. وقد تشمل الأسباب الأحدث بريكست، والقفزة في معدل التضخم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والاتجاه المتمثل في "التخلي عن العولمة"، وإعادة الإنتاج إلى المواطن الأم للشركات.
كذلك يؤدي بالضرورة رفع معدلات الفائدة بهدف تخليص النظام من التضخم إلى كساد النشاط الاقتصادي.
هل هذا كله يعني أن ليز تراس كانت على حق؟
من المؤكد أنها كانت محقة في تحديد أن المشكلة الاقتصادية في بريطانيا تتمثل في النمو المنخفض. ذلك أن "الفطيرة"، كما اعتادت أن تقول، يجب أن تكبر حتى نتمكن جميعاً – المدارس والمستشفيات والمتقاعدين والعاملين – من التمتع بشريحة أكبر من الاقتصاد المتنامي. كانت بعض أفكارها، حول الحوافز والاستثمار، تستحق التوقف عندها. لكن تجربتها هددت بتدمير المالية العامة وتغذية التضخم، لذلك كان لا بد من التخلي عن هذه التجربة لأنها كانت ستنتهي إلى ركود.
وحل محلها تقارب غير معلن لكنه ملحوظ في السياسات الاقتصادية للناطقين الحاليين باسم الحزبين الرئيسيين في البرلمان. فالفريقان متفقان على أولوية التغلب على التضخم، وتمتين المالية العامة، وضبط الدين، وزيادة الاستثمار، وزيادة الإنتاجية. ولا يملك أي منهما حلولاً سريعة – أو ربما حلولاً بطيئة.
© The Independent