ملخص
بلغت نسبة عودة الإيرانيين الذين هاجروا عام 2021 واحد في المئة فقط والوضع قد يصل إلى مرحلة تضطر فيها الحكومة إلى "استيراد الأطباء"
في وقت أعلن نائب الرئيس الإيراني للشؤون العلمية روح الله دهقاني أن إحصاءات الهجرة ليست خطرة، حذرت صحيفة "هم ميهن" في تقرير لها من خطورة إغلاق الورش الصناعية والإنتاجية بسبب هجرة العمالة، وقالت إنه خلال الأعوام القليلة المقبلة فإن أحد أهم التحديات التي قد تواجه المؤسسات الاقتصادية في إيران هو نقص العمالة الماهرة.
وأظهرت بيانات الأبحاث والتقارير التي أجريت في العالم أن نحو ثلث القوى العاملة الماهرة تعود لبلادها بعد الهجرة، إلا أنه وبحسب الباحث الاقتصادي أمير كرماني فإن هذه العملية مختلفة كلياً في إيران بحيث بلغت نسبة عودة الإيرانيين الذين هاجروا عام 2000 نحو اثنين في المئة فقط، وفي عام 2021 وصلت إلى أقل من واحد في المئة.
وأظهرت الدراسات الاستقصائية في إيران أنه خلال العامين الماضيين ازدادت هجرة العمالة الماهرة، وأن وجهة معظم المهاجرين الإيرانيين كانت البلدان المجاورة، وهذه العملية قد تخلق مشكلات حقيقية للمؤسسات الاقتصادية في إيران.
لا سياسة محددة
وأكد رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية في غرفة إيران محمود أوليائي هذه الجزئية وقال إنه "على رغم كل التحذيرات التي أُطلقت خلال الأعوام الماضية، إلا أن الحكومة لا تعير أي اهتمام لهذه القضية وليس لديها سياسة محددة في هذا المجال".
وقال أوليائي، وهو ناشط اقتصادي، إن أحد أهم التحديات التي قد تواجه المؤسسات الاقتصادية خلال الأعوام المقبلة هو نقص العمالة الماهرة، مضيفاً أنه حتى هذه اللحظة فإن نقص العمالة الماهرة باتت ملموسة في إيران.
وعن الأسباب التي أدت إلى هجرة اليد العاملة من إيران قال إن هناك عوامل عدة بما في ذلك "العقوبات الذاتية وانعدام الشفافية" تسببت في خلق بيئة عمل غير مناسبة للناشط الاقتصادي مما حال دون نموه وتطوره.
وأشار أوليائي إلى السياسات الاقتصادية للحكومة قائلاً إن "السياسات الخاطئة التي تتخذها الحكومة في دعم الشركات وورش العمل والقوانين التي تصدر بين الفينة والأخرى وتلك المتعلقة بالتأمين أو الضرائب لا تفاقم المسألة وحسب بل وتعمقها أكثر.
ونتيجة للأخطار التي قد تواجه النشاط الاقتصادي، ولأن العمل في إيران عادة ما يكون باهظ الثمن، فإن العمال يفضلون العمل في بيئة أخرى يجدون فيها من يدعمهم، وقال رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية في غرفة حول هذا الموضوع إنه ونتيجة للسياسات الحكومية فقد شهدنا هرب رؤوس الأموال والمتخصصين من البلاد.
إيفاد اليد العاملة
وخلال العامين الماضيين وقعت حكومة إبراهيم رئيسي مذكرة تفاهم واتفاقات مع أرمينيا وسلطنة عمان وقطر والعراق في مجال إيفاد العمالة، وبررت السلطات الحكومية هجرة اليد العاملة من إيران تحت عناوين مختلفة، ومنها "إيفاد اليد العاملة الفائضة والاستفادة من فرص العمل ودبلوماسية سوق العمل".
وخلافاً لادعاءات المسؤولين الحكوميين فإن الدراسات الاستقصائية أظهرت أن اليد العاملة الإيرانية دائماً ما كانت تضطر إلى الهجرة إلى البلدان المجاورة. وسبق أن قال رئيس الغرفة التجارية الإيرانية العراقية إن راتب العامل الماهر في العراق يبلغ حوالى 600 دولار شهرياً، أي ثلاثة إلى أربعة أضعاف الراتب الذي يتلقاه العامل الماهر في إيران، ولهذا فعندما يستطيع العامل الإيراني أن يحصل على راتب وقدره 600 دولار شهرياً في العراق، فلماذا يضيع مثل هذه الفرصة؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الواقع فإن هجرة الإيرانيين إلى البلدان الأخرى لا تقتصر على شريحة العمال المهرة وغيرة المهرة، ونتيجة لسياسات النظام فإن الشرائح الإيرانية الأخرى باتت تفضل مغادرة البلاد بدلاً من البقاء، وخلال الأشهر الأخيرة، قرر كثير من أصحاب المهن والورش الاقتصادية المختلفة والأطباء والممرضات ترك إيران، وهي هجرة إجبارية نظراً لأوضاع البلاد.
وفي أحدث تصريح للأمين العام لدار التمريض في إيران محمد شريفي مقدم في الـ 12 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري لموقع "خبر أونلاين"، فقد قال إن مشكلة نقص الممرضات في المستشفيات أصبحت حادة لدرجة أن كثيراً من المرضى يموتون بسبب نقص الممرضين في المستشفيات الحكومية.
استيراد الأطباء
وقبل ذلك حذرت منظمة النظام الصحي من خطر نفاد المتخصصين والجراحين في إيران، وأكد نائب رئيس الجمهورية للشؤون العلمية خلال مقابلة مع المجلة الطلابية بجامعة شريف طهران أن معدل الهجرة في إيران ليس خطراً.
وقال دهقاني في تصريحه المثير للجدل إنه "خلال الأعوام الماضية على سبيل المثال كان يهاجر 100 شخص، أما الآن فـ 200 شخص، بينما لدينا 2000 متخصص"، مضيفاً أن عملية الهجرة تراجعت.
وكان المتحدث باسم منظمة النظام الصحي رضا لاري بور قال في وقت سابق إن الوضع قد يصل إلى مرحلة تضطر فيها الحكومة إلى استيراد الأطباء.
وكما ورد أعلاه فإن هناك رغبة في الهجرة تتزايد بين شرائح المجتمع الإيراني كافة، وخلال سبتمبر (أيلول) الماضي قال رئيس اتحاد شركات النقل أحمد رضا عامري إن بعض من المتعلمين بمن فيهم الطيارون يحاولون الحصول على رخصة قيادة للهجرة خارج البلاد.
وتحدث "مرصد الهجرة" الإيراني في تقرير له عن زيادة هجرة الطلاب الإيرانيين، وقال مديره بهرام صلواتي إن هجرة الطلاب تشبه "الصندوق الأسود" الذي يجب تسليط الضوء عليه.
وأفاد المرصد نقلاً عن إحصاءات حصل عليها من المديرية العامة للجوازات بأنه خلال الفترة من عام 2000 إلى أغسطس (آب) 2020 إن ما يقارب 37 في المئة من الطلاب الذين حازوا على الرتب من 1 إلى 1000 في اختبار دخول الجامعة وأعضاء منظمة النخب الوطنية والأولمبياد غادروا إيران، ولم يعد منهم إلا أربعة في المئة فقط، كما أظهرت بيانات بحثية أخرى للمرصد نفسه أن هناك أكثر من 60 في المئة من الإيرانيين يرغبون في الهجرة، مؤكداً أنهم إما يخططون للهجرة أو بالفعل أقدموا على الهجرة كلياً.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية".