ملخص
عقب مقتل ديانا في حادث سير بباريس واجهت الملكة تهمة إساءة تقدير مزاج الرأي العام في البلاد.
في الجزء السادس والأخير من مسلسل "التاج" The Crown الذي تعرضه "نتفليكس"، "نعيش" الأسابيع الأخيرة من حياة الأميرة ديانا، بعد طلاقها من الملك الحالي تشارلز الثالث وحتى وفاتها في 31 أغسطس (آب) 1997.
وبعدما كان مصورون متطفلون يلاحقون الأميرة التي كانت تبلغ آنذاك 36 سنة، اصطدمت السيارة التي كانت تقلّها بعمود في نفق ألما في باريس، مما أدى إلى مقتلها وحبيبها المصري الثري دودي الفايد.
كثرت التحليلات حول وفاة الأميرة، واعتبر البعض أن الحادث مدبّر، وأن العائلة الملكية لها شأن في ذلك، لرفضها العلاقة مع الثري المصري، ووجه محمد الفايد والد الراحل، اتهامات للعائلة الملكية مدعياً أن الأميرة توفيت وهي حامل من ابنه.
لم يتم إثبات كل هذه الادعاءات خلال التحقيقات التي حصلت، والمسلسل لم يتطرق إلى كل ذلك، ربما لأسباب انتاجية، لكن المشهد الوحيد الذي ظهر في العمل، تناول سائق السيارة التي كانت تقل الأميرة وحبيبها، وهو يشرب الكحول (3 كؤوس) قبل انطلاق الرحلة الأخيرة. تلميح بسيط من القيّمين على العمل، حول السبب المحتمل للحادث.
النهاية
ينقسم الجزء الأخير من المسلسل إلى قسمين: الأول يتناول الأيام الأخيرة من حياة ديانا (4 حلقات)، فيما الثاني يتمحور حول الأمير ويليام ويبدأ عرضه منتصف الشهر المقبل. نتابع في الجزء الأول، كيف تطورت العلاقة بين الفايد وديانا، وكيف خطط الوالد لابنه للفوز بقلب الأميرة. تظهر ديانا، كأي أم أخرى، تهتم بطفليها، وتلعب معهما، تأكل وتشرب وتتحدث وتضحك.
هي فتاة عادية، وتصرفاتها طبيعية، لا تتصنع الحدث، لكنها محبة للأضواء. خلال عطلة صيفية في سان تروبيه، حيث كانت تقضي إجازة مع عائلة الفايد، تتوجه إلى الصحافيين المتجمعين لالتقاط صور لها، طالبة منهم بعض الخصوصية، لأن الطفلين بدآ يتضايقان من الرقابة الدائمة.
تستعرض جسدها الأنيق أمام عدسات الكاميرا وتغادر. تنشأ بينها وبين دودي، علاقة صداقة متينة، تتحول إلى عاطفية. تُحاول من خلال ذلك استكشاف ذاتها مجدداً، تسافر معه مرة جديدة، وهنا يبدأ رجل الأعمال محمد الفايد بتدخلاته لفرض هذه العلاقة على الرأي العالمي. يرسل مصور باباراتزي لالتقاط صور للحبيبين، فيلتقط الصورة الشهيرة لهما وهما يقبلان بعضهما البعض على يخت فاخر.
تنتشر الصورة، وهنا تبدأ الأحداث بأخذ منحى آخر.
يستشعر القصر الملكي، بخطورة هذه الصورة وما تشكله من تهديد على قداسة العائلة الملكية، فيرد بصور نمطية للأمير تشارلز وولديه وهما يقضيان وقتاً ممتعاً سوياً. ويبرز هنا موقف الملكة من كل ذلك. ثمة علاقة ملتبسة ما بين ديانا والملكة الراحلة، ويظهر ذلك بوضوح في الحلقة الأخيرة.
الحادث
عقب مقتل ديانا في حادث سير بباريس واجهت الملكة (إيميلدا ستونتون) تهمة إساءة تقدير مزاج الرأي العام في البلاد بقرارها البقاء في قصر بالمورال في اسكتلندا من أجل مواساة حفيديها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واضطرت للعودة إلى لندن تحت ضغط وسائل الإعلام والرأي العام. وفي سابقة هي الأولى من نوعها، وقبيل دفن ديانا ألقت الملكة إليزابيث الثانية (إيميلدا ستونتون) كلمة متلفزة مباشرة تحدثت فيها بصراحة عن زوجة ابنها. كانت كلمة بارعة أكدت فيها على المشاعر الإنسانية التي كانت تتمتع بها الأميرة الراحلة ومساهمتها في حياة المجتمع.
وشعر كثيرون بأن الملكة نجحت في إنقاذ الأسرة الملكية من السقوط. وعند مرور جنازة ديانا أمام قصر باكنغهام، أحنت الملكة رأسها احتراماً لأميرة شابة حظيت بحب واحترام الكثيرين ولكنها ظلت بالنسبة إليها لغزاً محيراً حتى النهاية. (لم يظهر في المسلسل مشهد انحناء الملكة).
تظهر تلك العلاقة الملتبسة جيداً، في المشهد المتخيل بعد موت ديانا، إذ تقول الملكة للأميرة التي تؤدي دورها إليزابيث ديبيكي "لقد نجحتِ أخيراً في تغيير كل شيء داخل الأسرة. إنّ ما حدث لا يمثل أقل من ثورة".
كلمات تحمل الكثير الكثير من التأويلات والتفسيرات، حول الدور التي لعبته ديانا في حياة الأسرة الملكية، وكيف غيّرت نظرة الناس لهذه العائلة التي تحيط نفسها بالأسرار والجدران الجليدية.
على مدار المواسم الخمس السابقة، يظهر ذلك بوضوح، من خلال علاقة الملكة الباردة والجافة مع أبنائها، لا مشاعر ولا حب. حتى العلاقة مع زوجها الأمير فيليب طاولتها الكثير من الانتقادات، إذ اتُهم المسلسل بالإشارة إلى خيانات بين الملكة وزوجها، وإظهار الملك الحالي كزوج خائن، والحديث عن رغبة تشارلز في رؤية والدته تتنحّى عن العرش في تسعينيات القرن العشرين.
شعبية ديانا
في سياق متصل، يرصد المسلسل الحالة الشعبية والتعاطف مع ديانا التي كانت مصدر إلهام وفرح وحب وعطاء، ورمزاً للموضة والبساطة، بالنسبة إلى كثيرين. واكتسبت ديانا شعبية عالمية من خلال إظهار تعاطفها مع الأشخاص الأكثر حرماناً وعوزاً في العالم. ولا تزال موضع إعجاب كبير خارج المملكة المتحدة.
كما يبرز في الحلقة الأخيرة، النقاش الذي دار بين الملكة التي كانت رافضة أن تكون للأميرة جنازة شعبية، وموقف ابنها الملك الحالي، في أن أم الملك المستقبلي يجب أن تكرّم بجنازة مهيبة، في حين طلب رئيس الوزراء السابق طوني بلير، بعدما أطلق على ديانا لقب "أميرة الشعب"، أن يكون وداع ديانا تاريخياً، وهذا ما حصل.
أمام كل هذا الضغط الرسمي والشعبي، غيّرت الملكة موقفها عن مضض وشاركت في الوداع الأخير، لكن صدمة رحيل ديانا، رافقت العائلة الملكية، وقتاً طويلاً.
من جهة ثانية، نرى أن محاولات محمد الفايد للتقرب من العائلة المالكة، كلها فشلت، ولم ترد العائلة على أي من رسائله أو هداياه أو تعزيته، ويكرّس المسلسل ما قُدّم سابقاً من الموقف السلبي للملكة تجاه الفايد وعدم تقبّله على رغم محاولاته المتكررة.
بدأ عرض الجزء الأول من العمل في 2016، وواجه منذ بدايته انتقادات عدّة، بسبب الأحداث غير الواقعية كما يقول البعض، في حين سمح العمل للمشاهد، التعرف إلى حياة العائلة الملكية، ومشكلاتها، وكسر الهالة الموجودة حولها، وتعريف الناس على أنهم بشر ولهم أخطاؤهم وليسوا بآلهة.
فيما اعتبر البعض، أن المسلسل قدّم صورة سيئة عن الملك الحالي، بخاصة حين عرضت في الموسم الخامس مكالماته الجنسية مع كاميلا الملكة الحالية، أو محاولاته لاستلام الحكم باكراً.