ملخص
المناقشات تشجع على ترك إسرائيل لكونها "لم تعد آمنة" وحتى بعد انتهاء الحرب فإن ضمان أمن جميع المناطق يتطلب وقتاً طويلاً وسيكون من الصعب على الآلاف تحمله.
في الشهر الأول من حرب غزة سجلت إسرائيل رقماً قياسياً في عدد المسافرين الذين غادروا مطار بن غوريون والمعابر البرية، غالبيتهم تركوا بيوتهم في الأسبوع الثاني من الحرب، وهو أمر يشكل قلقاً لوزارة الهجرة والاستيعاب بعد أن أعلن غالبيتهم أنهم لا يفكرون بالعودة، فيما ينتظر البعض انتهاء الحرب وخطر الصواريخ ليقرر البقاء أو الهجرة.
لعبة روليتا الروسية
تسميات كثيرة أطلقت على وضعية الإسرائيليين خلال الحرب، من جهة، وما آلت إليه كل مناطق إسرائيل من جهة أخرى، ومع بدء ظاهرة هرب سكانها إلى الخارج وصفت صحيفة هآرتس ما يحدث في إسرائيل بـ"لعبة الروليتا الروسية" (لعبة حظ مميتة يضع فيها الشخص رصاصة واحدة بالمسدس ويحرك الأسطوانة ويصوب نحو رأسه).
وظهرت مبادرات لإقامة مجموعات "واتساب" بمشاركة المئات شجعت على ترك إسرائيل فيما تجندت مجموعات من اليهود القاطنين في الخارج لدعم المسافرين ومساعدتهم في توفير أماكن سكن ومن ثم العمل والعيش إذا كانوا ممن ينوون الهجرة.
وبحسب التقديرات فما لا يقل عن 50 ألف إسرائيلي لا يفكرون بالعودة فيما البقية ينتظرون انتهاء الحرب والوضع الأمني ثم بعدها سيتخذون قرارهم في حال شعروا بالأمن.
قبرص الأقرب
قبل اندلاع حرب غزة انتشرت إعلانات الاستثمار في قبرص بين الإسرائيليين، حيث عرضت أسعاراً مغرية جداً بل بدأ مقاولون إسرائيليون في البناء هناك، وفي لارنكا على وجه الخصوص، ما جعلها الأكثر إقبالا للإسرائيليين، منذ الأسبوع الأول من اندلاع الحرب.
مدة السفر بين تل أبيب ولارنكا لا تتعدى الـ40 دقيقة وبالنسبة إلى الإسرائيليين في حال الحرب فإن الأفضل عدم السفر مسافات طويلة خشية استهداف الطيران في أجواء دول قريبة من جهات معادية لإسرائيل، وفق ما ذكر مدير مكتب سياحة، وعليه فإن "قبرص هي البلد الأقرب من البيت والأبعد من صواريخ الحرب"، وهذا هو العنوان الذي جذب كثيرين فتجاوبوا مع مجموعات "واتساب" وأخرى في شبكات التواصل الاجتماعي، ناقشت الوضع الأمني في إسرائيل وانتقدت الحكومة والأجهزة الأمنية التي لم تفكر بأمن سكان بلدات المناطق الحدودية.
وخلال المناقشات كان هناك تشجيع كبير على ترك إسرائيل لكونها "لم تعد آمنة وحتى بعد انتهاء الحرب فإن ضمان أمن جميع المناطق يتطلب وقتاً طويلاً وسيكون من الصعب على الآلاف تحمله"، كما جاء في واحدة من مجموعات "واتساب".
وفي التقرير الذي عرضته صحيفة "هآرتس" لظاهرة هجرة وهروب الإسرائيليين تطرقت إلى عائلة لاعب كرة قدم معروف في إسرائيل اسمه "عميت امزلاغ"، الذي كان في قبرص عندما اندلعت الحرب فقرر وعائلته عدم العودة ونقلت قوله: "أختار دائماً أن أكون حيث أجد عائلتي والأقل خطراً. في إسرائيل الآن يشبه الوضع لعبة (الروليتا الروسية). أريد أن أكون خارج هذه اللعبة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في قبرص انخرط عميت في مجموعة من الإسرائيليين والمحليين ووضعوا نظاماً لتشجيع الإسرائيليين على السفر إلى قبرص فيما أقيمت مجموعة مقابلة في الخارج تهتم بهم وبأولادهم، ويقول "منذ أسابيع ونحن نعمل بضغط كبير حيث يصل إلينا كثير من الإسرائيليين الذين يعانون قلقاً وخوفاً، فنحاول مساعدتهم في كل شيء، أين يذهبون وماذا يشترون، ونحاول تهدئتهم، ونشرح لهم أن هناك جالية يهودية كبيرة وداعمة هنا تعمل وتهتم لضمان شعورهم بالأمان. في الغالب تأتي العائلات التي لديها أطفال صغار أو الأشخاص الذين يمكنهم العمل عن بعد، معظم الذين وصلوا، إن لم يكونوا جميعاً، سافروا بتذكرة باتجاه واحد".
منذ الأسبوع الثاني من الحرب كان مطار بن غوريون فارغاً من المسافرين باستثناء قاعة الانتظار للمسافرين إلى قبرص وتم إلغاء غالبية رحلات الطيران باستثناء قبرص التي بقي العمل فيها فعالا ثم في المكانة الثانية الولايات المتحدة.
في إسرائيل هناك مجموعات استغلت هذا الوضع وحولته إلى مكسب مالي لها، فعملت عبر كل الوسائل لتجنيد إسرائيليين للسفر ونشرت قوائم دول يمكنها قبول إسرائيليين كلاجئين إليها أو أنها تسهل عملية منح الجنسية لمن يصلها من إسرائيل.
وروج أحد المستفيدين أن البرتغال تعترف باللاجئين الإسرائيليين وتمنح تأشيرة لاجئ، وأنه يهتم بكل مجموعة تصل هرباً من الحرب بضمان تأشيرة لاجئ وضمان عمل. إضافة إلى البرتغال نشرت قائمة الدول التي تتعامل بسهولة مع من في حوزته جواز سفر إسرائيلي بينها المكسيك، وغواتيمالا، والسلفادور، ونيكاراغوا وكوستاريكا. وجاء في إحدى المجموعات المنتشرة بين الإسرائيليين أن هذه الدول تستقبل بسهولة الإسرائيليين وتيسر الإقامة فيها لسنوات طويلة.
عبريتهم خطر
لم يخف الإسرائيليون الذين غادروا إسرائيل، سواء إلى قبرص أو غيرها من الدول، قلقهم وخوفهم في الخارج بسبب كراهية مجموعات كبيرة للإسرائيليين واليهود، لكنهم اعتبروا وجودهم في الخارج مع الكراهية أكثر أمنا لهم من البقاء مع تهديد الصواريخ. وأعرب إسرائيليون في شبكات التواصل الاجتماعي عن الخوف الكبير الذي يرافقهم في كل مكان ينتقلون إليه إذا اضطروا إلى الحديث بالعبرية أو اكتشف السكان المحليون أنهم إسرائيليون.
وخشية أن يتعرض الإسرائيليون ممن تركوا إسرائيل أو من يديرون مجموعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي لخطر جهات معادية، وفق ما جاء في واحدة من هذه المجموعات، اتفق على نظام أمن معين، فكل من يريد الانضمام، مثلاً، لمجموعة واتساب، عليه أن يبعث بفيديو قصير يتضمن بعض التفاصيل عنه ومعطيات تؤكد أنه ليس عنصراً معادياً ثم تأتي رسالة تحذر من تظاهرة كبيرة مؤيدة للفلسطينيين، بعد ذلك ينضم الشخص إلى المجموعة ومن ثم تبدأ الإجراءات لاستيعابه في الدولة التي يريد الهجرة اليها.
لا ثقة بالقيادة الإسرائيلية
في مقابلات نشرتها مجلة "ماكو" مع إسرائيليين قرروا الهجرة، تقول أم لطفلين أطلق عليها "تالي" ورفضت الكشف عن اسمها الكامل، "سقط صاروخ على بعد متر من بنايتي وأدى إلى انهيار طابق بأكمله، كان ذلك اليوم الأول من الحرب، يوم السبت، ولم يكن أمامي أي خيار سوى النزول إلى الملجأ. في ذلك اليوم صعدت ونزلت الدرج إلى الملجأ 70 مرة، عندها أدركت أنني لا أستطيع البقاء في إسرائيل".
أضافت تالي "قرار هجرتي لم يأت من العدم. لقد فكرت بالهجرة قبل سنة بعد أن شعرت أنه لا يوجد أحد أثق به. وكنت على حق. كذلك لا يمكن تحمل المعيشة الباهظة في إسرائيل وبات لدينا شعور أنه لا يوجد مكان نذهب إليه، وبعد أن شعرت بالخطر يقترب مني ومن أطفالي حسمت الأمر بقرار الهجرة".
وتقول تالي "لا أملك مالا كثيراً للهجرة ولهذه المغامرة، لكنني أفضل أن أعيش بوضع اقتصادي صعب في الخارج عن العيش تحت خطر الصواريخ. وأنا لا أثق بالأشخاص المسؤولين عن مستقبل إسرائيل. بصراحة ليس لدينا دولة".