ملخص
عرفت الساحة السياسية في الجزائر حالاً من الترقب لما سيحمله مشروع قانون الأحزاب الجديد، بين من يرى أن من شأنه إعادة ضبط العمل الحزبي ومن اعتبر أنه يدفع إلى صعود أحزاب وتراجع أخرى
تأخر الإعلان عما حصدته ورشة مراجعة قانون الأحزاب في الجزائر أقلق بعض الطبقة السياسية التي دعت إلى الإفراج عن المشروع الذي قالت وزيرة العلاقات مع البرلمان بسمة عزور إن نصه سيعرض للمناقشة في الدورة البرلمانية الحالية، مما طرح تساؤلات حول أسباب "تعطل" الخطوة في ظل "الصمت" السياسي الذي يطبع المشهد الحزبي.
حال قلق
ومن المرتقب أن تنتعش الساحة السياسية بعد دعوة "التجمع الوطني الديمقراطي" إلى مراجعة قانون الأحزاب من أجل تكييفه مع أحكام دستور 2020، وشدد على ضرورة تعزيز دور الأحزاب في الساحة السياسية تماشياً مع الإصلاحات التي شهدتها الجزائر خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، مبرزاً أهمية إرساء حوكمة محلية فعلية بإشراك الفاعلين كافة والتحرر من التردد والتحلي بروح المبادرة والمسؤولية لمعالجة مشكلات التنمية بمختلف أبعادها.
وعرفت الساحة السياسية في الجزائر حالاً من القلق والترقب لما سيحمله مشروع قانون الأحزاب الجديد الذي أشار الرئيس عبدالمجيد تبون إلى أهمية الانتهاء منه، من إضافات في باب حريات وصلاحيات وحقوق الأحزاب، وشروط الممارسة الحزبية، بين من يرى أن من شأنه إعادة ضبط العمل الحزبي وتغيير المشهد السياسي، ومن اعتبره يهدد الممارسة السياسية الحزبية على اعتبار أنه يدفع إلى صعود أحزاب وتراجع أخرى، وربما اختفاء التي لا يمكنها التأقلم، وبذلك صناعة مشهد سياسي حزبي على المقاس.
"تجسيد القوانين على أرض الواقع"
وفي السياق، يقول القيادي في "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم حزب معارض في البلاد، مراد بياتور في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن السلطة السياسية في بلاده عملت دائماً على تكييف الأحزاب وتقييد الصحافة، من ثم تمييع العمل السياسي لأنه وكما هو معروف في الديمقراطية، وحدها العملية السياسية بكل متغيراتها بإمكانها قلب موازين القوى وتحقيق تغيير على مستوى السلطة، وهذا بالذات ما تخشاه السلطة القائمة منذ الاستقلال. ورجح أن "تتريث السلطة الحالية في طرح قانون الأحزاب لاعتبارات عدة، منها التخوف من طرح قانون سيعمل على نظام التصريح من دون الاعتماد، كما ينص عليه الدستور الحالي، إضافة إلى هشاشة الأحزاب أو الأجهزة السياسية التابعة للسلطة التي أصبحت سهلة الاختراق من قبل السلطة".
واعتبر بياتور أن القوانين على الورق فقط وفي التصريحات والخطابات السياسية لا تكفي لوحدها، بل الأهم من ذلك مدى تجسيدها وتطبيقها على أرض الواقع"، وختم متسائلاً "إلى متى سينتهي هذا التناقض بين النصوص التشريعية وتطبيقها في الواقع؟".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"مطالبات تختلف أسبابها"
في المقابل، تأمل الحقوقية نهاد مزيان في أن يكون مضمون قانون الأحزاب الجديد جديراً بتأخر الإفراج عنه، مشيرة إلى أن "بعض الأحزاب لا ترقى إلى مستوى التثقيف والتوعية وتعزيز الديمقراطية بطريقة جلية وواضحة، مما يمكن تسجيله ضمن خانة القصور في القيام بالمهمات الملقاة على عاتقها".
وتتابع أن الصراعات الداخلية والاختلاف في الأيديولوجيات والتوجهات ناهيك عن الفساد، كلها عوامل أدت إلى "صمت" المشهد حزبياً، موضحة أن مطالبة بعض الطبقة السياسية بمراجعة قانون الأحزاب تختلف أسبابها على رغم أن هدفها واحد والذي يتمثل في أن تكون القوانين قادرة على التعامل مع التحديات الجديدة وتضمن فاعليتها، كما تعطي حرية أكبر بعيداً من أي تضييق. وأبرزت أنه من الضروري تشجيع التواصل والمشاركة من أجل العمل التشاركي الذي هو الأصل، من دون تجاهل التمثيل الجدي سواء للغالبية الرئيسة أو الأقليات المتنوعة على اعتبار أنها الديمقراطية الحقيقية، إضافة الى تسريع العملية التشريعية.
موت سريري؟
إلى ذلك، اعتبر الناشط السياسي عبدالحليم بن بعيبش أنه بات من الضروري تنظيم الساحة السياسية في الجزائر لأن الوضع الحالي غير مقبول، موضحاً أن 60 في المئة من التشكيلات دخلت في حال موت سريري، وهي لم تعد أحزاباً إلا بالاسم والاعتماد فقط، لذا فإن تعديل قانون الأحزاب خطوة إيجابية مبدئياً، مضيفاً أنه إذا كانت المراجعة تهدف إلى توفير حرية أكبر، لا سيما في ما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات، فهي أمر مرحب به، أما أن يكون التغيير باتجاه مزيد من التشديد فذلك منافٍ للمنطق، وشدد على أهمية أن تكون الخطوة من أجل عمل سياسي حقيقي ومنظم كما يجب أن يكون لأن العمل الحزبي هو المعيار الحقيقي لأي ديمقراطية، وأشار إلى أن الأحزاب في الجزائر لم تعد تقوم بدورها، وباتت ميكانيكية تنتظر الفعل من السلطة لتقوم برد الفعل، ما عدا بعض التشكيلات.
وكان الرئيس تبون دعا خلال لقاء مع مجموعة من الصحافيين الجزائريين، التشكيلات السياسية إلى "تخطي الأساليب البالية في النشاط الحزبي والتركيز على العمل الفاعل القائم على تجنيد المناضلين في الشارع"، مشدداً على ضرورة إخضاع قانون الأحزاب السياسية للمراجعة. وأشار إلى أن القاسم المشترك بين التشكيلات السياسية كافة، على اختلاف توجهاتها، يتعين أن يكون "الوحدة الوطنية وبيان أول نوفمبر الذي يدعو إلى بناء دولة ديمقراطية اجتماعية".