Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤتمر المناخ يدخل مرحلة الحسم وسط استمرار الخلافات في شأن الوقود الأحفوري

السعودية تدعو إلى الأخذ في الاعتبار المخاوف من الدعوات للتخلي عن النفط وسط تصاعد حاجات الاقتصاد العالمي

الوقود الأحفوري ينتج اليوم نحو 80 في المئة من الطاقة في العالم (رويترز)

مع دخول محادثات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "كوب28" مرحلة الحسم اليوم الإثنين، حث مسؤول الأمم المتحدة للمناخ سيمون ستيل الدول على التكاتف من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي في وقت تتواصل الخلافات في شأن إمكانية الدعوة إلى التخلص من استخدام الوقود الأحفوري.
وقال ستيل "أحرز تقدم في شأن حل بعض الخلافات أمس"، لكنه حذر من أن "كل خطوة إلى الوراء عن الطموح الأسمى ستكلف ملايين الأرواح".


في تلك الأثناء، تترقب الدول المشاركة في المؤتمر المنعقد في دبي إصدار رئاسة مؤتمر "كوب28" اليوم الإثنين مسودة جديدة لما سيكون عليه الاتفاق النهائي المرتقب.

تحالف من 80 دولة 

وتابع ستيل في مؤتمر صحافي صباح اليوم الإثنين "أزيلوا العوائق التكتيكية غير الضرورية من الطريق، لقد كان هناك الكثير منها طوال الرحلة".
وقال إن "هناك قضيتين رئيستين لا تزالان قيد المناقشة، أولهما مدى استعداد الدول الطموحة للتصدي لتغير المناخ، إضافة إلى حجم التمويل والدعم الذي ستقدمه لدعم هذا الهدف".
إلى ذلك يضغط تحالف من أكثر من 80 دولة، من بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول جزرية صغيرة، من أجل التوصل إلى اتفاق يتضمن حديثاً عن "التخلص التدرجي" من الوقود الأحفوري، وهو عمل لم يتم إنجازه خلال 30 عاماً من مؤتمرات الأمم المتحدة، إلا أن هذه الدول تواجه بعض المعارضة القوية.

في المقابل، دعت السعودية التي ترفض حتى الآن أي اتفاق دولي حول التخلي عن الوقود الأحفوري، أمس الأحد، الدول المشاركة في "كوب28" إلى الأخذ في الاعتبار وجهات نظرها ومخاوفها، مشددة على ضرورة معالجة مسألة الانبعاثات من خلال تطوير حلول تكنولوجية.

وتضامناً مع السعودية أكد العراق رفضه إدراج مسألة التخلي عن الوقود الأحفوري في الاتفاق النهائي للمؤتمر لينضم  بصورة علنية إلى الموقف السعودي.
وقال ممثل السعودية أمام الدول المجتمعة في دبي "ندعو جميع الموجودين في المجلس إلى التفكير بصورة إيجابية ومعالجة مسألة خفض الانبعاثات الضرورية وفي الوقت نفسه توسيع نطاق التقنيات المنخفضة الانبعاثات، ولكن أيضاً أخذ في الاعتبار وجهات نظرنا ومخاوفنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وأضاف "النقاط المدعومة سياسياً حول استهداف قطاعات طاقة محددة، هي أمر سمعناه في العديد من النقاشات المختلفة وفي العديد من السياقات المختلفة، ولكن في كل مرة، ساد العلم والمنطق السليم والمبادئ".
وتابع "هذه المنطقة مهمة جداً لمعالجة الحلول المناخية، نحن نسهم بصورة كبيرة في الحلول المناخية، نحن في حاجة إلى أن نكون جزءاً من الحل".
من جهته، قال وزير البيئة العراقي جاسم عبدالعزيز حمادي أمام الدول، إن "التخفيض والتخلص التدرجي من الوقود الأحفوري والإلغاء التدرجي لإعانات الوقود الأحفوري، تتعارض مع مبادئ اتفاق باريس"، معتبراً أن "ذلك يحدث اضطراباً في الاقتصاد العالمي ويزيد أوجه عدم المساواة في العالم".
وتشكل الإشارة إلى "التخفيض التدرجي" أو "التخلص التدرجي" من الوقود الأحفوري في النص الختامي لمؤتمر المناخ، مسألة شائكة في المحادثات الجارية في دبي، إذ يحاول مندوبو الدول التوصل إلى اتفاق جديد للحد من ظاهرة الاحترار المناخي.

وترى السعودية إنه من المستحيل أن يستغني الاقتصاد العالمي عن النفط، وسبق أن أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز أنه "لن يوافق إطلاقاً على التخفيض التدرجي لاستخدام الوقود الأحفوري".
مضيفاً "نحن في حاجة إلى التفكير بطريقة تأخذ في الاعتبار الظروف الوطنية المختلفة لكل دولة، ونحن في حاجة إلى أن نكون متصلين بواقع العالم الذي نعيش فيه اليوم".

المفاوضات الحقيقية تبدأ الآن

قبل 48 ساعة من موعد انتهاء المؤتمر، تواجه الدول النفطية ضغوطاً غير مسبوقة في تاريخ مؤتمرات المناخ من جانب الدول الأخرى المشاركة في المحادثات والمطالبة بإنهاء عصر الوقود الأحفوري، حتى لو أن الجدول الزمني والوتيرة المتعلقة بهذا "التخفيض" أو "التخلي" لا يزالان غير محددين.
إلى ذلك أكد رئيس "كوب28" الإماراتي سلطان الجابر في مؤتمر صحافي أمس الأحد، أن "الفشل ليس خياراً"، قبل أن يجتمع الوزراء الموجودون في المؤتمر، في "مجلس" تبعاً للتقاليد الإماراتية، لمناقشة الأمور المطروحة على قدم المساواة.
وكان الجابر الذي يشغل أيضاً منصب رئيس شركة النفط الإماراتية العملاقة "أدنوك"، طلب منهم القدوم مع "حلول" بدلاً من "المواقف"، إذ إنه يكرر أنه يريد أن ينتهي المؤتمر بـ"اتفاق تاريخي" في 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري يتوافق مع الحفاظ على هدف اتفاق باريس والمتمثل بحصر الاحترار المناخي في 1.5 درجة مئوية.
وفي نهاية الاجتماع، قال المفوض الأوروبي للمناخ فوبكه هويكسترا إنه واثق من أن هناك "غالبية لا بل غالبية كبرى من الدول الحاضرة، التي تريد طموحاً أكبر"، قبل أن يتوجه إلى الجناح السعودي، في مؤشر إلى أن المفاوضات الحقيقية تبدأ الآن.
وفي مؤشر إضافي على أن المفاوضات تجري على قدم وساق على رغم المواقف العلنية المتعارضة، فقد احتفل أول من أمس السبت عدد من الدبلوماسيين بينهم صينيون وإماراتيون وسعوديون، بعيد ميلاد المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري الذي بلغ ثمانين عاماً اليوم الإثنين، بحسب ما أفاد مصدران من دون الكشف عن هويتيهما.
ويعتمد الاتفاق النهائي أيضاً على التعهدات المقدمة للدول الناشئة مثل الهند، التي ما زالت تنتج ثلاثة أرباع حاجاتها من الكهرباء من طريق حرق الفحم وللدول النامية التي تطالب الدول الغنية بتخصيص الأموال لمساعدتها على تركيب محطات الطاقة الشمسية أو توربينات الرياح التي تحتاج إليها.
وقالت وزيرة الانتقال الطاقي الفرنسية أنييس بانييه روناشيه المكلفة بحضور مؤتمرات المناخ، "في ما يخص الوقود الأحفوري، يبدو أن الصين تريد اتفاقاً"، مستدركة "على أي حال، تفعل كل شيء من أجل ذلك".
ويتعين أن يتم إقرار الاتفاقات في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ بالإجماع بين ما يقرب من 200 دولة مشاركة.
ومع اقتراب قمة "كوب28" من نهايتها، عاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى المؤتمر بعد ظهر أمس الأحد، وقال في منشور على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي المعروفة سابقاً باسم "تويتر"، أنا "هنا لأجدد ندائي العاجل إلى القادة... عاودوا الالتزام بالحد الأقصى لارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، وضعوا حداً لعصر الوقود الأحفوري وحققوا العدالة المناخية".
كانت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) دعت أعضاءها في وقت سابق برسالة في "كوب28" اطلعت عليها "رويترز" معارضة أي لغة تستهدف الوقود الأحفوري بصورة مباشرة.
وعلى رغم النمو السريع للطاقة المتجددة، إلا أن الوقود الأحفوري ينتج اليوم نحو 80 في المئة من الطاقة في العالم.
وقال مفاوضون إلى "رويترز" إن أعضاء آخرين في "أوبك" وتحالف "أوبك+"، بما في ذلك روسيا والعراق وإيران، قاوموا أيضاً محاولات إدراج التخلص التدرجي من الوقود الأحفوري في اتفاق "كوب28".
من جانبها، قالت وزيرة البيئة السنغافورية غريس فو اليوم الإثنين إن "المحادثات أحرزت تقدماً في بعض المجالات"، مستدركة "لكن لا يزال هناك الكثير من العمل يتعين القيام به".
الإعلان المشترك

وفيما تواصل وفود نحو 200 دولة المفاوضات المكثفة للتوصل إلى اتفاق، تم إلغاء العديد من الفعاليات العامة المعلن عنها في اللحظة الأخيرة، بينما لا يزال الجميع ينتظر صدور مسودة جديدة للنص الختامي، وبعدها ستبدأ جلسات مكثفة من المفاوضات يصل خلالها المندوبون والمراقبون الليل بالنهار.

وحتى الآن لم يحرز مندوبو الدول والوزراء تقدماً يذكر على رغم المفاوضات الماراثونية واللقاءات الثنائية التي تجري في أجواء متكتمة في مدينة "إكسبو دبي"، مقر إقامة المؤتمر.

وقد يشكل الإعلان المشترك الذي صدر عن الولايات المتحدة والصين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أساساً للاتفاق النهائي لمؤتمر دبي.

ففي هذا الإعلان تجنب البلدان المسؤولان عن 41 في المئة من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة، التطرق إلى "التخلي" عن الوقود الأحفوري واستعاضا عن ذلك بالقول إن الطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح...) ينبغي أن تحل محل الطاقات الأحفورية تدريجاً.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الإثنين المجتمعين في "كوب28" إلى إظهار "أقصى قدر من المرونة" و"حسن النية" لضمان الاستغناء عن "كل مصادر الوقود الأحفوري".
وقال متوجهاً للصحافيين خلال مؤتمر في دبي  إنه "لا بد أن يلحظ النص النهائي الذي ينبغي اعتماده الثلاثاء الحاجة إلى الابتعاد عن كل مصادر الوقود الأحفوري وفق جدول زمني يتماشى مع 1.5 درجة مئوية وهو الحد الذي ينبغي عدم تجاوزه للاحترار العالمي".
وحول مراعاة مطالب الدول النامية بإتاحة مزيد من الوقت لها مقارنة مع الدول الغنية، قال غوتيريش، "هذا لا يعني أن جميع البلدان يجب أن تستغني عن الوقود الأحفوري في الوقت نفسه"، مؤكداً "نحن في سباق مع الزمن للتوصل إلى اتفاق نهائي يصدر بتوافق في الآراء".

المزيد من متابعات