ملخص
الفن يجب أن يكون دائماً مرآة للمجتمع وهو صورة البلد الحضارية.
في الماضي كان العنوان الأساس للفنون أنها تحمل في طياتها قضايا إنسانية واجتماعية وسياسية وغيرها، وكان الفنانون في مختلف القطاعات، سواء كانوا شعراء أو مؤلفين أو مغنين أو مسرحيين، يسعون من خلال أعمالهم إلى مناقشة قضايا تهم المجتمعات التي ينتمون إليها.
ومع مرور الزمن بات الصناع في عالم الفن هدفهم إمتاع الناس من خلال أغنيات وأفلام ومسرحيات وروايات ومسلسلات سطحية تعالج أمور آنية بعيدة من الواقع المرير الذي يعيش فيه الشعب.
عابد فهد
يرى الممثل السوري عابد فهد أن زمن الدراما الجميل كما يطلق عليه، والذي كانت فيه الأعمال التلفزيونية تحمل قضايا عميقة ومؤثرة قد ولّى، موضحاً أن المؤلفين الذين عاشوا هذا الزمن رحلوا ولم يعد هناك كتّاب يحملون معهم الفكر والعمق والمتعة في آن معاً.
ويقول في حديث إلى "اندبندنت عربية" إنه "لا شك في أن التلفزيون هو مادة للمتعة والتسلية إنما أيضاً للثقافة، لكن الجانب الثقافي في الحياة والتجربة التي كان يتشربها المؤلف من نبض الشارع غابت وأصبحت كل الأمور مسطحة، وبات الهدف عند صناع الدراما البحث عن التشويق والإثارة تقليداً لما تبثه منصة ’نتفليكس‘ التي برأيي شوهت الدراما العربية وقاعدتها، فالدراما على هذه المنصة الغربية لا تشبه المجتمع الشرقي القائم على احترام التقاليد الاجتماعية الثابتة التي تليق بنا وبحياتنا وأشكالنا، فلقد شُوه الذوق الرفيع الذي عشناه وتربينا عليه".
ويتابع الممثل السوري أن "هذه المنصات كان لها تاثير سلبي مباشر يشبه المقصلة، وهذا ما جعل كتابنا يقلدون دراما ’نتفليكس‘ مما أخرجنا من جلدنا وأصبحت أعمالنا الدرامية فارغة من القضايا بكل جوانبها، والمشاهد الذي يتابع الدراما المقلدة بات على يقين أنها لا تشبه بيئته، وهذا يجعلها تفشل لأن الدراما مرآة للمجتمع".
وفي المقابل يقول المؤلف المصري الدكتور مدحت العدل الذي كتب أكثر من عمل غنائي وطني مثل "الحلم العربي" و"القدس هترجع لنا"، إن "الفنون لا تزال تهتم بالقضايا لأن الفن بعامة هو رمز القضية على رغم تسطيح بعضهم له، إذ شارك في أوبريت ’الحلم العربي‘ عشرات المطربين العرب وكان الهدف دعم القضية الفلسطينية، ومع استشهاد محمد الدرة كتبت أوبريت ’القدس هترجع لينا‘ وأيضاً شارك في الكليب عشرات الممثلين والمطربين الذين دعموا الشعب الفلسطيني في قضيته، وهذا دليل أن الفن الذي أنتمي إليه مليء بالقضايا، كما أن الاعمال التلفزيونية والسينمائية والمسرحية التي ألفتها سواء كانت اجتماعية أو كوميدية كلها تحمل قضايا مهمة تدعم الشعب المصري والعربي، لأن الفن من وجهة نظري عميق ومؤثر."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما الفنان اللبناني أحمد قعبور الذي التزم الفن الهادف والمؤثر منذ انطلاقته الفنية فيرى أن "الفن يجب أن يكون دائماً مرآة للمجتمع بل هو صورة البلد الحضارية، أما في هذا العصر فالأمور لا تجري على هذا النحو بسبب شركات الإنتاج التي أصبحت متحكمة بطبيعة الفن والاحتفالات الفنية".
ويضيف، " لا تزال هناك حفنة من المبدعين الشباب الذين يسبحون عكس التيار ويقدمون الدور الحقيقي للفن، ومع ذلك نجد أن عدداً كبيراً من الفنانين اللبنانيين الذين التحقوا بالركب التجاري وأصبح لديهم مديرو أعمال وشركات إنتاج تقف خلفهم وتدعم فنهم التجاري السطحي، وهذا من وجهة نظري ليس خطأ".
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه الشركات تهتم بالقضايا الإنسانية الكبرى؟ يجيب قعبور، "أشك في ذلك لأن أصحاب هذه الشركات يهتمون فقط بالقضايا التجارية أو تلك التي تحيي الزعماء والسلطة".
ومن ناحية ثانية يجد قعبور أن الفنون سواء كانت الرسم أو النحت أو الغناء أو المسرح أو السينما أو الموسيقى على امتداد الزمن كانت مقياساً للحضارة في كل بلد، والدليل أن مصر لا تزال تمتلك ذاكرة وأرشيفاً ومكتبة غنائية غزيرة، ومهما ظهر من أعمال فنية تجارية فثمة بقعة ضوء في كل الفنون تعبر عن المرحلة التي نعيشها. ويوضح قعبور أنه لا يزال مستمراً بالنهج الذي بدأه منذ 48 عاماً لحظة أن لحن وأطلق أغنية "أناديكم" وحتى الآن، إنما مع فارق التجربة والنضج وتراكم الخبرات، مضيفاً أن "الفن الذي لا يسهم في تشكيل حضارة إنسانية هو مجرد لقيط".
الفنان الفلسطيني
دائماً ما يكون الفنان الفلسطيني مختلفاً عن باقي زملائه لأنه ولد من رحم المعاناة، وهذا ما جعل قضيته تتغلغل في الفنون، ومن هؤلاء الممثل آدم بكري الذي قدم أعمالاً حافلة بالرسائل. يقول "الفن لدى الفلسطيني يصبح قضية بسبب الأحداث الغزيرة المأسوية العالقة في ذهنه، فأنا ممثل وأحمل على ظهري قضية كبيرة انغرست في ضلوعي وهي فلسطين، ومن المهم أن يستعمل الفنان صوته لإرسال رسالته إلى العالم".
وفي سياق منفصل يختلف رأي الممثل الكويتي عبدالله بو شهري عن رأي زملائه، إذ يرى أن الفن مجرد تسلية. ويضيف، "الفن بصورة عامة سواء كان تمثيلاً أو غناء هدفه التسلية، وليس مطلوباً من الممثل أن يوصل رسالة بل أن يسلط الضوء عليها والجهات المتخصصة تقوم بحلها".