يدخل الاقتصاد العالمي عام 2024 وسط ضبابية تخيم على الأداء، لا سيما أن نظرة صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وصفه بـ"الهش". وأشار في تقريره بعنوان "آفاق الاقتصاد العالمي"، إلى أن معدلات النمو ستكون عند ثلاثة في المئة في العام الحالي، بينما خفضها بمقدار 0.1 في المئة لتكون عند نسبة 2.9 في المئة في 2024.
النظرة الضبابية للصندوق تضمنت توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في عام 2023، والتي خفض معدلها المتوقع إلى 0.8 في المئة في تقريره الأخير، على رغم أن التوقعات التي سبقتها الصادرة في يونيو (حزيران) الماضي كانت نسبتها 1.9 في المئة، وعلى رغم خفض التوقعات لمعدلات النمو في العام الحالي، إلا أنه توقع ارتفاع معدلات النمو في العام المقبل 2024 لتصل إلى أربعة في المئة مقارنة بتقديرات سابقة عند 1.2 في المئة فحسب.
"موديز" ونظرة إيجابية
إلى ذلك، لم تتوقف التوقعات الإيجابية لأداء الاقتصاد السعودي ونموه في العام المقبل على تقرير "النقد الدولي"، بل شمل كذلك تقرير وكالة التصنيف العالمية "موديز"، بعد أن رفعت الأخيرة سقف توقعاتها لنمو الاقتصاد السعودي بنحو 4.6 في المئة في العام المقبل وأربعة في المئة في 2025 وذلك في تقريرها الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وشملت التوقعات نمو الاقتصاد السعودي لا سيما القطاعات غير النفطية توقعات أخرى لمؤسسة "موديز أناليتكس" الأميركية، التي رفعت معدلات نمو الاقتصاد السعودي مدفوعاً بالنمو المتوقع في القطاع غير النفطي في البلاد بنسب تتراوح ما بين ثلاثة وأربعة في المئة حتى عام 2030، وذلك خلال ندوة عقدها خبراؤها عبر الإنترنت بعنوان "الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2024".
وأرجع المتخصصون تلك التوقعات إلى السياسات المالية التي تتبعها الرياض من خلال تعزيز الإنفاق لتنويع الاقتصاد بعيداً من النفط.
القطاع غير النفطي
في غضون ذلك، قالت المحللة الاقتصادية لدى مؤسسة "موديز أناليتكس" كاتارينا نورو خلال الندوة أمس الأحد إن "الاقتصاد السعودي شهد تحولاً في العقد الماضي مع استحواذ القطاع غير النفطي على حصة متنامية من نمو الناتج المحلي الإجمالي"، مضيفة أن "استمرار البلاد في تقديم تسهيلات ائتمانية للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من المنتظر أن يحفز النمو في قطاعات اقتصادية غير نفطية".
حديث المحللة الاقتصادية لدى المؤسسة يتوافق مع توقعات وكالة التصنيف العالمية "موديز" الأخير، بعد أن أكدت أن قطاعات الترفيه والسياحة والرياضة في البلاد تعد من بين الأنشطة الواعدة التي تدعم تنويع الاقتصاد السعودي في المدى الطويل.
وعلى رغم نظرتها الإيجابية لنمو القطاعات غير النفطية، إلا أنها توقعت أن يظل قطاع النفط المصدر الأساسي للدخل في المستقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت إلى أن الرياض قد ترشد الإنفاق إذا لم تعد أسعار النفط قادرة على دعم الإنفاق الرأسمالي، وهو الأمر الذي أكده وزير المالية السعودي محمد الجدعان في مقابلته الأخير مع "بلومبيرغ"، عندما توقع عجزاً بالموازنة العامة بصورة سنوية حتى عام 2026، قائلاً إن "الحكومة التي تتوقع عجزاً بالموازنة حتى عام 2026، قررت التمديد لبناء القدرات وتجنب الضغوط الضخمة واختناقات العرض".
وأضاف أن "بعض المشاريع يمكن تأخيرها لمدة ثلاث سنوات إلى عام 2033 وأخرى ستؤجل لأكثر من ذلك"، مستدركاً "نعمل على تحديد الأولويات بصورة أدق".
ردم الفجوة
في السياق ذاته، أشار الوزير في تصريحات صحافية تزامنت مع إعلان الموازنة العامة للبلاد أخيراً إلى أن "الإيرادات والموارد محدودة، ويجب أن تستغل أفضل استغلال لتحقيق أكبر عائد اقتصادي"، موضحاً أن "بلاده استطاعت ردم الفجوة بين طلبات تمويل مشاريع رؤية 2030 والإيرادات اللازمة لتمويلها، وذلك من خلال تمديد فترة تنفيذ بعض المشاريع ومنح أخرى أولوية في التنفيذ".
يشار إلى أن السعودية أعلنت موازنتها لعام 2024 في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، التي تعد رابع موازنة تريليونية تقدرها الحكومة، إذ بلغت الإيرادات 1.172 تريليون ريال (313 مليار دولار)، والمصروفات 1.251 تريليون ريال (334 مليار دولار)، في حين قدر العجز بـ(21 مليار دولار).