ندد أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح بأداء السلطات التنفيذية والتشريعية في بلاده، في ثنايا أول خطاب له بعد مبايعته أميراً على البلاد في وقت باكر من صباح اليوم الأربعاء، خلفاً لأخيه الراحل نواف الأحمد، متهماً تلك السلطات بانتهاج سياسة "أضرت بالبلاد والعباد" في ممارساتها.
وأدى الشيخ مشعل، اليمين الدستورية أميراً للكويت أمام مجلس الأمة المنعقد في جلسة خاصة، ولم يتردد في توجيه الانتقادات للنواب والحكومة في كلمته التي ألقاها على الإثر.
وأقسم الشيخ مشعل على أن "أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه"، وبذلك، صار الأمير الـ17 للكويت خلفاً لأخيه الأمير نواف الذي توفي، السبت الماضي، عن 86 عاماً. وبعيد أداء الأمير القسم، تقدم رئيس الحكومة برئاسة الشيخ أحمد النواف ووزراءها الاستقالة، وفق وكالة الأنباء الكويتية التي أوردت أن الأمير أصدره قراره "بقبول استقالة رئيس مجلس الوزراء والوزراء، على أن يستمر كل منهم بتصريف العاجل من شؤون منصبه إلى حين تشكيل الوزارة الجديدة".
بدورها هنأت عدد من دول الخليج الأمير الجديد، على توليه المنصب، خصوصاً من جانب جارته الكبرى السعودي، التي أعربت قيادتها عن تأكيدها "الوقوف مع دولة الكويت الشقيقة"، وسط الأماني بأن يديم المولى على أميرها "الصحة والسعادة، وعلى دولة الكويت نماءها وتطورها وازدهارها بما يحقق تطلعات شعبها في ظل قيادتكم الحكيمة"، مجددة تطلعها إلى العمل مع الأمير الجديد "لما فيه خير البلدين والشعبين".
وكان الأمير مشعل قال في كلمته لدى القسم "أكدنا في خطاباتنا السابقة أن هناك استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالح الوطن والمواطنين".
وتابع "بالتالي لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك عندما تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد وما حصل من تعيينات ونقل في بعض الوظائف والمناصب التي لا تتفق مع أبسط معايير العدالة والإنصاف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الأحمد "لهذا جاء قرارنا بوقف جزء من هذا العبث من خلال وقف قرارات التعيين والترقية والندب والنقل لأجل مسمى"، مشيراً إلى قراره في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري الذي أمر فيه بإيقاف التوظيف في قطاعات الدولة لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد.
الشيخ مشعل الذي يتولى السلطة عن عمر يناهز 83 سنة شغل مناصب رفيعة في أجهزة الأمن والدفاع الكويتية، واعتاد على تسيير شؤون الحكم، نظراً إلى توليه على مدى العامين الماضيين المهام الرئيسة للأمير الراحل الشيخ نواف.
ومع توليه رسمياً قيادة الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ينتظر منه أن يدير شؤون الكويت التي تعاني عدم استقرار سياسي، فهو يرث دولة شهدت تشكيل خمس حكومات خلال سنة واحدة وتنظيم ثلاثة انتخابات برلمانية في ثلاث سنوات.
تمتلك الكويت، المتاخمة للسعودية والعراق، سبعة في المئة من احتياطات النفط الخام في العالم، وليس لديها سوى القليل من الديون، كما تدير أحد أقوى صناديق الثروة السيادية في العالم.
ومع ذلك، فهي تعاني المواجهات المستمرة بين النواب المنتخبين ووزراء الحكومة التي يعين الأمير رئيس وزرائها، على رغم النظام البرلماني المعمول به منذ عام 1962.
وحال التعثر السياسي دون إقرار الإصلاحات الضرورية لتنويع الاقتصاد وتفاقم الوضع بسبب العجز المتكرر في الموازنة وتدني الاستثمار الأجنبي.
إلى ذلك أكد الأمير أمام النواب والوزراء تحت قبة المجلس، أنه" انطلاقا من المسئولية والحكم تعهدنا أن نكون قريبين من الجميع نتابع ونرى ما يجري من الجميع"، مستبعداً أن يكون ثمة "مفر من المحاسبة لكل تقصير في صالح المواطنين"، غير أنه استدرك رغم ذلك بأنه سيبقى مستمراً على نهج، قال إنه قطعه لشعبه وسار عليه سلفه، يتسم بـ"العفو والعطاء والإنجاز".
وأضاف "إنني أعاهد الله سبحانه وتعالى وممثلي الشعب أن أكون المواطن المخلص المحافظ على الوحدة الوطنية وعلى تقدم الوطن وازدهاره والثوابت الوطنية والدستورية، وتطبيق القانون المحارب للفساد وأشكاله سائراً على نهج الحكام السابقين طيب الله ثراهم".
اخفاقات سياسية
وأوضح أمير الكويت أن "هناك استحقاقات وطنية على السلطتين القيام بها لصالح الوطن والمواطنين"، كاشفاُ تقييمه للعمل السياسي الذي قال إنه لم يلمس فيه "أي تغيير أو تصحيح للمسار، إذ وصل الأمر لأبعد من ذلك عندما اجتمعت السلطتين على الإضرار بمصالح العباد في التعيينات وملف الجنسية وملف العفو وما ترتب عليه من تداعيات، وما حصل لملف رد الاعتبار خير دليل على الإضرار بمصالح العباد وسكوت السلطتين على هذه المصالح والمنافع على حساب المواطنين، ولذلك جاء قرارانا بوقف التعيينات والندب لمدة ثلاث شهور".
في غضون ذلك نبه إلى أن "الحكمة تقتضي التمسك بالوحدة الوطنية بما يتعين علينا اليوم مراجعة وضعنا الحالي من كافة جوانبه"، داعياً للحوار الوطني لإشاعة روح الأمل والتفاؤل، موصياً بالتريث عند إصدار القرارات تعزيزاً لمصالح الكويتيين.
بدوره تعهد رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون بتحمل المسؤولية التي كلفت بها السلطة التشريعية، و"االسمع والطاعة والعمل مع السلطة التنفيذية على درب التنمية والإصلاح، وذلك باستلهام الأولويات وإقرار مشاريع قوانين تخدم الوطن والمواطن بما يحافظ على مستقبل الأجيال القادمة".