Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مغربيات يقتحمن أسوار موسيقى "كناوة" العريقة

لطالما كان هذا الفن حكراً على الرجال

موسيقى "كناوة" تتأنث في المغرب (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

بدأ هذا النمط الموسيقي يشهد اقتحام فتيات استطعن التميز من خلال تأسيس فرق خاصة بموسيقى كناوة.

لم تعد موسيقى كناوة في المغرب، حكراً على الرجال باعتبارها فناً "ذكورياً بامتياز"، بل باتت "فناً ناعماً" أيضاً باقتحام عديد من الفتيات الشابات أسوار هذا الفن العريق الذي يصنف وفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" ضمن التراث اللامادي.

وبعد أن كانت موسيقى كناوة في المغرب مرتبطة منذ عقود بالرجال الذين عرفوا بالانخراط في هذا العالم الموسيقي، بدأ هذا النمط الموسيقي يشهد اقتحام فتيات شابات استطعن التميز في هذا الفن من خلال تأسيس فرق خاصة بموسيقى كناوة.

خصائص الموسيقى الكناوية

وتعتبر موسيقى "كناوة" فناً متنوعاً ومتعدداً يمزج بين عديد من الهويات والمرجعيات الموسيقية والرقصات ذات النفحات الإفريقية والأمازيغية، غير أن أصلها أفريقي أساساً، لكن بدخولها إلى المغرب صارت لها هوية لوحدها وموسيقى خاصة بها.

وسبق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة أن صنفت موسيقى "كناوة" المغربية عام 2019، تراثاً إنسانياً وثقافياً غير مادي خلال اجتماعات الدورة الـ14 للجنة الحكومية الدولية لاتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، التي انعقدت في عاصمة كولومبيا.

وتعرف لجان اليونسكو "كناوة" على أنها "أعمال موسيقية وعروض وممارسات أخوية وطقوس علاجية، وأنها موسيقى أخوية صوفية مرتبطة بكلمات ذات طابع ديني، تستحضر الأجداد والأرواح".

وتتسم هذه الموسيقى، وفق مختصين مهتمين بهذا النمط الفني، بكونها تحكي عن آلام الماضي التي كبلت "طائفة العبيد" في أفريقيا جنوب الصحراء خاصة، ومنها تلك الصرخات والكلمات المبهمة التي يتفوه بها "المعلم الكناوي" الممارس لهذه الطقوس الموسيقية.

وتحتضن مدينة الصويرة المغربية سنوياً مهرجاناً دولياً يحتفي بموسيقى "كناوة" عبر استدعاء عديد من المجموعات المغربية والدولية التي تسير في فلك هذا النوع الموسيقي المفعم بالإيقاعات الحركية والأهازيج الطربية الأفريقية.

واشتهرت مدينة الصويرة بموسيقى كناوة، نظراً إلى كونها تعد ملتقى الحضارات والهويات الإنسانية المختلفة التي التقت على أرضها الموسيقى الأفريقية والأمازيغية لتنصهر في بوتقة موسيقية متفردة واحدة.

اقتحام أسوار الصويرة

تعتبر مدينة الصويرة المغربية، التي كانت تسمى قديماً "موكادور" التي تعني بالبرتغالية "صاحبة السور"، وهناك من يسميها "السويرة" إحالة على السور الذي يحيط بها، مهداً وعاصمة لموسيقى وثقافة ""كناوة".

وكانت الصويرة معروفة وما زالت بممارسي الفن الكناويين المجربين والمخضرمين، الذين يسمى الواحد منهم "المعلم"، الذي لا يصل إلى هذه "الرتبة"، إلا بعد جهد جهيد وتمكن من هذه الموسيقة، إذ يبدأ "متعلماً" في المجموعة ويتدرج مع الوقت ليحمل "القراقب النحاسية" (أداة موسيقية خاصة بكناوة)، قبل أن يصبح "معلم كناوي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الفن الكناوي في الصويرة لم يعد حكراً على ممارسة الرجال وحدهم، بل تجرأت فتيات على اقتحام أسوار "مدينة الرياح" كما تسمى الصويرة، وأيضاً اقتحام أسوار هذه الموسيقى ذات الإيقاعات الحركية التي يسميها بعضهم "روحانية".

وفي هذا السياق، يقول عبداللطيف قريقيبة، أحد معلمي كناوة، إن الموسيقى تأنثت مثلها مثل عديد من الفنون والمهن والحرف أيضاً، إذ استطاعت فتيات شابات صغيرات السن ولوج هذا العالم وتقديم لمساتهن الخاصة بالموسيقى الكناوية.

وأضاف أن موسيقى كناوة كانت بالفعل بحاجة إلى أنامل وأصوات ناعمة لتخرجها من عالمها الرجولي والذكوري الذي ميّزها طيلة عقود مضت، مبرزاً أن "الكناويات" أدخلن البهجة واللمسة الأنثوية الحالمة على هذه الموسيقى العريقة.

وبحسب هذا المعلم الكناوي، فإنه لا مجال لرفض اقتحام الأنثوية لموسيقى وفن كناوة في المغرب، لأن من طبيعة الأشياء التحول والتطور، وبالتالي من المفروض القبول بالجديد.

نجاح التجربة ولكن

وانطلقت مغامرة تأنيث موسيقى كناوة المغربية بتأسيس مجموعة "بنات تمبكتو" المؤلفة من فتيات شابات عدة، التي يحيل اسمها إلى المدينة التاريخية في مالي، التي تلقب بمدينة الأولياء أو "جوهرة الصحراء"، في إشارة إلى ارتباط هذا الفن بأصوله الأفريقية العميقة.

تقول أسماء الحمزاوي مؤسسة مجموعة "بنات تمبكتو"، إن ولوجها بشكل شخصي تجربة الأداء الموسيقي لفن كناوة لم يكن ترفاً أو اختياراً اعتباطياً، بل جاء عن شغف وحب وألفة مع هذا النمط الموسيقي الحميمي.

وتضيف أنها رضعت "حليب كناوة" منذ نعومة أظفارها بفضل والدها الذي كانت تراه في كل مناسبة منغمساً في أجواء الفن الكناوي و"ليالي الحضرة الصوفية"، مما دفعها إلى تعلم العزف على آلات كناوية، قبل أن تنقل إلى تجربة تأسيس فرقة نسائية بالكامل.

وعن هذه التجربة الجديدة، توضح "المعلمة الكناوية" إنها تجربة مفيدة لها ولزميلاتها، لأنها تثري هذا النوع الموسيقي الذي يربط بين الهوية المغربية وأصول الفن الأفريقية، كما أن "الكناويات" استطعن جذب جمهور جديد معجب بتجربة المجموعات الكناوية الأنثوية.

من جانبها أفادت سامية الوراق، إحدى ممارسات موسيقى كناوة، بأن ميولها الفنية نحو موسيقى كناوة هو الذي دفعها إلى اعتناق هذه التجربة، رغم أنه لا يوجد في أسرتها أو محيطها القريب أي مزاول للموسيقى الكناوية.

وتابعت أن "ولوج الفتيات إلى موسيقى كناوة وممارسته أمام الملأ وأمام الجمهور يسير بوتيرة متسارعة، بالنظر إلى نجاح وتألق هذه التجربة الأنثوية"، مستدركة بأن "هناك على رغم ذلك عوائق تحد من توهج مسار الفتيات الكناويات".

هذه العوائق توجزها سامية في "الإمكانات المادية التي لا تتوفر لدى عديد من الفتيات الكناويات، إذ تتطلب هذه الموسيقى شراء الآلات الموسيقية الكناوية وأيضاَ الألبسة الخاصة بهذا النمط، فضلاً عن تكاليف السفريات لحضور أنشطة ومهرجانات وغير ذلك.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة