Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تكفي العقوبات الأميركية ضد المستوطنين لردع العنف؟

وصف مراقبون القرار بـ "التجميلي" وشككوا في أثره على أرض الواقع: "لن يغير الوضع بصورة جذرية"

تزايد عنف المستوطنين لأكثر من الضعف منذ عملية "حماس" والحرب الإسرائيلية على غزة (أ ف ب)

ملخص

يختلف المراقبون في شأن فاعلية العقوبات الأميركية لوقف عنف المستوطنين واعتبرها بعضهم تجميلية

في إجراء نادر للولايات المتحدة ضد إسرائيليين منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فرضت واشنطن عقوبات ضد مستوطنين ضالعين في موجة من العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتنطوي العقوبات على رفض منح تأشيرات الولايات المتحدة للمستوطنين الذين ينفذون هجمات ضد الفلسطينيين، أو إلغاء التأشيرات الصادرة بالفعل.

وبالمثل، يتجه الأوروبيون إلى خطوة مماثلة، إذ قال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه سيقترح فرض عقوبات على المستوطنين اليهود المسؤولين عن العنف ضد الفلسطينيين في الضفة، فأوضح أنه سيقترح برنامج عقوبات خاص لاستهداف "حماس" بدعم من وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا، لكن يتعين على التكتل أيضاً أن يتحرك ضد المستوطنين الإسرائيليين العنيفين.

العنف ضد الفلسطينيين

بينما تركز الاهتمام الدولي خلال الشهرين الماضيين على الهجوم الذي شنته "حماس" ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر وما أعقبه من حرب إسرائيلية في قطاع غزة، فإن أعمال العنف المتصاعدة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية أثارت القلق من توسع دائرة الاعتداءات.

وتظهر أرقام الأمم المتحدة أن هجمات المستوطنين اليومية تزايدت لأكثر من الضعف منذ عملية "حماس" والحرب الإسرائيلية على غزة، إذ استغل المستوطنون الوضع من خلال تصعيد الانتهاكات ضد الفلسطينيين للسيطرة على مزيد من الأراضي.

وحذر الباحثون الميدانيون في منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" أن المستوطنين يتمتعون بحرية أكبر وأكثر من أي وقت مضى، وذكروا أن "الأحداث على الأرض تشير إلى أنه تحت غطاء الحرب، ينفذ المستوطنون مثل هذه الاعتداءات من دون رادع تقريباً ومن دون أن يحاول أحد إيقافهم قبل الاعتداء أو أثناءه أو بعده".

ووفق مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، فإن المقصود بالمستوطنين، أولئك المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية ويقومون بأعمال لإرهاب الفلسطينيين وإيذائهم. وتراوح هذه الأفعال ما بين التعدي على الممتلكات وإغلاق الطرق أو المعابر المؤدية إلى الأرض ومصادر المياه، وكذلك إحراق السيارات أو المنازل أو الممتلكات الأخرى وسرقة المواشي وإحراق أشجار الزيتون أو قطعها، ورمي الحجارة وتخريب الكنائس والمساجد، إضافة إلى مختلف أشكال المضايقات الجسدية واللفظية والتخويف، وفي حالات عدة، استعمل المستوطنون الرصاص الحي لقتل وجرح فلسطينيين.

وازدادت حدة عنف المستوطنين على مدى العقد الماضي بصورة كبيرة منذ وصول حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية إلى الحكم في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، لكن هناك موجة شديدة تتصاعد في أعقاب هجوم "حماس".

ومع ارتفاع عدد الحوادث منذ السابع من أكتوبر، حذّر مدير جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "شين بيت" رونين بار، حكومة الحرب في الـ 30 من أكتوبر من أن عنف المستوطنين ربما يؤدي إلى تصعيد خطر آخر في الضفة الغربية. كما أن ما يزيد القلق هو اتجاه الإسرائيليين إلى تسليح أنفسهم بعد هجمات أكتوبر، إذ من المتوقع أن يتضاعف عدد مالكي الأسلحة ثلاث مرات.

وأخيراً، اتخذ وزير الأمن القومي الإسرائيلي الذي ينتمي إلى أقصى اليمين إيتمار بن غفير إجراءات لتسهيل معايير منح تراخيص الأسلحة للإسرائيليين بمن فيهم المستوطنون، وربما المستوطنون على نحو خاص، وفق مجموعة الأزمات.

العقوبات الأميركية

وطلبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من إسرائيل كبح جماح عنف المستوطنين مرات عدة عام 2023، موجهة تحذيرات مجدداً بعد اشتعال الحرب في غزة، ثم أخيراً أعلنت تلك العقوبات، إذ أوضح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة ستمنع دخول أي شخص تورط في "تقويض السلم والأمن أو الاستقرار في الضفة الغربية"، أو يتخذ خطوات "تقيد بصورة غير مبررة وصول المدنيين إلى الخدمات والحاجات الأساسية".

وجاء في بيان لبلينكن أنه "أكدنا للحكومة الإسرائيلية وجوب بذل مزيد من الجهود لمحاسبة المستوطنين المتطرفين الذين ارتكبوا هجمات عنيفة ضد فلسطينيين في الضفة الغربية".

وقال إن الولايات المتحدة ستواصل السعي إلى المساءلة عن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وكذلك الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية وإسرائيل، خصوصاً أن التوترات مرتفعة للغاية بسبب الصراع في غزة.

وأضاف بلينكن أن "تل أبيب والسلطة الفلسطينية تتحملان مسؤولية الحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية، فعدم الاستقرار في الضفة الغربية يضر بالشعبين الإسرائيلي والفلسطيني ويهدد مصالح الأمن القومي الإسرائيلي".

وجاءت الخطوة بعد شهر واحد فقط من منح إسرائيل حق الدخول في برنامج الإعفاء من التأشيرة الأميركي الذي يسمح لمواطنيها بالدخول إلى الولايات المتحدة من دون تأشيرة، ولن يكون المستوطنون الواقعون تحت العقوبات مؤهلين للبرنامج وسيتم إلغاء تأشيرات أولئك الذين يحملون تأشيرات أميركية حالية.

خطوة تجميلية

وحظي التحرك الأميركي بترحيب من كثيرين ممن اعتبروه خطوة إيجابية، وغرّد سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل مارتن إنديك، "أخيراً، سيدفع المستوطنون ’المتورطون في العنف‘ ثمن جهودهم العنيفة لاقتلاع الفلسطينيين في الضفة الغربية. آمل في أن لا يُسمح لرعاتهم من الحكومة الإسرائيلية بالسفر أيضاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن المحلل السابق في وزارة الخارجية الأميركية والمفاوض والمستشار لقضايا الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر، شكك في أن القرار سيغير الوضع بصورة جذرية، وأضاف أنه "ضروري، لكنه غير كافٍ. إنه دليل مرحب به أن الإدارة تأخذ على محمل الجد حقيقة عنف المستوطنين. لكن من الناحية العملية، فإن هذا لن يغير قلوب أو عقول كثيرين".

اقتصار العقوبات على منح التأشيرات اعتبره بعضهم محاولة لتبييض الوجه، إذ دعمت إدارة بايدن إسرائيل بقوة منذ هجوم أكتوبر، حتى مع تصاعد الانتقادات الدولية لعمليتها العسكرية. وشكك مؤسس ورئيس المعهد العربي- الأميركي في واشنطن جيمس زغبي في قرار إدارة بايدن الذي وصفه بأنه "تجميلي، ولا يدل على جهد جاد لوقف عنف المستوطنين".

وقال "إذا كنا نعرف من هم الأشخاص، فعلينا أن نضغط من أجل محاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها. لكن لا يوجد مثل هذا الجهد حالياً. وعدد كبير من المستوطنين في حركة الاستيطان هم مواطنون أميركيون. ما الذي يتم فعله للتعامل مع تلك القضية؟ ليست هناك إجابة على الإطلاق".

ويعرب الكاتب والباحث الفلسطيني فارس صرفندي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة ترى في المستوطنين بالضفة الغربية "وصفة سهلة لانفجار الأوضاع في وقت لا تريد أي جبهة جديدة للعنف وترغب في حصر الصراع داخل قطاع غزة"، مشيراً إلى أن هذه العقوبات تُقترن بطلب واشنطن المباشر لنتنياهو بتغيير أعضاء الحكومة من المتطرفين، إذ إن هذه العقوبات يمكن أن تكون فاعلة فقط إذا تغيرت الحكومة الإسرائيلية الحالية.

ويقول صرفندي إن الولايات المتحدة بحاجة إلى وجه مقبول دولياً ليكون خليفة لنتنياهو، يدعم فكرة حل الدولتين ويمكنه الذهاب إلى مؤتمر دولي للسلام، وهي الصفات التي يرى الأميركيون أنها تتوافر في بيني غانتس.

أوروبا تستعد بعقوبات مماثلة

وبينما يقترح بوريل خطوات مماثلة ضد المتورطين في العنف من المستوطنين تشمل حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي، فإنه وفق وسائل إعلام أوروبية، توقع دبلوماسيون أنه سيكون من الصعب التوصل إلى إجماع على الحظر على مستوى التكتل لأن دولاً مثل النمسا وجمهورية التشيك والمجر حلفاء مخلصون لإسرائيل.

لكن آخرين جادلوا بأن إقدام واشنطن على الخطوة يمكن أن يشجع الأوروبيين على اتخاذ خطوات مماثلة، ودعت فرنسا الشهر الماضي الاتحاد الأوروبي إلى دراسة مثل هذه الإجراءات، وقالت وزيرة الخارجية كاترين كولونا إن باريس تدرس فرض عقوبات محلية على هؤلاء الأفراد، وذكرت بلجيكا أنها ستمنعهم من دخول أراضيها.

ويرى مراقبون أنه لكي يكون القرار الأوروبي فاعلاً، فإن أي حظر من جانب الاتحاد الأوروبي يجب أن يتم تنفيذه عبر منطقة "شنغن".

وليس من المعروف كيف يُحدد الأشخاص الذين ستقع عليهم العقوبات، لكن مسؤولين من إدارة بايدن قالوا لوسائل الإعلام الأميركية إنهم واثقون بأن لديهم ما يكفي من الأدلة لاختيار المستوطنين الذين سيُحرمون من التأشيرات الأميركية، على رغم أنهم لم يواجهوا المحاكمة في إسرائيل.

ووفق المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، فإن سلطات بلاده بدأت فرض الحظر و"سيأتي مزيد خلال الأيام المقبلة"، موضحاً أن "الإجراء سيؤثر في نهاية المطاف في عشرات الأفراد، وربما أفراد أسرهم".

وفي أوروبا، قال بوريل إنه بمجرد اعتماد مجموعة الإجراءات، ستؤثر القيود في الأشخاص المعروفين بأعمالهم العنيفة وهجماتهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ومنذ 2019، يتطلب إصدار التأشيرة الأميركية لغير المهاجرين تقديم معلومات حول جميع حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمة خلال الأعوام الخمسة السابقة لاستكمال الطلب عبر السفارات والقنصليات الأميركية.

عقوبات ضد "حماس" ومؤيديها

وعلى الجانب الآخر من الصراع، أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء الماضي فرض عقوبات على ثمانية من مسؤولي حركة "حماس" وميسّريها بسبب أفعالهم التي تمثل مصالح الحركة في الخارج وإدارة شؤونها المالية، وهي الجولة الرابعة من العقوبات التي فرضتها واشنطن منذ هجوم السابع من أكتوبر.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية على موقعها الإلكتروني أنه جرى "تنسيق هذا التدبير بصورة وثيقة مع المملكة المتحدة التي تستهدف في الوقت نفسه عدداً من مسؤولي حماس الرئيسين بالعقوبات. إن الولايات المتحدة وحلفاءنا وشركاءنا ثابتون في التزامنا تفكيك الشبكات التي تدعم تدفقات تمويل حماس كجزء من جهودنا المستمرة لمنع وردع نشاطها الإرهابي".

وفي أوروبا، حيث تُصنف حركة "حماس" منظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي، قال بوريل إنه لم يعارض أي وزير أوروبي المقترح الخاص ببرنامج عقوبات "حماس". وباعتبارها منظمة إرهابية، فهذا يعني ضرورة تجميد أي أموال أو أصول للحركة في الاتحاد الأوروبي الذي أضاف بالفعل القائد العام للجناح العسكري للحركة محمد ضيف ونائبه مروان عيسى إلى قائمة الإرهابيين الخاضعين للعقوبات.لكن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا قالوا في رسالة إلى بوريل إن برنامج العقوبات الخاص بـ"حماس" سيبعث برسالة سياسية قوية، ويساعد الاتحاد الأوروبي على استهداف "أعضاء حماس والجماعات التابعة لها ومؤيدي أنشطتها المزعزعة للاستقرار".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير