ملخص
قال طفل في السادسة من عمره ويعيش في سكن اجتماعي بجنوب لندن، إنه يتمنى "مكاناً جميلاً وآمناً لعيد الميلاد" بعدما أجبرت عائلته على الإقامة في الفنادق خلال فترة الأعياد لأن منزلهم كان مغطى بالعفن
قال طفل في السادسة من عمره ويعيش في سكن اجتماعي بجنوب لندن، إنه يتمنى "مكاناً جميلاً وآمناً لعيد الميلاد" بعدما أجبرت عائلته على الإقامة في الفنادق خلال فترة الأعياد لأن منزلهم كان مغطى بالعفن.
وفي التفاصيل، أجبرت عائلة أمار ذي السنوات الستة على التنقل بين خمسة فنادق خلال موسم الأعياد بسبب انتشار العفن في شقتهم، إثر معاناة هذه العائلة المكونة من الطفل والأب أندريه (31 سنة) والأم أبيبا بايفيلد (في أواخر العشرينيات) من مشكلات السكن والعفن الذي يشكل تهديداً لصحتهم، مما اضطرهم لإخلاء شقة تلو أخرى من تلك الشقق التي يوفرها الإسكان الاجتماعي، وهنا أصابتهم خيبة أمل كبيرة بعدما تأثرت صحتهم وروحهم المعنوية سلباً، لا سيما بعدما انتقلا إلى شقة في منطقة ستوكويل بمنطقة "لامبيث" في سبتمبر الماضي، إذ اكتشفوا تسرباً في المياه تسبب في انتشار العفن والرطوبة في جنبات الشقة، مما دفعهم لمغادرة المكان.
وعلى رغم الشكاوى العديدة التي قدمتها أبيبا التي تعمل مدرسة، تأخر النظر في الشكوى لأكثر من ثمانية أسابيع قبل أن يعلن مجلس "لامبيث" أن الشقة المتعفنة ليست آمنة للإقامة البشرية، لتُجلى العائلة وتُنقل إلى عدد من الفنادق.
إثر ذلك ونتيجة لسلسلة من المشكلات، اضطرت عائلة "أمار" للتنقل بين خمسة فنادق مختلفة في أقل من شهر منذ خروجهم من شقتهم الأولى في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وعن أمنياته في أعياد رأس السنة، قال "أمار" لوكالة "برس أسوسيشن": "أريد أن أعيش في مكان جميل وآمن لعيد الميلاد.. أشعر بالاكتئاب حقاً.. أتمنى من "سانتا كلوز" أن يمنحني مكاناً آمناً للعيش.. لماذا يحدث لنا هذا دائماً؟!"
وكانت العائلة الصغيرة ذي الثلاثة أفراد انتقلت في 13 سبتمبر (أيلول) للعيش في برج سكني بمنطقة ستوكويل، بعدما وضعت في قائمة "الإسكان الاجتماعي" لأكثر من ست سنوات على أساس الأولوية، وبمجرد انتقالهم إليها، لاحظت أبيبا خلو الشقة من خدمة توصيل الغاز، إضافة إلى ضرورة تركيب سخان جديد بدلاً من القديم الذي مر على استخدامه أكثر من 25 عاماً، وبعد تركيب السخان في 22 سبتمبر، بعد أكثر من أسبوع على انتقالهم، لاحظت الأم تسرباً في أحد خزانات مطبخها، وفي وقت لاحق اكتشفت أن التسرب يأتي من الشقة التي تعلو شقتهم.
وتقول "أبيبا" معلمة التاريخ في المدرسة الثانوية للوكالة: "بدأت ألاحظ وجود تسرب في المياه منذ اليوم الأول لتركيب السخان الجديد، فاعتقدت أن مصدره خزان الماء الذي أزاله مجلس "لامبيث" من داخل خزانة المطبخ، معتقدة أنهم ربما لم يتمكنوا من إزالة شيء ما بالشكل الصحيح، إذ إن التسرب كان شديداً للغاية، مما دفعني للتواصل مع مجلس "لامبيث" في الليلة ذاتها، غير أن المشكلة استمرت في التفاقم، وانتشر التسرب من داخل الخزانة إلى جميع أنحاء المطبخ، ثم امتد إلى الممر، وأخذ يتسرب إلى غرفة نومي وغرفة المعيشة، مما أدى إلى تكون بيئة رطبة ومليئة بالعفن انتشرت شيئاً فشيئاً في الشقة، مما شكل خطراً كبيراً على صحتي وصحة عائلتي".
بعد ثلاثة أيام من شكواها الأولى، أرسل فريق الطوارئ إلى شقة "أبيبا"، ليكتشف الفني أن التسرب مصدره الشقة التي تعلو شقتنا، ليعطيها لفافات ورق زرقاء لاستخدامها في مسح الرطوبة.
وتضيف أبيبا أن المجلس المحلي استغرق ثمانية أسابيع ليقرر أن الشقة غير صالحة للسكن البشري، على رغم الشكاوى العديدة التي قدمتها، ليتم بعدها نقلها وعائلتها إلى فندق "ترافيلودج" المجاور، لحين الانتهاء من إصلاح العطب. وبحلول 30 نوفمبر، تمكن مقاول من تحديد وإصلاح التسرب في الشقة العلوية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت أبيبا، إنه ولضمان تحرك المجلس المحلي في شأن شكواها، اضطرت لطلب مساعدة عضو البرلمان عن منطقتها، فلورنس إيشالومي، وأمين المظالم المحلي والمستشارين، لا سيما أنهم "استغرقوا ثمانية أسابيع لنقلي للفندق لعدم اكتشافهم مصدر التسرب، وخلال تلك الفترة استمر التسرب بالانتشار من دون علمهم بما يحدث، حيث يبدو أن قاطن الشقة الساكن فوقي لم يسمح لهم بالدخول إلى شقته، بأعذار واهية مختلفة، مما دفعني للتواصل مع المسؤولين الذين ذكرتهم آنفاً".
وتضيف أبيبا: "اضطررت إلى الاتصال بأمين المظالم المحلي لأنه وبعد ثمانية أسابيع من شكواي الأولى لم يردوا (مجلس لامبيث) في الإطار الزمني المحدد".
هذا وقد أجبرت الأسرة للانتقال إلى خمسة فنادق لأسباب عدة، منها بعد الفنادق عن المدرسة الابتدائية المسجل فيها طفلها ذو السنوات الستة ومكان عملها، ناهيك بصغر حجم الغرف، وقصور الخدمات الأساسية التي تقدمها تلك الفنادق، علاوة على صعوبة توافر الغرف من أسبوع إلى أسبوع.
تتابع أبيبا: "أجد صعوبة بالغة في التكيف مع التغيير، إذ يتسبب في تفاقم قلقي، ولا أعتقد أن مجلس ’لامبيث’ أخذ ذلك بعين الاعتبار حيث تابعوا تحويلي من مكان لآخر بشكل مستمر، كما أن ابني التحق بمدرسة جديدة، من ثم فإن نقله من مكان إلى آخر هو أمر مزعج للغاية بالنسبة له".
وتقول أبيبا، إن مجلس "لامبيث" لم يتخذ إجراءات "كافية" لإيجاد مسكن مناسب قبل أن يخضع أمار لعملية جراحية في أسنانه في خمسة ديسمبر، ثم أجبرت العائلة للعودة إلى الشقة التي غزاها العفن لصنع "الطعام اللين الذي كان في حاجة إليه". كان على عائلة أبيبا الإقامة في الشقة غير الآمنة مرتين لعدم وجود خيار آخر، منذ مغادرتهم في الـ20 من نوفمبر، بسبب مشكلات تتعلق بإقامتهم في الفندق.
وتذكر أبيبا: "اضطررت إلى العودة إلى الشقة غير الآمنة لأنه لم يكن لدي مكان آخر أذهب إليه لأنهم لم ينظموا أو يمددوا إقامتنا في الفندق مقدماً، لذلك اضطررت للعودة إلى الشقة في مناسبتين منفصلتين أخريين".
بدورهم، أفاد المساحون المكلفون بإصلاح التسرب أنه من الضروري جفاف الشقة قبل البدء في أعمال التصليح، لذا تم تركيب جهاز لإزالة الرطوبة. وفي هذه الأثناء، عرض مجلس "لامبيث" حلاً يتمثل في توفير سكن موقت غير مؤثث لنقل أبيبا وأسرتها، لكن هذا الحل من شأنه أن يطيل معاناتها مع الوقت أثناء تنقلها وابنها إلى المدرسة.. وتقول أبيبا: "لا يزعجني الانتقال مجدداً إلى مكان ثابت، ولكني لا أرغب في تحمل مشقة كبيرة بسبب مشكلة لم أتسبب فيها".
اللافت أن "أبيبا" مرت بتجربة مماثلة مع العفن في شقتها الأولى، التي استأجرتها من طريق خدمة مجلس "لامبيث" لمنع التشرد في عام 2020. وهي الخدمة التي قدمت دفعة تحفيزية لمالك العقار من قبل المجلس.
وخلال العام ذاته، وجدت المعلمة وعائلتها أنهم بلا مأوى، ومحاصرة باليأس، وفي حاجة ماسة إلى مسكن، إذ قاموا بالعيش مع والدة "أبيبا" المعاقة في إحدى الشقق التابعة للمجلس المحلي، إلا أنه في وقت لاحق تم نقل الأم إلى شقة مهيأة لذوي الحاجات الخاصة، بينما كان يسمح بإقامة مقدم رعاية واحد فقط مع السيدة المعاقة، فكانت أبيبا وأختها يتناوبان على رعايتها. وحين قررت الأخت العيش مع الأم، وجدت "أبيبا" وعائلتها نفسها في وضع صعب يشبه حالة التشرد.
وهنا، نصح مجلس "لامبيث" العائلة باستئجار مكان خاص، بدلاً من البحث عن سكن موقت، وحذرهم من أن عدم قبول هذا الحل سيؤدي إلى فقدانهم الأولوية في قائمة الإسكان الاجتماعي، مما قد يضطرهم للانتقال إلى منطقة أخرى من المملكة المتحدة.
الغريب أن الشقة السابقة لـ"أبيبا" الكائنة جنوب لندن كانت شديدة البرودة، لافتقادها نظام تدفئة مركزياً، كما أنها تعاني تسربات مياه كثيرة في المطبخ والحمام، مما أدى أيضاً إلى تكون عفن "بشكل سيئ جداً".
وتضيف أبيبا: "في أغسطس (آب) 2021، أصبحت حالة المرحاض مزرية، حيث كانت المياه تتسرب بوضوح وبدأ جص السقف يتساقط، فقدمت شكوى لمالك العقار ومجلس "لامبيث"، وكان ردهم: "هذا ليس من مسؤوليتهم"، رغم أن فريق دعم الإيجار في المجلس أكد لي دعمهم لي خلال العامين الأولين من فترة الإيجار، وفي تلك الأثناء عانى ابني من المرض، إذ تعرض لحالة سعال متواصل وظهور طفح جلدي.. وتأثرت صحتي النفسية سلباً".
و"بعد مرور وقت طويل"، تكمل "أبيبا"، وبالتحديد في نوفمبر 2021، تم تحديد مصدر التسرب من خزان المياه على السطح وتم إصلاحه بصورة موقتة، ولكن لم يتم التعامل مع العفن حتى تلك اللحظة.
وتضيف أبيبا: "لم تقم مالكة العقار بما يجب عليها تجاه الشقة التي أسكنها، وظلت تتنصل من المسؤولية بذريعة وجود أطراف أخرى معنية، رغم أنه كان بإمكانها بذل مزيد من الجهد لحل مشكلتي".
بعد كل ذلك، وجدت المعلمة نفسها مضطرة للتواصل مع الناشط كواجو توينيبوا، المتخصص في قضايا الإسكان الاجتماعي، في مارس (آذار) 2022 وقامت بتسجيل فيديو نشر على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به. ولحسن الحظ حقق الفيديو انتشاراً واسعاً، وعلى إثره تلقت أبيبا اتصالات من مجلس لامبيث والمستشارين الذين توالوا على تقديم الاعتذارات والوعود بتوفير إعادة توطين موقت لعائلتها، ولكنها ستخسر الأولوية في قائمة الإسكان الاجتماعي.
بعد سلسلة من 'المناقشات المتبادلة' بين أبيبا ومجلس لامبيث، تم الاتفاق على أن تحتفظ بالأولوية في قائمة الإسكان، ونقلها إلى مسكن موقت في أبريل (نيسان) 2022، في وقت قامت فيه المالكة بتكليف شخص لإزالة العفن.
عادت العائلة الصغيرة إلى الشقة الخاصة في يوليو (تموز) 2022، وعلى رغم الإصلاحات التي تمت، عاد العفن للظهور من جديد تدريجاً، وتقول المعلمة ذات الـ25 عاماً: "تجربتي مع السكن عبر مجلس لامبيث كانت منهكة. وكان الوضع بأكمله يستنزف طاقتي ويؤثر سلباً في معنوياتي ويدفعني للإحباط الشديد، لا سيما أني أحس أن الجميع يتجاهل معاناتي، وأن تعامل مجلس لامبيث مع مشكلات المستأجرين أصبح أمراً مألوفاً".
وأنهت "أبيبا" حديثها قائلة، "أعيش حالة مستمرة من جحيم الإسكان الاجتماعي... هذا الوضع أثر في عملي وصحتي النفسية، لدرجة أني أعاني من قلة النوم، ناهيك بمعاناة أمار... توجب على مجلس ’لامبيث’ القيام بواجباته تجاهي لكنه فشل مرة أخرى".
من جهته أعرب متحدث باسم مجلس لامبيث عن خيبة الأمل قائلاً: "نشعر بخيبة أمل لأن شقة المجلس احتاجت إلى هذه الإصلاحات، لكننا ملتزمون بإجرائها. فنقص السكن الموقت في ’لامبيث’ يشكل تحدياً كبيراً، لكننا نسعى قدر المستطاع لتقديم أفضل الحلول الممكنة، وإذا كان الدعم والخدمات المقدمة من دون المستوى المقبول، فسوف نتخذ الإجراءات اللازمة للتحقيق واستخلاص الدروس والعمل على تحسين ظروف المواطنين".