ملخص
متى يعيد المغرب أطفال "مغربيات داعش" للبلاد؟
يطالب كثير من عائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في بؤر التوتر داخل سوريا والعراق سلطات البلاد بضرورة إيجاد حلول عاجلة لملف عودة نساء مغربيات فارات من جحيم تنظيم "داعش" إلى تركيا الموجودات حالياً على أرضها رفقة أبنائهن، لوطنهن الأم.
وتفيد معطيات بأن عدداً من المغربيات ينتظرن في تركيا الترخيص لهن بالرجوع للوطن رفقة أطفالهن، غير أن التعقيدات الأمنية والإدارية لهذا الملف تحول دون هذه العودة، في وقت ترى السلطات المغربية أن أية عودة لأطفال نساء "مغاربة داعش" يجب أن يتم وفق مقاربة أمنية ونفسية واجتماعية.
وطن المولد
وتمكنت نساء المغربيات رفقة أبنائهن من الهرب من مخيمي "روج" الذي يحوي عائلات مقاتلي "داعش" شمال شرق سوريا، وأيضاً من مخيم "الهول" شرق الحسكة، صوب الأراضي التركية بمساعدة من منظمات إغاثة تركية، وبعد دفع مبالغ مالية لوسطاء تهريب البشر.
وتواجه المغربيات المرافقات لأطفالهن في تركيا معضلة عدم سماح السفارة المغربية لهن بالرجوع للبلاد، بدعوى أن أبناءهن مزدادون في أراض لا تعترف بها الرباط، وفق عائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق.
وأبدت عائلات الأمهات العالقات في تركيا رفقة أبنائهن استغرابها من تعقيد سفرهن إلى المغرب، بدعوى أن أطفالهن مولودون في أراض لا تعترف بها السلطات المغربية، في إشارة إلى مخيمات تنظيم "داعش" في سوريا.
وأفادت "سعاد أم أيمن"، وهي إحدى السيدات الهاربات من جحيم "داعش" وتنتظر الترحيل من تركيا إلى البلاد رفقة ولديها، بأنه "من غير المنطقي ولا المقبول أن يتم إرجاع الأم للبلاد من دون أبنائها، لأن جميع القوانين الإنسانية تراعي ضرورة مصاحبة الابن القاصر لأمه".
واستطردت المتحدثة ذاتها بأن جميع المجهودات المبذولة من طرف الحقوقيين والعائلات المعنية بالملف في المغرب باءت بالفشل، ولم يُسمح لهن بعد بالرجوع للوطن بمعية أبنائهن"، متابعة بأنه "لا يهم مكان ولادة الطفل بقدر ما يهم التحقق من الحالات، كما يتعين التفكير في حقوق هذا الطفل وواقعه ومصيره بعيداً من بلده".
متاعب وهواجس
وأورد مصدر مسؤول في تنسيقية عائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق بأنه يكفي هؤلاء النساء معاناة أنهن كابدوا كثيراً من العراقيل والمتاعب بفرارهن من مخيمات "داعش" في سوريا إلى تركيا، علاوة على الكلفة المالية لهربهن.
وأردف المتحدث بأن التنسيقية علمت بأن السفارة المغربية في تركيا تطالب هؤلاء الأمهات المغربيات بضرورة إنجاز أوراق تثبت أن أبناءهن مسجلون في ملفات سوريا ليتم إرسال الوثائق إلى سفارة المغرب في بيروت، ثم التواصل مع وزارة الخارجية المغربية لتسجيل الأطفال في الملفات المغربية، ثم تباشر الإجراءات في تركيا للسماح لهم بالرحيل إلى الوطن.
وأوضحت التنسيقية بأن هؤلاء الأطفال لم يولدوا داخل مستشفيات في سوريا حتى تتم المطالبة بأوراق ثبوتية لهم لاستكمال إجراءات الترحيل إلى البلاد، لأن معظمهم ولدوا داخل مخيمات "داعش" ومخيمات فصائل غير معترف بها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت المصدر ذاته إلى أن "مصير هؤلاء الأطفال بات على المحك بعد رفض السماح لهم بمرافقة أمهاتهم عند عملية الرحيل المفترض إلى البلاد"، متسائلاً عن مصير هؤلاء الأطفال عند العودة وخصوصاً مشكلة الاندماج في المجتمع، وبالتالي كلما تأخر حل الملف كلما تفاقمت المشكلة".
وبخصوص وضعي أبناء "مغاربة داعش" في مخيمات سوريا أورد المتحدث بأنهم "يعيشون في ظروف معيشية واجتماعية ونفسية مزرية جداً، حيث لا تغذية سليمة ولا ماء صالحاً للشرب في ظل البرد القارس".
وأكمل المصدر بأن هناك عدداً من الدول الغربية سارعت إلى ضمان ترحيل رعاياها في مخيمات سوريا والعراق إلى بلدانهم الأصلية، بينما لا يزال التردد يسم قرار إرجاع عائلات "مغاربة داعش" إلى البلاد لأسباب مختلفة.
حرمان من الجنسية
من جهته أكد مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبدالإله الخضري أن مبرر ازدياد الأطفال في أرض لا تعترف بها الدولة المغربية مبرر لا يستقيم من الناحية الحقوقية، فالأمر يتعلق بمولود من أم مغربية، وقد يكون من أب مغربي كذلك".
وتساءل الخضري عن أي ذنب اقترفه هذا الطفل حتى يتم حرمانه من حقه من الجنسية المغربية، أسوة بباقي الأطفال المولودين من أم مغربية، والذين يكتسبون الجنسية المغربية بموجب القوانين الوطنية".
واستدرك الخضري بأنه "لا يمكن إنكار حق الدولة المغربية في محاكمة هؤلاء الأمهات إذا ثبت تورطهن في أعمال يجرمها القانون المغربي"، متابعاً بأنه ينبغي على الحكومة المغربية السماح لهؤلاء الأمهات بالرجوع لبلدهن حتى إذا اقتضى الأمر محاكمتهن".
وزاد الناشط الحقوقي بأنه "ينبغي على الدولة المغربية العمل على عودة الأطفال من أمهات مغربيات لحماية حقوقهم، باعتبارهم مغاربة يسري عليهم ما يسري على باقي المولودين خارج الوطن".
موقف حكومي
وحري بالذكر أن الدولة المغربية تحاول معالجة هذا الملف بنوع من الموازنة بين الظروف الإنسانية والاجتماعية، مع مراعاة التحديات الأمنية التي يجلبها قرار عودة المقاتلين المغاربة السابقين في سوريا والعراق وعائلاتهم من زوجات وأطفال أيضاً إلى أرض الوطن.
وسبق لمدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (جهاز أمني واستخباراتي يعني بملفات الإرهاب) حبوب الشرقاوي أن صرح بأن "عودة المقاتلين الموجودين بمناطق التوتر تشكل تحدياً أمنياً كبيراً للمغرب، وأن هناك لجنة برلمانية تتبع الملف، كما أنه يدخل في اختصاصات جهات رسمية أخرى".
ولم يفت المسؤول الأمني التشديد على أن "رجوع الأطفال الذين ولدوا في مناطق التوتر في سوريا أو العراق ويحملون الفكر المتطرف يتطلب مواكبة نفسية، كما يجب أن يتحصلوا على سجل خاص قصد المتابعة الدائمة من الجهات الأمنية".
وتفيد أرقام رسمية بأنه إلى الـ 16 من مايو (أيار) 2022، التحقت 288 امرأة مغربية بساحات الحرب في سوريا والعراق، وعادت من بينهن 99 امرأة فقط، بينما يصل عدد الأطفال إلى 391 طفلاً.