Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جيل بأكمله يحمل حركة الكواكب مسؤولية أزماته

هل أنت من جيل الألفية وتواجه المشكلات؟ إذاً ربما ألقيت اللوم على القمر، ولكن هل استخدام علم التنجيم لشرح مشكلاتك الشخصية والمهنية أمر جيد، أم أنه مجرد مثال كبير عن الأزمات التي يمر بها هذا الجيل؟

"هل شعر أي شخص آخر بالجنون منذ يوم الجمعة؟ أم أنا وحدي؟": جيل الألفية في كل مكان يلوم الكواكب على مشكلاتهم (وكالة الفضاء الأوروبية/ أ ف ب)

ملخص

لماذا نبحث عن حركة الكواكب والأقمار لتفسير إحباطاتنا وسلوكنا؟

اسأل أية امرأة من جيل الألفية عن الشيء الوحيد الذي كان له التأثير الأكبر على عامها، ومن المحتمل أن يكون جوابها "القمر". اسألها عن هذا الأسبوع على وجه الخصوص، وستبدأ أيضاً في الحديث عن حركة عطارد التراجعية. وفي كلتا الحالتين، ستكون إجاباتها جدية جداً. وستشعر أنت بالسوء لرغبتك في الضحك.

قبل بضع سنوات فقط، كانت مثل هذه التصريحات تثير الضحك والدهشة حتى عند أكثر الناس انفتاحاً بيننا. ومع ذلك، أصبح الحديث عن النشاط الفلكي عام 2023، منتشراً في مجموعات "واتساب" حول العالم، خصوصاً إذا كنت من النساء اللاتي تقضين وقتاً في تصفح مواقع معينة على الإنترنت.

اسمحوا لي بمشاركة مجموعة مختارة من الـ"ميمز" mems ذات الصلة بالقمر وعطارد التي رأيتها أخيراً على منشورات أصدقائي على "إنستغرام"، "أنا أحترم القمر لأنه يتحكم في ثلاثة من أغلى الكيانات لدينا: المحيطات والنساء والنبيذ الطبيعي"، تقول إحدى الصور، فيما تتوسل أخرى: "حركة عطارد التراجعية تبدأ غداً، إذا كنت من الماضي فأرجوك ألا تعود". أما الثالثة فتعلن "حركة عطارد التراجعية ستبدأ خلال أيام قليلة، ابتعد عن الطريق والتزم الصمت!! إننا على وشك دخول مرحلة الجنون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان هناك ارتفاع طفيف في التأملات من هذا القبيل خلال الأسبوع الماضي نظراً إلى أن الأربعاء الـ13 من ديسمبر (كانون الأول) شهد ولادة هلال القمر وتزامن ذلك مع حركة عطارد التراجعية الأخيرة لهذا العام، بمعنى آخر، اصطدمت حركتان فلكيتان كبيرتان لتخلقا لحظة كونية كبرى. إذا لم يكن أي من هذا يعني شيئاً بالنسبة إليك، فدعني أشرح لك الأمر.

لنفترض أنك تعرف قليلاً عن النشاط القمري - في الأقل إلى الدرجة التي إذا ما نظرت فيها إلى سماء الليل ولاحظت القمر - فقد تعلم أن ولادة قمر جديد [الهلال] يظهر عادة مرة واحدة في الشهر، نظراً إلى أن هذا هو وقت يستغرقه دوران القمر تقريباً حول الأرض. بالنسبة إلى معظم الناس، هذا هو المعنى الوحيد للأمر، لكن بالنسبة إلى الآخرين، فهو مدخل إلى عالم جديد تماماً، حيث تتحكم حركة القمر في صحتنا النفسية والعاطفية وحتى سلامة دورة النساء الشهرية. الأمر ليس عارياً تماماً عن الصحة، فبعض الدراسات تشير إلى وجود تزامن بين الدورة القمرية والدورة الشهرية [الحيض].

وإذا ما أضفنا لهذا الأمر حركة عطارد التراجعية يصبح الأمر عبئاً إضافياً على الحواس الروحية. وتتكرر الحركة هذه التي تستمر بضعة أسابيع كل أربعة أشهر تقريباً، وتشير إلى مرحلة يتجاوز فيها كوكب الأرض في مداره كوكب عطارد لفترة وجيزة، مما يخلق وهماً بصرياً، حيث يبدو كما لو أنه يتحرك إلى الوراء.

تشير التقاليد الفلكية إلى أنه نظراً إلى أن عطارد هو الكوكب الذي يتحكم بالتعبير والتواصل – ولهذا سمي على اسم الإله الروماني للرسائل والتواصل - فإن هذا الاضطراب يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم بين الأصدقاء والعشاق، والخلافات مع المقربين منك، وعديد من لحظات الهوس العاطفي. ولهذا السبب أصبحت العبارة نفسها اختصاراً يستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي للإشارة إلى أي نوع من الفوضى - ما عليك سوى إلقاء نظرة سريعة على نتائج البحث عن "ميمز حركة عطارد التراجعية" "Memes Retrograde Mercury" لتفهم تماماً ما أعنيه.

قد يبدو الأمر بسيطاً للغاية، ولكن في السنوات الأخيرة، ألقي اللوم على هذه الحركة العشوائية للكوكب في كل شيء بدءاً من الانفصال والطلاق، وصولاً حتى الانهيارات والأزمات الوجودية الكاملة. البحث السريع في رسائل "واتساب" الخاصة بي يثبت ذلك. قال أحد الأصدقاء في نيسان (أبريل) خلال حركة عطارد التراجعية الثانية لهذا العام: "لقد جعلتني حركة عطارد التراجعية أفقد صوابي". وقال آخر في سبتمبر (أيلول) 2022: "لقد أهلكتني حركة عطارد التراجعية هذه"، في حين سأل ثالث بعد مرور أربعة أشهر: "هل شعر أي شخص آخر بالجنون منذ يوم الجمعة؟ أم أنا وحدي؟ أه، انتظر، لقد رأيت للتو عطارد في حركة تراجعية".

القمر يتلقى اللوم نفسه أيضاً، قال أحد الأصدقاء قبل بضعة أشهر فيما يتعلق باكتمال القمر: "لقد أحبطني القمر هذا الأسبوع". بينما قال آخر "أنا لا أحظى بيوم جيد، انني أبحث عن طقوس القمر على (غوغل)". هل تفهمون ما أقصده؟ هل هناك حقاً شيء كهذا؟ يود عالم الإنترنت أن يعتقد ذلك - وأنا متأكدة أن أية شركة تنتج سلعاً متعلقة بالتنجيم تودنا أن نعتقد ذلك أيضاً. وأنا بالتأكيد كنت مشتركة بكل هذا، لكنني الآن لست متأكدة من أنها تقدم لي أي شيء لمصلحتي.

لا أريد أن أفهم بشكل خاطئ، وأنا أتفهم جاذبية الأمر. عندما تمر بوقت عصيب، سواء كان ذلك في المنزل أو العمل أو في علاقتك، فمن الأسهل بكثير إلقاء اللوم على نوع ما من القوى خارج كوكب الأرض التي بالكاد تفهمها بدلاً من تقييم عيوبك. في العالم الحديث، نادراً ما نشجع على تحمل مسؤولية أفعالنا، أو على محاولة فهم كيف نساهم في السلبية التي نواجهها. لماذا؟ لأنها أقل ربحاً بكثير. هناك كثير من الأموال التي يمكن جنيها من إخبار الناس بما يمكنهم شراؤه لإصلاح أنفسهم.

ولكن هناك كثيراً من الفاعلية في الأمر أيضاً. فمن خلال إلقاء اللوم على عطارد، فإننا نزيح عن أنفسنا المسؤولية. ويمكننا أن نشعر بالارتياح عندما نعلم أن كل ما نمر به هو موقت فقط، ففي مرحلة ما، ستنتهي الحركة التراجعية. التفكير بهذه الطريقة يمنحنا خيار التجاوز، والانتقال مباشرة إلى المرحلة التالية - حيث يمكننا البقاء بسعادة لفترة من الوقت. في الأقل حتى الحركة التراجعية التالي.

ولكن هذا - ولوصفه بمصطلحات قابلة للنشر على "إنستغرام" - لا يخدمنا أيضاً. في الواقع، أود أن أزعم أن انتشار الأحاديث عن القمر وعطارد ليست سوى إدانة لسوء تحضيرنا للتعامل مع ويلات الحياة الحديثة. أنا لا أنفي هذا المفهوم بالكامل - على رغم أن العلماء مستعدون لتذكير أي شخص بحماسة أن حركة عطارد التراجعية هو مجرد وهم بصري - لكنني أعتقد أننا يجب أن نتوقف عن إعطائه كثيراً من القيمة الثقافية.

لم تظهر الدراسات وجود أية علاقة بين الكواكب والسلوك البشري، ولا أظن أنها ستظهر ذلك في أي وقت قريب. وعلى رغم أنه قد يكون من المفيد أن يكون لديك شيء تتمسك به عندما تمر بوقت عصيب، فإنني أعتقد أنه من الأفضل أن تستثمر طاقتك في التحدث إلى معالج نفسي، أو قراءة كتاب من تأليف اختصاصي نفسي. لا تقم فقط بالنظر إلى السماء ليلاً متأملاً أن يتغير شيء ما، لأن الأمر لن ينتهي بك إلا بالشعور بخيبة أمل أكبر عندما لا يحدث ذلك.

© The Independent

المزيد من منوعات