تواصلت فصول الأزمة الرئاسية في فنزويلا بأبعادها المحلية والدولية اليوم الأحد، إذ حذرت الولايات المتحدة نظام الرئيس نيكولاس مادورو من القيام بأي عمل "ترهيبي أو عنيف" ضد المعارضة، أو البعثة الدبلوماسية الأميركية في كاراكاس، مهددةً بـ "رد قوي" في حال حصول ذلك، في حين نفى الكرملين وجود مسلحين من شركات عسكرية روسية خاصة في فنزويلا لدعم مادورو، حليف موسكو، بوجه المعارض خوان غوايدو الذي نصّب نفسه منذ أيام رئيساً موقتاً للبلاد.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في تغريدة على تويتر "أي ترهيب أو عنف بحق العاملين في البعثة الدبلوماسية الأميركية، أو بحق الزعيم الديموقراطي لفنزويلا خوان غوايدو، أو الجمعية الوطنية نفسها، سيُعدّ اعتداءً خطيراً على دولة القانون، وسيؤدي إلى رد قوي" من قبل الولايات المتحدة.
غوايدو محاطاً بمناصريه بعد حضوره قداساً في كنيسة في كاراكاس (أ. ف. ب.)
ورغم أن هذا التحذير لم يوجَّه الى مجموعة محددة أو أفراد معينين، الا أن بولتون كان اعتبر في تغريدة سابقة أن "الدعم الكوبي لقوات الأمن والقوات شبه العسكرية" التابعة لمادورو معروف تماماً، وذلك بعدما أعلن الأخير الأربعاء الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، التي ردت بأن اتخاذ هكذا إجراء ليس من حقه.
نفي روسي
أما المتحدث باسم الكرملين دميتري بيكسوف فأكد في مقابلة على التلفزيون الروسي أنه "بالتأكيد" لا يوجد "400 مقاتل يتولون حماية مادورو". إلا أن وسائل إعلام روسية وعالمية تناقلت أخيراً معلومات عن إرسال مفترض لمرتزقة روس إلى فنزويلا. وصرح يفغيني شاباييف وهو عسكري روسي سابق ينشط في مجال "الدفاع عن حقوق العسكريين الروس القدامى"، أن أعضاءً من شركة روسية عسكرية عائدين للتو من الغابون، شكّلوا مجموعة "طوارئ" الإثنين من "400 شخص"، أُرسلوا لاحقاً إلى كراكاس عبر كوبا. وأضاف على موقع التواصل الاجتماعي الروسي "فكونتاكتي" أن "مقربين (من هؤلاء العسكريين) تواصلوا معي لأتحدث نيابة عنهم إلى وسائل الإعلام الأجنبية".
وأكد شاباييف أنه "الشخص الوحيد الذي يدافع علناً عن حقوق" المرتزقة الروس، متابعاً أن أهداف هذه المهمة المفترضة في فنزويلا لم تكن "واضحة". وأشار إلى أن عدم وضوح أهداف المهمة هو ما دفع عائلات العسكريين إلى التواصل معه.
وينشر شاباييف على موقع فكونتاكتي تغريدات عدة معارضة لحكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان السفير الروسي لدى فنزويلا فلاديمير زايمسكي اعتبر يوم الجمعة الماضي، أن الادعاءات بوجود مرتزقة روس في البلاد عبارة عن "مهزلة". وتقدّم موسكو، الدائن الأبرز لكاراكاس بعد الصين، دعماً سياسياً ومالياً مهماً لفنزويلا المحاصرة بأزمة اقتصادية حادة.
وأعلن مادورو خلال زيارة لموسكو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استثمارات روسية بقيمة 6 مليارات دولار في قطاعي النفط والتعدين في فنزويلا.
قانون عفو عن العسكريين
في موازاة ذلك، وزّع أنصار غوايدو مساء الأحد، قانون العفو على العسكريين بهدف إقناعهم بالالتحاق بمعسكرهم، فيما أشرف مادورو على تدريبات عسكرية. وظهر مادورو على التلفزيون وهو يستعد لقيادة مناورات في فورت باراماكاي في شمال البلاد، وأظهرت الصور دبابات مصطفة وجنوداً يطلقون العيارات النارية. وقال مادورو قبل بدء التدريبات: "كونوا ثابتين في محاربة الانقلاب، أقول ذلك لكلّ القوات المسلحة البوليفارية: وحدة قصوى، انضباط أقصى، تعاون أقصى".
مادورو يركض مع جنود وضباط خلال تدريبات عسكرية في قاعدة ماراكاي (أ. ف. ب.)
وقبيل ذلك، رفض الرئيس الاشتراكي مطالبة الدول الأوروبية بمهلة ثمانية أيام للدعوة إلى انتخابات تحت طائلة الاعتراف بغوايدو رئيساً. وطالبهم مادورو بالتراجع لأن "لا أحد يعطينا مهلاً" وفنزويلا ليست "مرتبطة" بأوروبا.
وكانت ست دول أوروبية (إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، البرتغال، هولندا) حددت مهلة ثمانية أيام للدعوة إلى انتخابات تحت طائلة اعترافها بغوايدو رئيساً لفنزويلا.
من جهته، طالب البابا فرنسيس الأحد بـ "حل عادل وسلمي لتجاوز الأزمة مع احترام حقوق الإنسان".
وشارك غوايدو بقداس في كاراكاس تكريماً للمعتقلين السياسيين والمعارضين في المنفى، ولـ29 شخصاً قُتلوا خلال أسبوع من التحركات التي شهدت أيضاً توقيف 350 شخصاً.
ومن المقرر أن يعلن غوايدو موعد التظاهرة المقبلة والمتوقعة في الأيام المقبلة.
وتشجّع غوايدو على الطلب من مناصريه توزيع نسخ من قانون العفو الذي وعد به الموظفين الحكوميين والعسكريين في حال وقفوا إلى جانبه، إثر دعم تلقاه من الملحق العسكري الفنزويلي في واشنطن الكولونيل خوسيه لويس سيلفا.
ووزِّعت نسخ من هذا القانون الذي يمنح "كل الضمانات الدستورية" للعسكريين والمدنيين "الذين يتعاونون معنا لاستعادة الديموقراطية"، منذ الصباح في مراكز للشرطة والجيش. وأحرق بعض العسكريين الوثيقة على مرأى من المعارضين.
وقال النائب المعارض إسماعيل ليون "نحن نوزع القانون في إطار مطالبتنا بوقوف الجيش إلى جانب الشعب الذي يطالب بانتخابات حرة. وإذا أحرقوها، فهذه مشكلتهم، نحن لا نريد العنف".
ويبدو أن هدف غوايدو هو خرق ولاء الجيش، الداعم الرئيسي لمادورو منذ وصوله إلى الحكم في 2013.
ويدرك مادورو أهمية هذا الدعم، فحذر العسكريين الأحد بالقول "هل أنتم انقلابيون أم تحترمون الدستور؟ ... لا تكونوا خونة أبداً، بل كونوا أوفياء دوماً!". وكتب النائب المعارض خوليو بورجيس الموجود في المنفى في كولومبيا، في تغريدة "العالم مع فنزويلا". من جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد اعتراف بلاده "بالحكم الجديد" في فنزويلا المتمثل بغوايدو.