Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزياء الفاخرة في مواجهة تحديات أزمة كلف المعيشة وركود ما بعد الجائحة

عاشت مبيعات الأزياء الفاخرة طفرة خلال الجائحة لكن أزمة كلف المعيشة اللاحقة دفعت المتسوقين إلى التخلي عن مثل هذا الإسراف

علامة "ستيلا مكارتني" من بين شركات الأزياء الفاخرة التي تعاني أزمة (غيتي/شترستوك)

ملخص

صناعة الأزياء الفاخرة تعيش أزمة ركود بعد انتعاشها خلال جائحة "كوفيد"

من متجر "مارشيه ساكس بروتوي" Marché Saxe-Breteuil الباريسي الأنيق، يستطيع أمثال روبرت داوني جونيور وكايت بلانشيت وكريس روك أن يلمحوا برج إيفل أثناء حضورهم عرض أزياء لستيلا مكارتني.

كما هي الحال دائماً مع ابنة مغني فرقة "بيتلز" الأسطوري، لم يكن هناك أي توفير مصاريف في عرض أزياء ربيع - صيف 2024 الخاص بها، لكن المعلم الباريسي الشهير لم يكن الشيء الوحيد الذي يلقي بظلاله على عرضها الفاخر.

وراء هذه الأجواء الودية والمبهجة، تظهر أرقام جديدة كشفت عنها "اندبندنت" أن شركة "أنين ستار هولدينغ" Anin Star Holding التي تملك علامة "ستيلا مكارتني المحدودة" التجارية، سجلت خسارة قدرها 185 مليون جنيه استرليني (235 مليون دولار) لعام 2022، لأن مكارتني وزميلها المساهم في الشركة – عملاق الأزياء "مويت إنيسي لوي فويتون" Moët Hennessy Louis Vuitton (LVMH) – أدركا أن الأرباح المتوقعة لن تكون على المستوى الذي تصوراه، وهما ليسا الوحيدين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يتعرض سوق الأزياء الراقية لضغوط شديدة مع خسارة عدد كبير من علامات الموضة الشهيرة ومنصات البيع بالتجزئة أموالها وبريقها.

وتقدم منصة الأزياء الفاخرة "ماتشز فاشن" MatchesFashion التي تبيع منتجات دور جيفنشي وألكسندر ماكوين ودولتشي أند غابانا، خصماً بنسبة 70 في المئة – في حال شعرتم بالحاجة إلى مناشدة بعض الراحة النفسية من خلال التسوق. قبل شهر واحد فقط بيعت منصة "ماتشز فاشن" الإلكترونية [لبيع الأزياء الفاخرة] إلى "مجموعة فريزر" Fraser Group التابعة لمايك آشلي مقابل 50 مليون جنيه استرليني (63.5 مليون دولار) بعدما كانت قيمتها تقدّر في وقت سابق بمبلغ خيالي وصل إلى 790 مليون جنيه استرليني (1 مليار دولار).

وفي الشهر نفسه، تعرضت منصة "فار فيتش" Farfetch الإلكترونية المنافسة لها ومقرها لندن، لعملية بيع بسعر بخس لشركة "كوبانغ" Coupang الكورية الجنوبية العملاقة التي وعدت بضخ مبلغ 390 مليون جنيه استرليني (500 مليون دولار) في المقابل. ومن المفارقات أن هذا الاستحواذ الكوري أحبط مقترح بيع شركة "ريتشمونت" Richemont التي تملك أيضاً علامة كارتييه، جزءاً كبيراً من متجر التجزئة الشهير الذي يواجه صعوبات "نت أ بورتر" Net-a-Porter لشركة "فار فيتش" نفسها.

لا عجب إذاً في قول يوهان روبرت، رئيس شركة "ريتشمونت" إن صناعة الأزياء الفاخرة تشعر "بالضغط المالي".

حتى علامة "مويت إنيسي لوي فويتون" التي تهيمن على الموضة العالمية، ليست محصنة ضد الركود مع انخفاض قيمتها السوقية من 392 مليار جنيه استرليني (500 مليار دولار) في أبريل (نيسان) من العام الماضي إلى قيمتها السوقية الحالية التي تقل قليلاً عن 300 مليار جنيه استرليني (381 مليار دولار). ولعل منافستها الأكبر، شركة "كيرينغ" Kering التي تملك علامات ألكسندر ماكوين وسان لوران وغوتشي قد تضررت أيضاً، إذ انخفض سعر سهمها من 495 جنيهاً استرلينياً (628 دولاراً) في مارس (آذار) الماضي إلى 330 جنيهاً (420 دولاراً) فقط هذا الأسبوع. في المقابل هوى سعر سهم "بيربري" Burberry بنسبة 35 في المئة خلال الأشهر الستة الماضية وسهم العلامة التجارية الإيطالية الفاخرة "فيراغامو" Ferragamo بنسبة 22 في المئة خلال الفترة عينها.

ويقول تيل دادلر، خبير أسواق المنتجات الفاخرة والمدير الإداري لشركة "أكسنتشر" Accenture العملاقة للاستشارات "هذه ليست أوقاتاً سهلة، والعام المقبل سيكون صعباً... سيكون البقاء للأصلح". ويميز الخبير بين سوق "الأزياء الفاخرة الحقيقية" التي لا تزال مزدهرة، وسوق "الأزياء الفاخرة الطموحة" التي تخدم الطبقات المتوسطة والتي تضررت بشدة من أزمة كلف المعيشة المتفاقمة.

وازدهرت سوقا السلع الفاخرة خلال جائحة كورونا عندما كان الناس قابعين في منازلهم وأدركوا بصورة غريبة أنهم يمتلكون المال وقادرون على إنفاقه. أصبحت مناشدة الراحة النفسية من خلال التسوق أمراً ضرورياً سواء كنت شخصاً يعيش في هيوستن أو هونغ كونغ أو هامستيد في لندن. وكنتيجة حتمية، ازدهرت شعبية منصات البيع عبر الإنترنت بسبب حرمان الناس من فرصة التجول في صالات العرض الفاخرة.

ويقول جوناثان سيبوني، الرئيس التنفيذي لشركة "لاكشري إنسايت" Luxurynsight لتحليل بيانات العلامات الفاخرة ومقرها باريس: "عندما تكون حبيس المنزل، تستطيع توفير كثير من المال، مما يدفع الناس إلى الانغماس في شراء المنتجات الفاخرة... نظراً إلى امتلاكم إمكان الوصول للتسوق عبر الإنترنت، يمكنهم مقارنة الأسعار ولهذا السبب كانت العلامات التجارية هي المتحكمة في زيادة الأسعار التي ارتفعت بصورة كبيرة خلال الجائحة".

وفقاً لتحليل "لاكشري إنسايت"، قفزت الأسعار في سوق المنتجات الفاخرة منذ عام 2019 بنسبة 32 في المئة بالمتوسط. ولعل هذا التضخم المتفشي في الأسعار يظهر بصورة واضحة في سوق حقائب اليد، وفقاً لشركة "بيرنشتاين" Bernstein المتخصصة في تحليل القطاع، إذ صعد سعر حقيبة "شانيل 2.55" المفضلة لدى سارة جيسيكا باركر من بين كثيرات، من 5800 دولار عام 2020 إلى 10200 دولار الآن، بينما زاد سعر حقيبة "برادا غاليريا" من 2750 دولاراً عام 2021 إلى 4300 دولار اليوم.

ويعتقد سيبوني بأن "إعادة تنظيم السوق" الحالية تعني أن العلامات التجارية لن تكون قادرة بعد الآن على تحقيق النمو من خلال رفع الأسعار ببساطة، ويوضح: "لأنك عندما تزيد السعر أكثر من اللازم، ستصل إلى نقطة لا يمكنك زيادة السعر بعدها، بل ربما تخسر العملاء لأن منتجاتك باتت باهظة للغاية... أعتقد بأننا نقترب من هذه النقطة الآن. إذا ضاعفت السعر أثناء الجائحة، فإن الناس لا يكسبون ضعف المال الآن، وهكذا تكون قد خسرت كثيراً من العملاء المحتملين".

مع انحسار الجائحة وتحولها إلى جزء من الماضي الآن، ردت العلامات التجارية الفاخرة بمحاولة بيع منتجاتها للعملاء مباشرة، ويعني هذا أن منصات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت راحت تعاني. يشير سيبوني إلى الواقع القاسي لتجارة المنتجات الفاخرة، إذ إن العلامات التجارية تظهر وتختفي لسوء الحظ. وأضاف: "قبل 26 عاماً، توقف كثير من العلامات التجارية عن العمل، واليوم، نعم، سيحدث الأمر نفسه". يبدو كل من سيبوني ودادلر متفائلين في شأن مستقبل صناعة الأزياء الفاخرة على المدى الطويل، لكنهما يعتقدان، مع استثناءات قليلة، بأن العلامات التجارية الفاخرة الصغيرة ستتضرر بشدة بصورة خاصة.

ومع استمرار ارتفاع أسعار الديون والتضخم، فمن غير المرجح أن تستثمر البنوك في عدد من العلامات التجارية، كما أن تردد شركات رأس المال الاستثماري يتزايد تجاه شراء العلامات التجارية الفاخرة.

على رغم الصعوبات المالية التي تواجهها علامتها التجارية، دفعت ستيلا مكارتني لنفسها أجراً بقيمة 2.1 مليون جنيه استرليني (2.67 مليون دولار) العام الماضي. وتراجعت خسائر علامتها إلى 10 ملايين جنيه استرليني (12.7 مليون دولار)، في انخفاض من 32 مليون جنيه استرليني (40 مليون دولار) في العام السابق، وارتفعت الإيرادات بنسبة 23 في المئة إلى 40 مليون جنيه استرليني (50 مليون دولار). لكن الخسائر المتراكمة لعلامة "ستيلا مكارتني المحدودة" تصل الآن إلى ما يقارب 100 مليون جنيه استرليني (127 مليون دولار). "أنين ستار" هي الشركة الأم لعلامة "ستيلا مكارتني المحدودة" وتملك مكارتني 51 في المئة من الأسهم بينما تملك "مويت إنيسي لوي فويتون" 49 في المئة.

وقال خبير المحاسبة البروفيسور ريتشارد ميرفي من جامعة شيفيلد إن الخسارة البالغة 185 مليون جنيه استرليني في الشركة الأم تعكس إلى حد كبير قيمة الانحدار في سعر الأسهم: "يجب أن تعكس هذه الخسارة انخفاض توقعات الأرباح المستقبلية في ستيلا مكارتني".

دادلر ليس الوحيد الذي يعتقد بأن كلمة السر ستكون "الاندماج" مع العلامات التجارية الأصغر التي تسعى إلى الاحتماء من العاصفة من خلال توحيد القوى مع الإمبراطوريات الفاخرة. وقال إن العلامات التجارية الفاخرة "ستحتاج إلى تحقيق نمو حجمي، وهو أمر صعب للغاية عندما يمر المستهلكون بضغوط مالية، ولن تنمو السوق بالقدر نفسه... فيعني هذا أنه يجب عليك التغلب على المنافسة حقاً، بدلاً من مجرد رفع الأسعار".

يعتقد سيبوني بأن المفتاح سيكون الهيمنة على السوق "الرقمية" المزدهرة أو سوق الإنترنت من وجهة نظرنا. ويقدم تشبيهاً قاسياً: "في السوق الرقمية، يكسب الفائز كل شيء. لا توجد شركة بحجم أمازون في المكانة الثانية".

لم ترد ستيلا مكارتني و"مويت إنيسي لوي فويتون" عند التواصل معهما للحصول على تعليق.

© The Independent

المزيد من منوعات