بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل مع استهداف مصالح أميركية في المنطقة، توعدت واشنطن بالرد على الفصائل المسلحة الموالية لإيران والتي تتهمها بالهجمات.
ما الأهداف المحتملة لهذا الرد؟
بعد الضربة التي نفذتها طائرة مسيرة في الـ 28 من يناير (كانون الثاني) الماضي ضد "البرج 22"، وهي قاعدة للدعم اللوجيستي في الأردن على الحدود مع سوريا، ومقتل ثلاثة جنود أميركيين للمرة الأولى في المنطقة منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجهت أجهزة الاستخبارات الأميركية أصابع الاتهام بالتحديد إلى "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي مجموعة فصائل عراقية ذات نفوذ واسع تربطها علاقات وثيقة مع طهران.
ولمح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إلى أن "كتائب حزب الله" التي تعتبر أبرز فصيل في "المقاومة الإسلامية في العراق" تتحمل مسؤولية الهجوم.
وأعلنت "المقاومة الإسلامية" مسؤوليتها عن عشرات الهجمات بطائرات مسيرة أو صواريخ على جنود أميركيين في العراق وسوريا، يشكلون جزءاً من التحالف الدولي المناهض للتكفيريين.
165 هجوماً
وتعرضت القوات الأميركية لأكثر من 165 هجوماً منذ بدء الحرب، مما يكشف عن مدى تصاعد التوتر الإقليمي.
ومن الفصائل التي أعلنت صراحة انتماءها إلى "المقاومة الإسلامية في العراق" حركة "النجباء" وكتائب "سيد الشهداء".
وتصنف واشنطن جميع هذه الفصائل التي تطالب بمغادرة القوات الأميركية العراق وتتضامن مع الفلسطينيين ضد إسرائيل كتنظيمات إرهابية، كما تمثل هذه الفصائل أيضاً جزءاً من قوات الحشد الشعبي، وهو تحالف مجموعات عسكرية يشكل جزءاً من القوات الأمنية العراقية الرسمية.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية قصفت واشنطن مواقع لـ "كتائب حزب الله" وحركة "النجباء" في العراق، ووجهت القوات الأميركية ضربة لمركز دعم لوجيستي للحشد الشعبي وسط بغداد.
كما استهدفت منطقة جرف الصخر، وهي منطقة مغلقة ومحمية بإجراءات أمنية مشددة تتركز فيها أنشطة الفصائل المسلحة وتقع على بعد 60 كيلومتراً جنوب بغداد.
كذلك استهدفت منطقة القائم الحدودية حيث يقع معبر رسمي للعبور نحو سوريا، وتحديداً إلى مناطق توجد فيها الفصائل الموالية لإيران، في محافظة دير الزور السورية.
مستودعات الأسلحة
ويقول الخبير العسكري رياض قهوجي إن الولايات المتحدة "قد تسعى إلى ضرب مستودعات الأسلحة في العراق ومناطق تنطلق منها طائرات مسيرة، وستحاول تحديد المستودعات التي تحوي صواريخ".
أما في سوريا والمناطق التي توجد فيها الفصائل العراقية، وتقع بصورة رئيسة في الجانب الشرقي من سوريا قرب الحدود العراقية في منطقة دير الزور في الميادين والبوكمال، فهما المركزان الأكبر اللذان من الممكن استهدافهما"، وفقاً لقهوجي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إن "دير الزور المدينة، وبادية تدمر التي توجد فيها مطارات تنطلق منها طائرات مسيرة، وكذلك البوكمال والميادين" تعتبر أهدافاً محتملة، مشيراً إلى أنها "المناطق الأكثر تعرضاً للاستهداف، وربما في مرحلة لاحقة منطقة حلب" شمال سوريا.
ويؤكد عبدالرحمن الذي يمتلك شبكة واسعة من المصادر والمندوبين في سوريا "إخلاء كثير من القواعد والمواقع من مقاتلين موالين لإيران" شرق محافظة دير الزور، فيما "انسحب قسم كبير من ضباط الحرس الثوري الإيراني إلى دمشق".
وفي إجراءات مماثلة في العراق قال مسؤول في فصيل مدعوم من إيران إنه "قام بإجراءات لمواجهة التهديدات الأميركية من خلال نقل بعض المعدات وإخلاء بعض المعسكرات إلى مواقع بديلة".
وقال مسؤول آخر إن "بعض القيادات الميدانية" انتقلت إلى إيران، فيما انتقل آخرون إلى مواقع آمنة.
حرب أوسع
وعلى رغم توعد واشنطن بالانتقام إلا أن المسؤولين الأميركيين يكررون بأنهم لا يريدون الوصول إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط، كما نفت طهران وقوفها وراء الهجوم الذي قتل الجنود الأميركيين الثلاثة، وكررت بأنها لا تسعى إلى التصعيد.
وأعلنت كتائب "حزب الله العراقي" نهاية يناير الماضي تعليق هجماتها ضد "قوات الاحتلال" الأميركية، وطالبت مقاتليها بالدفاع السلبي إن حصل أي عمل أميركي عدائي تجاههم.
ويعفي بيان "كتائب حزب الله العراقي" إيران من مسؤولية الهجمات، مؤكداً أن طهران "تعترض على الضغط والتصعيد ضد قوات الاحتلال الأميركي في العراق وسوريا".
من جهتها أصدرت "حركة النجباء" بياناً اليوم الجمعة تعهدت فيه بمواصلة الهجمات ضد الجنود الأميركيين، محذرة من أن "أي استهداف أميركي سيواجه برد يناسبه".
وانتقدت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف أمس الخميس الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية، واعتبرت أنها تشكل أيضاً "هجوماً على سيادة الدولة العراقية وتعدياً على سيطرتها على السلاح وسياسات الأمن الوطني والخارجية"، مؤكدة أن هذا الملف يخضع لـ "مشاورات حثيثة مع المسؤولين العراقيين".
ودعت المسؤولة الأميركية السلطات العراقية إلى ضبط هذه المجموعات قائلة "نود أن نرى مزيداً من الأفعال".