ملخص
طالبت الأندية الرياضية والمراكز الشبابية الفلسطينية اللجنة الأولمبية الدولية بمنع إسرائيل من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية المقبلة التي ستعقد في باريس في يوليو القادم
تفاجأت فرقة المظليين في الاتحاد العام للرياضة العسكرية التابع للأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية، أن صورهم ومقاطع الفيديو التي التقطت أثناء تدريبهم على الإنزال الجوي مع الجيش العراقي في وقت سابق، تملأ الفضاء الإلكتروني، ليس مدحاً باحترافهم هذه الرياضة على مستوى فلسطين وحيازتهم كؤوساً وميداليات، بل لأن مجموعات منظمة من المستوطنين شنت "تحريضاً على اللاعبين الفلسطينيين الذين يميلون لهذا النوع من الرياضة بشكل واسع"، على حد وصفهم، بدأ في منصة "تيليغرام" وانتشر على مواقع أخرى، معتبرين أن تدريبات الأجهزة الأمنية الفلسطينية على القفز الحر والمظلات الشراعية يتماهى مع تدريبات عناصر "حماس"، التي استخدمت المظلات للمرة الأولى أثناء هجومها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأحدث احتراف مقاتليها استخدام المظلات كسلاح صدمة على المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي، إذ نجحت "حماس" بتطوير مظلات تحمل مقعداً لشخص أو شخصين، وتتحرك بواسطة مولد للطاقة، للتسلل داخل إسرائيل براً وبحراً، ونفذت إنزالاً داخل مستوطنات غلاف غزة.
تختص الرياضة العسكرية الفلسطينية بتطوير الرياضيين من عناصر الأجهزة الأمنية والعسكرية فقط، من خلال صقل مهاراتهم الرياضية وتدريبهم وتأهيلهم وإشراكهم بنشاطات ومباريات دولية وإقليمية على مدار العام. وينضوي تحت لواء الاتحاد العام للرياضة العسكرية الذي تأسس في ثمانينيات القرن الماضي، نحو 250 لاعباً ولاعبة، جلهم من العسكريين في السلطة الفلسطينية. ويعتبر المنتخب العسكري للرياضات الجوية والمنتخب العسكري للرماية، الذي يركز على احتراف رماية المسدس والبندقية والأهداف المتحركة (سكيت)، والمنتخب العسكري لألعاب القوس والسهم، من أكثر المنتخبات التي تتعرض لمضايقات من قبل المستوطنين في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن حكومته تستعد لاحتمالية خوض حرب ضد أجهزة الأمن الفلسطينية بالضفة الغربية. وينص الميثاق الأولمبي على ضرورة حماية الرياضيين من أجل ضمان قدرتهم على التدريب والمنافسة في بيئة محمية وآمنة، ضمن بند "الرياضة الآمنة".
أندية وملاعب
لم يقتصر الأمر على التحريض ضد الرياضيين من عناصر الأجهزة الأمنية، بل عمد الجيش إلى تهميش البنية التحتية الرياضية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بتدمير عشرات الملاعب والنوادي، وتحويل جزء منها إلى مراكز اعتقال، مثلما حدث في ملعب "اليرموك" بمدينة غزة، الذي تأسس عام 1938 ويعد أحد أقدم الملاعب في فلسطين، ناهيك بالملاعب التي جرف العشب الخاص بها ليصبح غير صالح للاستخدام، كملعب فلسطين الدولي الذي يعد الملعب الأهم للمنتخب الفلسطيني الأول، وعديد من الأندية ومنتخبات الشباب، إلى جانب قصف مقار الأندية الرياضية ومقر اتحاد كرة القدم وكذلك اللجنة الأولمبية الفلسطينية. ووفقاً للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فقد دمر القصف الإسرائيلي 13 منشأة رياضية في قطاع غزة، بينما أسفرت الاعتداءات والاقتحامات اليومية للمدن الفلسطينية عن تدمير أربع منشآت رياضية في الضفة الغربية. وأكد في بيان، أن الجيش الإسرائيلي قام منذ السابع من أكتوبر الماضي، باستهداف الرياضة الفلسطينية بشكل ممنهج، عبر استهداف الرياضيين والمنشآت والمرافق الرياضية. ووثق الاتحاد خلال الأشهر الثلاثة الأولى منذ بدء الحرب، مقتل 85 فلسطينياً من الأسرة الرياضية، كان من بينهم مدرب المنتخب الأولمبي الفلسطيني لكرة القدم الكابتن هاني المصدر و66 من لاعبي كرة قدم من مختلف الأعمار. وأعلن الاتحاد أنه وجه "رسائل عاجلة إلى اللجنة الأولمبية الدولية وكل الاتحادات الدولية والقارية والإقليمية" بما فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، طالب فيها "بفتح تحقيق دولي عاجل بجرائم إسرائيل بحق الرياضة والرياضيين في فلسطين". واعتبر رئيس الاتحاد جبريل الرجوب أن ما جرى في ملعب اليرموك "خرق واضح للميثاق الأولمبي وكافة القوانين الدولية". بدوره، قال المجلس الأعلى للرياضة في قطاع غزة، إن "قتل مئات اللاعبين والرموز الرياضية والجرائم بحق الرياضة والرياضيين الفلسطينيين ترتقي لتكون جرائم حرب".
رداً على ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن الفلسطينيين الذين ظهروا في مقاطع الفيديو شبه عراة بينهم أطفال في ملعب اليرموك، "يشتبه في تورطهم في أنشطة إرهابية"، فيما أشار إلى أن ملعب فلسطين الدولي في القطاع الذي تم تدميره مرات عدة "قاعدة عسكرية".
مناشدة رياضية
مرور أكثر من 120 يوماً على الحرب وارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة إلى 27 ألفاً إلى جانب 67 ألف مصاب ونحو 10 آلاف مفقود، حث اتحاد الثقافة الرياضية العربية، المؤسسات الرياضية الوطنية والدولية، على الدعوة إلى وقف إطلاق النار وتوسيع نطاق تضامنها مع الشعب الفلسطيني، كما أعلنت الرابطة أن الرياضيين العرب لن يشاركوا في أي بطولة مستقبلية تستضيف رياضيين إسرائيليين احتجاجاً على قتل المدنيين في غزة. من جانبها، طالبت الأندية الرياضية والمراكز الشبابية الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، اللجنة الأولمبية الدولية بتطبيق مبادئها والوفاء بالتزاماتها ومنع إسرائيل من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية القادمة التي ستعقد في باريس في يوليو (تموز) القادم، أو تعليق عضويتها بالحد الأدنى، "حتى تنهي انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي والإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة، وبينهم عشرات آلاف الرياضيين ومحبو ومتابعو الألعاب الأولمبية". وأضافوا في بيان "أن السماح بمشاركة إسرائيل في الألعاب الأولمبية القادمة، بينما تشن حربها في غزة، من شأنه أن يؤشر للمجتمع الدولي بأن اللجنة الأولمبية الدولية راضية عن أفظع جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل". ودعوا اللجان الأولمبية في الوطن العربي والجنوب العالمي والدول الصديقة لفلسطين، للضغط والمطالبة بمنع إسرائيل من المشاركة في الدورة الأولمبية المقبلة، بما يشمل التعطيل السلمي المدروس لاجتماعات ولقاءات التحضير لدورة الألعاب الأولمبية. وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن نحو 150 رياضياً أولمبياً إسرائيلياً انضموا للجيش الإسرائيلي بعد أن منحوا تصنيفاً خاصاً يمنحهم امتيازات خاصة لضمان قدرتهم على مواصلة التدريب والمنافسة أثناء الخدمة في الجيش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مواقف عالمية
لعقود، لعبت قرارات اللجنة الدولية الأولمبية والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وغيرها من المنظمات الرياضية الوازنة على مستوى العالم، دوراً حاسماً في وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم بحق الإنسانية حول العالم عبر استخدام عقوباتهم الرياضية والمقاطعة الرياضية العالمية، على رغم أن اللجنة الأولمبية الدولية تعلن بوضوح في ميثاقها الأولمبي "احترام حقوق الإنسان المعترف بها دولياً والمبادئ الأخلاقية الأساسية العالمية ضمن نطاق الحركة الأولمبية". إلا أنها وفقاً لمحللين، لم تتحمل أي من مسؤولياتها تجاه وقف الانتهاكات بحق الرياضيين الفلسطينيين والبنية التحتية الرياضية الفلسطينية، وتمارس مبدأ الحياد السياسي بشكل انتقائي يعتمد على السياق السياسي العالمي المهيمن. وعقب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، دعت اللجنة للتضامن الرياضي مع أوكرانيا وفرضت عقوبات شاملة على الأجسام الرياضية الروسية والرياضيين الروس، لكنها في الوقت ذاته تنزل أشد العقوبات على اتحادات رياضية بل ورياضيين أفراد بسبب اتخاذهم مواقف أخلاقية احتجاجاً على جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين. وتسببت تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي مساندة للشعب الفلسطيني، خلال الحرب الدائرة حالياً في قطاع غزة، في تعرض عدد من نجوم الرياضة العربية الذين يلعبون في أوروبا أو يشاركون في مسابقات عالمية كبرى، لعقوبات صارمة وإجراءات متشددة قد تهدد مستقبلهم الرياضي، وتواجه نجمة التنس التونسية المصنفة السابعة عالمياً أنس جابر، خطر الإيقاف عن المشاركة في بطولات رابطة اللاعبات المحترفات ومسابقات اتحاد التنس، وذلك بعد الشكوى الرسمية التي تقدم بها الاتحاد الإسرائيلي للتنس إلى الاتحاد الدولي ورابطة المحترفات، بسبب موقف اللاعبة التونسية المساند لفلسطين، عبَّرت عنه بمنشور على حسابها الشخصي في "إنستغرام." في حين تعرض اللاعب الجزائري يوسف عطال إلى الإيقاف من قبل ناديه "نيس" الفرنسي، بسبب مزاعم حول منشور معاد للسامية، كما فسخ نادي "ماينز" الألماني التعاقد مع للاعب الهولندي من أصول مغربية، أنور الغازي، بسبب تغريدة نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي عبر من خلالها عن مساندته للقضية الفلسطينية، كما حذف الاتحاد الدولي للسباحة من على صفحته الرسمية صور السباح المصري عبدالرحمن سامح، المتوج بالميدالية الذهبية في بطولة العالم للسباحة التي أقيمت في اليونان، للسبب نفسه، وطالبت جماهير بايرن ميونيخ الألماني بفصل اللاعب المغربي نصير مزراوي بعد منشور يساند فيه فلسطين.