يمضي صندوق الثروة السيادية التركي قدماً في خططه لصفقة سندات دولية للمرة الأولى، في اختبار لشهية المستثمرين لأصول البلاد بعد استقالة رئيسة البنك المركزي التركي حفيظة غاية إركان، الأسبوع الماضي.
وبدأت البنوك التي عينها صندوق الثروة التركي في عرض سندات مقومة بالدولار الأميركي على المستثمرين هذا الأسبوع، وبدأت في تلقي الطلبات اليوم الأربعاء، وفقاً لوثائق اطلعت عليها صحيفة "فايننشال تايمز"، ويسعى الصندوق إلى جمع نحو 500 مليون دولار.
وتأتي خطط جمع الأموال من صندوق الثروة السيادية التركي TWF بعد استقالة رئيسة البنك المركزي في وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي، بعد مرور ما يزيد قليلاً على سبعة أشهر من ولايتها، قامت خلالها بزيادة أسعار الفائدة من 8.5 في المئة إلى 45 في المئة.
وتجاهل المحللون المحليون والأجانب حتى الآن إلى حد كبير الاضطرابات الأخيرة التي شهدها البنك المركزي التركي، مراهنين على أن خليفة إركان، نائب المحافظ فاتح كاراهان، سيلتزم بسياستها المتمثلة في استخدام كلفة الاقتراض المرتفعة، كأداة رئيسية لتهدئة معدل التضخم البالغ حوالى 65 في المئة. وقال شخص على دراية مباشرة بصفقة صندوق الثروة السيادية التركي، للصحيفة، إن استقالة إركان ساعدت في إزالة حالة عدم اليقين في شأن قيادة البنك المركزي، بعد أن انتشرت مزاعم في وسائل الإعلام المحلية لأسابيع بأنها منحت والدها دوراً غير رسمي في البنك، وأنه أقال موظفاً في البنك، وهي المزاعم التي نفتها إركان.
طرح سندات لأجل خمس سنوات
طرحت سندات صندوق الثروة السيادية التركي لأجل خمس سنوات بعائد يبلغ نحو 9.125 في المئة، وفقاً لورقة الشروط، مقارنة بنحو 7.6 في المئة لسندات سيادية تركية بالدولار تستحق في مارس (آذار) 2029. ويمتلك صندوق الثروة السيادية التركي، الذي تأسس في عام 2016، حصصاً في مجموعة واسعة من الشركات التركية والبنية التحتية والأصول العقارية، بما في ذلك شركة الخطوط الجوية التركية، وعديد من الشركات التركية وكبار المقرضين وبورصة البلاد في إسطنبول. ويحتفظ الصندوق أيضاً بالملكية الكاملة لمجموعة الطاقة "بوتاش"، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها واحدة من أصول جوهرة التاج في تركيا، وشركة البريد الوطنية "بي تي تي"، وميناء رئيس بالقرب من مدينة إزمير الغربية.
أردوغان وإبقاء كلفة الاقتراض منخفضة بأي ثمن
من جانبه، رفض صندوق الثروة السيادي التركي التعليق على خططه، في وقت تأتي الصفقة المطروحة مع بدء المستثمرين الأجانب، الذين تخلوا إلى حد كبير عن الأصول المحلية والدولية لتركيا على مدى العقد الماضي، في العودة، بتشجيع من الإصلاح الاقتصادي الواسع النطاق في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو (أيار) الماضي. وكان رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي، والذي عكس إصرار أردوغان منذ فترة طويلة على إبقاء كلفة الاقتراض منخفضة بأي ثمن، ركيزة أساس للبرنامج. ويقول المحللون إنهم يتوقعون على نطاق واسع أن يواصل كاراهان السياسة النقدية المتشددة "على عكس التغييرات السابقة في القيادة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المحلل الاقتصادي في "غولدمان ساكس"، كليمنس جراف، للصحيفة، "يبدو أن استقالة إركان لم تكن ناجمة عن أي خلاف بين القيادة السياسية للبلاد والبنك المركزي"، في إشارة إلى حوادث سابقة قام فيها أردوغان، الذي وصف في السابق أسعار الفائدة المرتفعة بأنها "أم وأب كل الشرور"، بإقالة المحافظين بسبب رفع أسعار الفائدة.
وأضاف جراف "لا نرى أي سبب للشك في أن كاراهان سيتبع مساراً مشابهاً للمسار الذي اختارته إركان". وبالمثل، أخبر الاقتصاديون في بنك "جيه بي مورغان" العملاء أن كاراهان، وهو اقتصادي سابق في بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك، "من المرجح أن يبقي السياسة النقدية متشددة لفترة أطول".
وعكست أسعار الأصول التركية على نطاق واسع رد فعل الاقتصاديين الهادئ على تعيين كاراهان، مما ساعد على تعزيز ثقة المصرفيين في المضي قدماً في صفقة صندوق الثروة السيادي التركي.
انخفاض الليرة التركية
وانخفضت الليرة التركية بشكل طفيف مقابل الدولار منذ استقالة إركان، في حين ارتفع مؤشر الأسهم القياسي Bist 100 بنسبة ثلاثة في المئة، وانخفضت كلفة الحماية من التخلف عن سداد الديون التركية، باستخدام مقايضات العجز الائتماني لمدة خمس سنوات، وهو مقياس رئيس للأخطار المتصورة في الاحتفاظ بالأصول التركية، بنحو 10 نقاط أساس منذ الخميس الماضي إلى 330 نقطة أساس، وفقاً لبيانات "فاكت ست".
ويقوم كل من "بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا" و"جي بي مورغان" و"ستاندرد تشارترد" بدور المنسقين العالميين ومديري الدفاتر المشتركين في صفقة صندوق الثروة السيادية التركي، في حين يقوم كل من "بنك أوف أميركا" و "الإمارات دبي الوطني كابيتال المحدودة" و"إنشورانس كوبوريشين أو بريتيش كولومبيا"، ومجموعة "إي أن جي" وهي شركة مؤسسة مالية عالمية، وبنك "قطر الوطني" و"سوسيتيه جنرال" بدور مديري الدفاتر.