Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نواف سلام رئيسا لـ"العدل الدولية" في مواجهة تحديات العالم

انضم عام 2018 إلى هذه المحكمة الأممية التي تتألف من 15 قاضياً

سلام هو العربي الثالث الذي يتقلد المنصب ذاته منذ نشأة المحكمة عام 1945 (رويترز)

ملخص

القاضي نواف سلام ثالث رئيس عربي في تاريخ محكمة العدل الدولية

في ظروف استثنائية يمر بها لبنان، شكل تعيين القاضي نواف سلام رئيساً لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، مفاجأة في بيروت كسرت روتين الأخبار السلبية التي تسيطر على أجواء البلاد، ومن المفارقات البارزة أن يحتل لبناني أرفع منصب قضائي في العالم في وقت يشكو اللبنانيون غياب العدالة في بلادهم، ولا سيما في قضية تفجير مرفأ بيروت الذي تم تصنيفه أحد أضخم الانفجارات في العالم، وكذلك في قضية ضياع أموال المودعين في المصارف والمتسببين بأحد أكبر الانهيارات الاقتصادية التي حصلت في التاريخ.

 

ويجمع اللبنانيون على أن انتخاب سلام على رأس المحكمة الدولية يشكل بارقة أمل تعكس احتضان المجتمع الدولي للبنان في ظروفه القاسية التي يمر بها منذ سنوات، في حين يشكل أيضاً انتخابه تحديات كبيرة، ولا سيما أن أحد أبرز الاستحقاقات التي تواجهه في بداية مسيرته هي القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، إضافة إلى قضايا أخرى مرتبطة بتصاعد الصراعات والحروب بأكثر من منطقة في العالم.

نظرية "المؤامرة"

وعلى رغم أهمية انتخاب سلام في أحد أبرز المواقع الدولية مما يعزز صورة لبنان أمام المجتمع الدولي وفرصة لإيصال عديد من القضايا التي تقع ضمن صلاحيات محكمة العدل الدولية، فإن نظرية "المؤامرة" لم تغب عن كثير، ولا سيما من المؤيدين لمحور "الممانعة"، إذ اعتبرت بعض الأوساط أن الولايات المتحدة أسهمت في إيصاله، بهذا الظرف، لإحراج لبنان في القضايا المرفوعة ضد إسرائيل، إضافة إلى عرقلة الدعوى التي تقدمت بها إيران ضد الولايات المتحدة في شأن العقوبات التي فرضتها.

في المقابل، تؤكد أوساط دبلوماسية لبنانية أن انتخاب سلام أتى نتيجة كفاءته وعلاقاته المميزة مع زملائه القضاة إضافة إلى علاقات لبنان الإيجابية مع دول العالم، مشيرة إلى أن النظام الداخلي للمحكمة في المادة 32 تنص على أنه "إذا كان رئيس المحكمة من رعايا أحد الأطراف في قضية ما، فإنه لا يمارس مهام الرئاسة في ما يتعلق بهذه القضية"، أي إذا عرضت قضية يكون لبنان طرفاً فيها، فعلى الرئيس نواف سلام التنحي لصالح نائبه عن النظر في هذه القضية.

انحياز لحق الشعوب

وفي السياق، رأى الناشط السياسي والمتخصص في مجال العلوم السياسية علي مراد أن انتخاب القاضي سلام رئيساً للمحكمة الدولية، ثلاث سنوات مقبلة، هو تتويج لتجربة أكاديمية ودبلوماسية وقضائية خاضها سلام على مدى عقود، معتبراً أن "تجربة لافتة كهذه تشكل نوعاً من التضاد الصارخ مع التصحر الذي نعيشه على المستوى الداخلي، وهو نموذج يشبه لبنان الذي نريده مقابل لبنان الذي لا نريده". وأوضح أن أي عضو في المحكمة يخضع لموجب التحفظ تجاه القضايا، بصورة عامة، تحديداً في ما خص النزاعات الدولية وتجاه القضايا السياسية في بلده الأم. وقال "من هنا نرى أن سلام يتحفظ عن الكلام السياسي المباشر بحكم المنصب الوظيفي، كذلك اليوم، مع رئاسة المحكمة يستمر حتماً التزامه موجب التحفظ تجاه القضايا السياسية، وكذلك في ما خص ملف دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل"، ولفت إلى أن من يعرف تاريخ سلام السياسي يدرك أننا أمام شخصية منحازة تاريخياً لمنطق الحقوق وقضايا الشعوب المحقة بعمقها التاريخي والإنساني بعيداً من الألعاب السياسية اليومية وسياسة المحاور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار مراد إلى أن كل ما سبق من معطيات جعل سلام اسماً مطروحاً، بشكل ثابت، لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني في السنوات الأخيرة، لما يقدمه من نموذج وثقة للمجتمع الدولي، والذي لا شك أن الوصول إلى هذا المنصب، من خلال الثقة التي حصل عليها من زملائه في المحكمة، يؤكد "أننا فعلاً أمام شخصية تستطيع أن تتبوأ مناصب عليا."

الرئيس الثالث

وأوضح رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية في بيروت والعميد في "الجامعة الدولية للأعمال" في ستراسبورغ المحامي بول مرقص، أن محكمة العدل الدولية المنشأة بواسطة ميثاق الأمم المتحدة هي الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة، وتختص بالفصل في النزاعات بين الدول وفقاً لأحكام القانون الدولي وإصدار الفتاوى في شأن المسائل القانونية التي تحيلها عليها هيئات الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة المأذون لها بذلك، وتتألف من 15 قاضياً من جنسيات مختلفة ينتخبون من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأشار مرقص إلى أن رئيس المحكمة ينتخب من قبل أعضاء المحكمة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويمارس مهامه وفقاً للنظام الأساس للمحكمة، إذ إن أهم وظيفة هي أنه يترأس ويدير الجلسات والعمليات اليومية للمحكمة، فيقوم بتوجيه وإشراف القضاة في أداء واجباتهم، كما يمكن أن يقوم بتوجيه القضاة للعمل على قضايا معينة أو تحديد أولويات القضاة، ويتعامل مع الشكاوى والاعتراضات المتعلقة بأداء القضاة أو سير العدالة، ويدير الجدول الزمني للجلسات القضائية، ويتأكد من تنظيم الجلسات بشكل منتظم، كما يضمن تنظيم وحفظ السجلات القضائية بشكل صحيح وآمن.

وكشف عن أنه، خلافاً لما أوردته بعض وكالات الإعلام والصحف، فإن نواف سلام هو الرئيس العربي الثالث لمحكمة العدل الدولية بعد الجزائري محمد بجاوي والصومالي عبدالقوي يوسف، وقد انضم سلام إلى محكمة العدل الدولية عام 2018، ولديه سيرة ذاتية مليئة بالإنجازات والتجارب المتنوعة، كسفير لبنان لدى الأمم المتحدة بين عامي 2007 و2017، وكان له دور بارز في التفاوض والتعامل مع القضايا الدولية المختلفة، بخاصة أثناء فترة تمثيل لبنان في مجلس الأمن خلال ولايته فيه عامي 2010 و2011، وترأس أعمال هذا المجلس في شهري مايو (أيار) 2010 وسبتمبر (أيلول) 2011.

خدمة القانون الدولي

وفي السياق، أشار المحلل السياسي محمد الرز إلى أن وصول شخصية عربية إلى هذا المنصب أمر مهم للغاية في ظل الظروف الخطرة على المستوى العربي العام، وعلى صعيد القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن أمام سلام أحد أهم الملفات في التاريخ العربي الحديث وهو محاكمة إسرائيل بجرائم الإبادة الجماعية. وأوضح أن سلام أطلق من فرنسا موقفاً ملحوظاً عند بداية حرب غزة، دان فيه سياسة الفصل العنصري الإسرائيلية، كما أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع أميركا وأوروبا والدول العربية، مما يسمح له بتوظيفها في خدمة القانون الدولي وحقوق الإنسان والعدالة الإنسانية على مستوى العالم.

من هو؟

بدأ نواف سلام مساره المهني في مجال القانون عام 1984 محامياً بالاستئناف وعضواً في نقابة المحامين في بيروت، ومستشاراً وممثلاً لعديد من الهيئات الدولية والمحلية والعامة والخاصة في بيروت، كما عمل في مدينة بوسطن الأميركية ممثلاً قانونياً لعدد من المؤسسات الدولية حتى عام 1992، وقبل ذلك كان قد شرع في مسار مهني في المجال الأكاديمي، إذ عمل محاضراً في جامعة "السوربون" من عام 1979 إلى عام 1981، إذ درس التاريخ المعاصر للشرق الأوسط، وفي عام 1981 كان زميلاً زائراً في مركز "ويذرهيد" للشؤون الدولية بجامعة "هارفرد"، وبين عامي 1985 و1989 عمل محاضراً في "الجامعة الأميركية" في بيروت.

بعد عودته إلى بيروت عام 1992 عمل محامياً في مكتب "تكلا" للمحاماة، وبالتوازي مع ممارسته القانون بدأ تدريس القانون الدولي والعلاقات الدولية في "الجامعة الأميركية" في بيروت، حين ترأس قسم الدراسات السياسية والإدارة العامة، كذلك عمل محاضراً في جامعات عدة منها "كلية الحقوق" في جامعة "هارفرد" و"كلية الشؤون الدولية والعامة" في جامعة "كولومبيا" و"معهد السلام الدولي" في نيويورك وفي جامعات عربية في الرباط والقاهرة وأبوظبي.

من بيروت إلى لاهاي

وشغل مسؤوليات دبلوماسية عدة، إذ عين سفيراً وممثلاً دائماً للبنان لدى الأمم المتحدة بين عامي 2007 و2017، وممثله في مجلس الأمن الذي ترأسه ما بين مايو 2010 وسبتمبر 2011، كذلك شغل موقع نائب رئيس الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة من سبتمبر 2012 إلى سبتمبر 2013، وعمل بعدها ممثل لبنان في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة بين عامي 2016 و2018.

وانضم عام 2018 إلى المحكمة الدولية، وكان عضواً في بعثات ميدانية لمجلس الأمن إلى دول عدة كإثيوبيا والسودان وكينيا وأوغندا وأفغانستان، كذلك ترأس الوفود اللبنانية في فعاليات دولية عدة، أبرزها الاجتماع الوزاري لـ"حركة عدم الانحياز" في هافانا عام 2009، و"المؤتمر الدولي لتمويل التنمية" في أديس أبابا و"قمة المناخ" في باريس عام 2015.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات