لن تجود الأرض بما يكفي من القمح هذا العام، فالمحصول يظل أدنى من مستويات إنتاجه العام الماضي، وسط تقديرات بإنتاج أعلى في العراق والأرجنتين، واستهلاك أكبر في الاتحاد الأوروبي وباكستان وأفغانستان، بحسب أحدث تقرير لوزارة الزراعة الأميركية، تناول المحاصيل الاستراتيجية الثلاثة، وما ستكون عليه من الإنتاج والتجارة والاستهلاك.
وفي حين ارتفعت الصادرات الأوكرانية والأرجنتينية والأسترالية والتركية، فإن انخفاضاً يقابلها على الجانب الآخر في صادرات كل من المملكة المتحدة والهند، فيما يقدر الإنتاج العالمي من القمح في موسم 2023-2024 الحالي بـ785.7 مليون طن من 789.2 مليون في الموسم الماضي.
وظلت أسعار القمح الأميركية مستقرة نسبياً عند مستوى 255 دولاراً للطن الشتوي مع استمرار الظروف الجوية المواتية للمحصول القادم، في حين ارتفعت أسعار القمح الأحمر الربيعي إلى 306 دولارات للطن مع الطلب القوي من شرق آسيا.
وانخفضت أسعار القمح لدى المصدرين الرئيسين في فبراير (شباط) الجاري، مقارنة بشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، إذ انخفضت الأسعار الروسية بمقدار 20 دولاراً للطن، وانخفضت أيضاً الأسعار الأسترالية بمقدار 13 دولاراً للطن، وكذلك أسعار الاتحاد الأوروبي بـ12 دولاراً، وثمانية دولارات في طن القمح الأرجنتيني، في ظل المنافسة القوية المستمرة من بلدان البحر الأسود، وتباطؤ الطلب.
يقدر التقرير أن تستورد جنوب آسيا ما يقرب من 14 مليون طن في الموسم الحالي، وتمثل المنطقة حوالى 20 في المئة من الإنتاج والاستهلاك العالمي، وبشكل عام تسعى إلى الحصول على واردات منخفضة الكلفة، بالتالي أصبحت تعتمد إلى حد كبير على صادرات قمح البحر الأسود.
ويتحدث التقرير عن الهند، المستهلك الأكبر للقمح في منطقة جنوب آسيا، لكن مع ذلك تظل بلداً منتجاً للمحصول، في حين تعد بنغلاديش أكبر مستورد في المنطقة، إذ يمثل الإنتاج المحلي 15 في المئة فقط من الاستهلاك، وعلى مدى العقد الماضي تضاعف الاستهلاك تقريباً مع بدء تحول النظام الغذائي للمستهلكين من الرز إلى القمح، وبعد الارتفاع الكبير في أسعار القمح في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية، تحولت بنغلاديش لفترة وجيزة إلى الهند كبديل، إلى أن فرضت الهند حظراً على التصدير.
في باكستان، يمثل الإنتاج المحلي من القمح أكثر من 90 في المئة من الاستهلاك، فيما تعد الواردات الكبيرة ظاهرة حديثة، إذ وصلت إلى رقم قياسي بلغ 3.6 مليون طن في 2020-2021، وتجاوزت الواردات 2.2 مليون طن خلال العامين الماضيين، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 2.7 مليون طن هذا العام.
يشير التقرير إلى أنه مع تزايد عدد السكان والرغبة في شراء القمح بأسعار معقولة، أصبحت الشركة التجارية الباكستانية المشترية للحكومة والقطاع الخاص تعتمد على قمح البحر الأسود، من روسيا في المقام الأول، وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، في وقت تعتمد أفغانستان المجاورة بشكل كبير على الواردات من جيرانها مثل كازاخستان وأوزبكستان، وبدرجة أقل باكستان، وتستورد أفغانستان في المقام الأول دقيق القمح نظراً إلى قدرتها المحدودة للغاية على الطحن.
ارتفاع إنتاج الرز ولكن
يتوقع التقرير الأميركي، ارتفاع إنتاج الرز عالمياً إلى 513.7 مليون طن هذا الموسم، من 513 مليوناً الموسم الماضي، بسبب ارتفاع الإنتاج في سريلانكا، في حين يرجح ارتفاع الاستهلاك العالمي مع زيادة الواردات لإندونيسيا والفيليبين.
وخلال الشهر الماضي، ظلت الأسعار الأميركية للرز من دون تغيير عند 765 دولاراً للطن، وقفزت أسعار الأوروغواي بمقدار 30 دولاراً إلى 820 دولاراً مع استمرار الطلب القوي، في حين انخفضت الأسعار الفيتنامية بمقدار 23 دولاراً إلى 645 دولاراً للطن بسبب زيادة الإمدادات بعد المحصول الذي تم حصاده أخيراً، وقفزت الأسعار الباكستانية بمقدار 55 دولاراً إلى 640 دولاراً، بدعم استمرار الطلب القوي.
في العام الماضي، استحوذ نصف الكرة الغربي على ما يقرب من 13 في المئة من واردات الرز العالمية، وتاريخياً استحوذت الولايات المتحدة على معظم صادرات الرز غير المقشور، لكن هيمنة الولايات المتحدة على السوق في نصف الكرة الغربي واجهت تحدياً بسبب ارتفاع صادرات أميركا الجنوبية، وعلى مدى العامين الماضيين أدى ارتفاع أسعار الصادرات الأميركية والتضخم المرتفع بشكل عام في أسعار المواد الغذائية إلى سماح عديد من البلدان بالوصول المعفي من الرسوم الجمركية من جميع المناشئ، مما جعل الولايات المتحدة تفقد ميزتها التنافسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يتناول التقرير الأميركي، كيف كانت الصادرات الأميركية من الرز في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، ويقول "في العقد الماضي، زودت الولايات المتحدة ما يصل إلى 77 في المئة من صادرات الرز السنوية إلى أميركا الوسطى، ومع ذلك انخفضت حصتها في السوق بشكل حاد في السنوات الأخيرة، إذ انخفضت إلى أقل من 50 في المئة، بخاصة في السنوات التي شهدت انخفاضاً في الإنتاج، وكان ظهور أميركا الجنوبية كمنطقة مصدرة للرز، بقيادة البرازيل في المقام الأول، عاملاً رئيساً في توجيه أمريكا الوسطى بعيداً من الاعتماد الكامل على واردات الأرز غير المقشور من الولايات المتحدة".
تتوقع وزارة الزراعة الأميركية، أن يكون إنتاج الرز في الولايات المتحدة في الموسم الحالي، أكبر بنسبة 36 في المئة عن العام السابق، وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع صادرات الرز غير المقشور في الولايات المتحدة بنسبة 82 في المئة، مع تسارع الصادرات في الأشهر الأخيرة، إذ أصبحت الأسعار الأميركية قادرة على المنافسة في مقابل الأسعار في أميركا الجنوبية.
انخفاض تجارة الذرة
تأتي آفاق محصول الذرة عالمياً مشابهة للمحصولين الاستراتيجيين القمح والرز، إذ يتوقع أن يأتي إنتاجها العالمي بنحو 1.23 مليار طن هذا الموسم من 1.15 مليار طن العام الماضي، وسط ترجيحات أن تشهد التجارة العالمية انخفاضاً طفيفاً.
منذ يناير الماضي، انخفضت أسعار العطاءات الأرجنتينية للذرة بمقدار 20 دولاراً للطن لتصل إلى 200 دولار، وعلى رغم الفترة الحارة والجافة الأخيرة، فقد دعم الطقس الجيد الشهر الماضي، التوقعات بانتعاش الإمدادات من عام لآخر، مما أدى إلى تراجع الأسعار، في حين انخفضت العطاءات البرازيلية بمقدار 24 دولاراً لتصل إلى 210 دولارات، إذ أدى الانخفاض الموسمي في الإمدادات القابلة للتصدير إلى إضعاف الطلب.
حصدت باكستان محصولاً وفيراً من الذرة بلغ 10.5 مليون طن، بزيادة 13 في المئة عن الموسم الماضي، لكن تفيد التقارير أن الطلب على الذرة في علف الدواجن انخفض بنسبة سبعة في المئة إلى 6 ملايين طن، وهو ما أدى إلى تصديرها مزيداً من الذرة بسبب ضعف الطلب المحلي على الأعلاف المركبة وانخفاض إنتاج الدواجن، في حين من المتوقع أن تنخفض صادرات الهند من المحصول إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات عند 2.2 مليون طن، إذ أدى الطلب المحلي القوي على الأعلاف، والحوافز الحكومية الجديدة لاستخدام الذرة في الإيثانول، وانخفاض الإنتاج بنسبة سبعة في المئة، إلى تقليل القدرة التنافسية للهند في السوق العالمية.