ملخص
يجري حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف محادثات مع أحزاب أخرى لتشكيل ائتلاف حكومي.
اكد اثنان من أكبر ثلاثة أحزاب في باكستان اليوم الثلاثاء، أنهما توصلا إلى اتفاق لتشكيل ائتلاف حكومي يستبعد أنصار رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان، على رغم أنهم تصدروا نتائج الانتخابات التشريعية.
وأعلنت الرابطة الإسلامية الباكستانية بزعامة نواز شريف وحزب الشعب الباكستاني بزعامة بيلاول زرداري في مؤتمر صحافي أنهما سيشكلان الحكومة المقبلة مع أحزاب صغيرة.
وقال شهباز شريف، رئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية إلى جانب مسؤولي حزب الشعب الباكستاني ومجموعتين أخريين الثلاثاء، إن "الأحزاب الموجودة هنا تمثل ما يقرب من ثلثي المجلس الذي تم انتخابه".
وأعرب عن استعداد الحاضرين لخوض محادثات مع خان لضم حركة الإنصاف إلى الحكومة المقبلة.
وأضاف "ننسى ونغفر- ونغفر وننسى- تعالوا لنتكاتف لتحسين البلاد"، داعياً إلى "التضحية بالمصالح الذاتية، ووضع الكبرياء جانبا".
واستبعد رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان اليوم الثلاثاء التحالف مع أكبر حزبين سياسيين في باكستان، بعد حصول المرشحين المدعومين من حزبه على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الأسبوع الماضي.
وعلى رغم تعرض حزب "حركة الإنصاف" الباكستانية بزعامة عمران خان لقمع شديد، إلا أن أداء المرشحين المستقلين الذين دعمهم فاق التوقعات.
واتهم خان في حديث في جن أديالا- حيث أمضى معظم وقته منذ اعتقاله في أغسطس (آب)- كلاً من حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية" وحزب "الشعب الباكستاني" صاحب المركز الثاني بالفساد.
وقال لمجموعة من الصحافيين كانوا يغطون جلسة استماع إجرائية في السجن خارج العاصمة إسلام آباد "لن نجلس مع حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية ولا مع حزب الشعب الباكستاني".
وازدادت الشكوك في صدقية الانتخابات بسبب قطع السلطات الاتصالات وخدمة الإنترنت عبر الهواتف النقالة طوال يوم الاقتراع.
وأضاف "سنطعن بتزوير الانتخابات أمام المحكمة العليا في باكستان وسندرس التحالف لاحقاً".
وهو من أول التصريحات العلنية لعمران خان منذ إعلان نتائج الانتخابات التي أجريت الأسبوع الماضي.
حصل المستقلون الموالون لخان على نحو 90 مقعداً من أصل 266 في البرلمان. ويؤكد مسؤولون في حزب "حركة الإنصاف" أنهم كانوا سيفوزون بمقاعد أكثر لولا تزوير الأصوات.
ولا يمكن للمستقلين تشكيل حكومة على رغم حصولهم على العدد الأكبر من المقاعد إذ يجب أن يقوم حزب معترف به أو ائتلاف من أحزاب بتشكيل الحكومة.
ويبدو تشكيل ائتلاف حكومي بين حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية" وحزب "الشعب الباكستاني"- وسبق أن شكلا حكومة ائتلافية بعد إطاحة عمران خان من منصب رئيس الوزراء بموجب مذكرة حجب ثقة في أبريل (نيسان) 2022- النتيجة الأكثر ترجيحاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان رئيس الوزراء الباكستاني السابق وزعيم أكبر أحزاب البلاد شهباز شريف، قال في وقت سابق اليوم الثلاثاء، إن المرشحين المستقلين المدعومين من رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان مرحب بهم لتشكيل حكومة إذا تمكنوا من إثبات أغلبيتهم في البرلمان.
أضاف شريف أنه إذا لم يتمكن المستقلون المدعومون من خان من القيام بذلك فإن أحزاباً أخرى ستمضي قدماً في تشكيل حكومة.
وتابع أن حزبه الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف يجري محادثات مع أحزاب أخرى لتشكيل ائتلاف.
وأظهرت النتائج النهائية التي أعلنت، أول من أمس الأحد، فوز المستقلين بـ101 مقعد، فيما حصل حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية على 75 مقعداً، وحزب الشعب الباكستاني على 54 مقعداً، والحركة القومية المتحدة على 17 مقعداً. وحصلت 10 أحزاب صغيرة على المقاعد الـ17 المتبقية، مع بقاء مقعدين شاغرين.
وتوقع محللون أن تواجه باكستان حالة عدم يقين سياسي مدة أسابيع بعد انتخابات أتت نتائجها غير حاسمة مع عشرات الطعون المحتملة أمام المحاكم وخوض الأحزاب المتنافسة مفاوضات لتشكيل ائتلافات محتملة.
وعلى رغم تعرض حزب حركة الإنصاف الباكستانية بزعامة عمران خان المسجون حالياً لقمع شديد فإن أداء المرشحين المستقلين الذين دعمهم فاق التوقعات.
وأكدت المحللة السياسية أمبر رحيم شمسي أن "هناك ثلاثة تحديات محتملة مرتبطة بشرعية الانتخابات من خلال الإجراءات القانونية المطولة والاحتجاجات واحتمال وقوع أعمال عنف".
ولا يمكن للمستقلين تشكيل حكومة على رغم حصولهم على العدد الأكبر من المقاعد، حيث يجب أن يقوم حزب معترف به أو ائتلاف من أحزاب بتشكيل الحكومة.
مخاوف من انهيار الإصلاح
وقالت شمسي لوكالة الصحافة الفرنسية، "على المدى القصير، فإن أي ائتلاف يتشكل عبر انتخابات مثيرة للجدل إلى حد كبير في بيئة سياسية مشحونة للغاية، سيجد صعوبة في تطبيق إصلاحات لا تحظى بشعبية التي تحتاج إليها باكستان بشدة".
وفازت ستة أحزاب صغيرة في الأقل بمقعد أو مقعدين فقط في الانتخابات، وسوف ترحب بانضمام المستقلين إلى صفوفها. وهذا قد يمنحهم إمكانية الوصول إلى 70 مقعداً إضافياً تخصص للنساء والأقليات الدينية وفقاً لنتائج الانتخابات. ولم يسبق حدوث هذا من قبل، وقد يواجه تحديات قانونية.
احتمالية إعادة فرز الأصوات
ويرى المتخصص القانوني أسامة مالك أن "للمحاكم دوراً حساساً للغاية في هذه اللحظة". وأكد "سيتعين عليها أيضاً أن تقرر إن كانت ستأمر بإعادة فرز الأصوات في مختلف الدوائر الانتخابية"، مشيراً إلى أن "إعادة فرز الأصوات في دوائر انتخابية متعددة يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تأخير انعقاد البرلمان، لذا يجب على المحاكم أن تكون حذرة من ذلك أيضا".
ويصر زعماء حركة الإنصاف على أنهم حصلوا على "تفويض شعبي" لتشكيل الحكومة المقبلة.
وأكد رئيس حزب الإنصاف جوهر علي خان في مقابلة، "لقد قرر الناس لصالح عمران خان"، داعياً أنصار الحزب إلى الاحتجاج أمام مكاتب الانتخابات التي قال إنه حصل فيها تزوير.
ويبقى احتمال اندلاع أعمال عنف قائماً، فأطلقت الشرطة الباكستانية الأحد الغاز المسيل للدموع لتفريق أنصار عمران خان، بعد أن توعدت بأنها ستتخذ إجراءات صارمة ضد التجمعات غير القانونية. ودعت الأمم المتحدة، أمس الإثنين، إلى حل الخلافات عبر اللجوء إلى "الأطر القانونية الموجودة".
أنصار عمران خان
وخرج مناصرو الحزب في مايو (أيار) الماضي عندما اعتقل خان للمرة الأولى، بعد عام على إطاحته، واعتقل مئات من قادة الحزب وأنصاره.
وحكم على خان نجم الكريكيت السابق الذي قاد باكستان للفوز بكأس العالم عام 1992، هذا الشهر بالسجن لفترات طويلة بتهمة الخيانة والكسب غير المشروع والزواج غير القانوني، لكن الأمر قد لا يطول في السياسة الباكستانية، فقد عزلت المحكمة العليا نواز شريف من منصبه بتهمة الفساد في 2017، بعد الكشف عن عقارات فاخرة تمتلكها عائلته عبر شركات قابضة خارجية. ومنعته المحكمة العليا نفسها من تولي أي منصب سياسي مدى الحياة. وأدى إقرار قانون في يونيو (حزيران) في عهد حكومة شقيقه شهباز شريف إلى تسهيل عودته من المنفى.
ويتعين الآن على العشرات من الدوائر الانتخابية إجراء انتخابات فرعية حتى دون الطعن في النتائج.
وفاز عديد من المرشحين في دوائر انتخابية متعددة، وهو أمر يسمح به القانون الباكستاني، لذا سيتعين عليهم اختيار إجراء انتخابات جديدة في الدوائر الأخرى. كما أن الانشقاقات الحزبية شائعة أيضاً، إذ أعلن اثنان في الأقل من المستقلين الفائزين الذين تعهدوا الولاء لخان قبل الانتخابات انضمامهم إلى حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، ومن المتوقع أن يقوم آخرون بذلك.
اقتصاد مثقل بالديون
وتواجه الحكومة المقبلة، بغض النظر عن النتيجة، سلسلة من التحديات.
ويعتمد الاقتصاد الباكستاني المثقل بالديون منذ عقود على صفقات إنقاذ متتالية من صندوق النقد الدولي وقروض من دول الخليج.
ويتسارع معدل التضخم إلى نحو 30 في المئة، وفقدت العملة المحلية نحو 50 في المئة من قيمتها منذ عام 2021، وأدى عجز ميزان المدفوعات إلى تجميد الواردات، مما أعاق النمو الصناعي بشدة.
وتضيف شمسي، "لن تتمتع أية حكومة بترف الوقت والأمن السياسي بعد هذه الانتخابات"، مؤكدة أن "هناك أيضاً مخاوف من أن يستمر انعدام الأمن السياسي هذا حتى الانتخابات المقبلة، والتي قد تجرى قبل مرور خمس سنوات".