ملخص
تعهد البنك المركزي الإسرائيلي ببيع 30 مليار دولار من الاحتياطات لدعم العملة المحلية
مع ارتفاع كلفة الحرب في غزة، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي مجموعة خسائر تعد الأعنف في تاريخه، إذ تواجه الشركات خسائر ثقيلة مع تعثر الإنتاج في ظل استدعاء قياسي لجنود الاحتياط. وكشفت بيانات حديثة، عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي الربع سنوي للمرة الأولى في عامين بنسبة 19.4 في المئة على أساس سنوي معدل موسمياً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، ويعد ذلك أسوأ من المتوقع في المسح الذي أجرته وكالة "بلومبيرغ"، إذ توقع المحللون تراجعاً بنسبة 10.5 في المئة في المتوسط.
وانخفضت العملة الإسرائيلية بنسبة 0.4 في المئة أمام الدولار بعد صدور البيانات، وقلص مؤشر "تل أبيب 35" خسائره الثقيلة، ليرتفع بنسبة 0.4 في المئة في التعاملات الأخيرة. وعلى رغم أن الصراع أوقف زخم الاقتصاد بنهاية 2023، اتسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة اثنين في المئة خلال العام بأكمله، وهو ما يتسق مع توقعات قسم البحوث بالبنك المركزي، الإسرائيلي، في حين يتوقع وزير المالية نمواً بنسبة 1.6 في المئة.
وتعد البيانات أول إحصاء رسمي لتداعيات الحرب على الناتج المحلي الإجمالي، وتعكس مدى الاضطرابات التي أضرت بالاقتصاد البالغ حجمه 520 مليار دولار في أعقاب الهجوم المفاجئ لـ"حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
استنزف استدعاء قوات الاحتياط ما يقارب ثمانية في المئة من القوى العاملة، وأسفر عن قيود مماثلة لعمليات الإغلاق المفروضة خلال جائحة "كوفيد-19"، مما تسبب في انهيار مفاجئ في نشاط التصنيع، وأضر بالاستهلاك، وإخلاء المدارس والمكاتب ومواقع البناء لفترة وجيزة.
وقلصت الإجراءات والتدابير غير المسبوقة التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية من تداعيات الحرب على الأسواق، مع تعهد البنك المركزي بيع 30 مليار دولار من الاحتياطات لدعم العملة المحلية.
خفض جديد للتصنيف الائتماني ونظرة مستقبلية سلبية
وقبل أيام، حصلت إسرائيل على أول تخفيض لتصنيفها السيادي على الإطلاق، إذ خفضت وكالة "موديز" تصنيفها الائتماني، مشيرة إلى أخطار سياسية ومالية على البلاد جراء الحرب التي تخوضها مع "حماس". وذكرت الوكالة في تقرير حديث، أن تأثير الصراع يثير أخطاراً سياسية، ويضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية في إسرائيل وقوتها المالية في المستقبل المنظور.
وتخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل بدرجة واحدة، من A1 إلى A2، في حين أبقت الوكالة على توقعاتها الائتمانية عند سلبية مما يعني إمكانية خفض التصنيف مرة أخرى. وقالت "موديز"، إنه "في حين أن القتال في غزة قد يتراجع أو يتوقف فإنه لا يوجد حالياً اتفاق على إنهاء العمليات القتالية بشكل دائم، ولا يوجد اتفاق على خطة أطول أمداً من شأنها استعادة الأمن لإسرائيل بشكل كامل وتعزيزه في نهاية المطاف".
وتتوقع الوكالة ارتفاع أعباء الدين في إسرائيل عن توقعات ما قبل الحرب، وأن يصل الإنفاق الدفاعي إلى ضعف مستوى عام 2022 تقريباً بحلول نهاية هذا العام، وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها إسرائيل تخفيضاً في تصنيفها على المدى الطويل. وخفضت "موديز" توقعاتها لديون إسرائيل إلى "سلبية" بسبب "خطر التصعيد" مع "حزب الله" في لبنان على طول حدودها الشمالية.
وضعت الوكالة تصنيف إسرائيل الائتماني تحت المراقبة في 19 أكتوبر الماضي، أي بعد 12 يوماً على هجوم "حماس" واندلاع الحرب. وقالت الوكالة "في حين أن القتال في غزة قد ينخفض في حدته أو يتوقف، فإنه لا يوجد حالياً أي اتفاق على وضع حد للأعمال العدائية بطريقة دائمة أو اتفاق على خطة طويلة الأجل من شأنها استعادة أمن إسرائيل بالكامل، وتعزيزه في نهاية المطاف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحدثت الوكالة أيضاً عن "ضعف البيئة الأمنية"، وهو ما "ينطوي على أخطار اجتماعية أكبر"، فضلاً عن "ضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية". وقالت إن النزاع له أيضاً تأثير في المالية العامة التي "تتدهور" في إسرائيل. ومنحت الوكالة، اقتصاد إسرائيل نظرة مستقبلية سلبية، مما يشير إلى أنها تتوقع مزيداً من الخفض في المدى القريب. وأوضحت أن "خطر حصول تصعيد يشمل حزب الله في شمال إسرائيل لا يزال قائماً، وهو ما يحتمل أن يكون له تأثير سلبي أكثر بكثير على الاقتصاد".
أخطار الحرب أصبحت أكثر وضوحاً على الاقتصاد
وقبل أيام، قالت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد أند بورز" إنها قد تخفض تصنيف إسرائيل إذا اتسعت الحرب مع "حماس" لتشمل جبهات أخرى، لكن من المتوقع أن تكون إسرائيل قادرة على تحمل التداعيات الاقتصادية للحرب، إذا لم تتوسع من خلال إجراء التعديلات اللازمة في الموازنة لتعويض ارتفاع الانفاق.
وفي أكتوبر الماضي، أكدت الوكالة تصنيف إسرائيل عند مستوى "–AA" لكنها عدلت نظرتها المستقبلية إلى سلبية من مستقرة، مشيرة إلى أخطار توسع الحرب بين إسرائيل و"حماس" مع تأثير أكثر وضوحاً على الاقتصاد والوضع الأمني.
وقال مدير تصنيفات الديون السيادية والمالية العامة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى "ستاندرد أند بورز"، مكسيم ريبنيكوف، إن" التوقعات السلبية حالياً تشير إلى فرصة واحدة في الأقل لخفض التصنيف خلال العام أو العامين المقبلين".
وأوضح أنه في حال زادت الأخطار الأمنية والجيوسياسية التي تواجهها إسرائيل بسبب تصعيد الصراع، أي مواجهة مباشرة مع "حزب الله" في لبنان أو مواجهة مع إيران، فإن ذلك قد يؤدي إلى خفض التصنيف. وأضاف "يمكننا أيضاً خفض التصنيف إذا ثبت أن تأثير الصراع على النمو الاقتصادي لإسرائيل، ووضعها المالي وميزان المدفوعات أكثر عمقاً مما نتوقع حالياً".
ورجحت الوكالة نمو الاقتصاد الإسرائيلي 0.5 في المئة فقط في 2024، وأن تحقق الموازنة عجزاً إجمالياً يبلغ 10.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2024/2023، "لكن هناك أخطاراً قد تهدد تلك التوقعات". وقال ريبنيكوف إنه يتابع المناقشات في شأن تعديل موازنة 2024 لإضافة نفقات عسكرية تقدر بالمليارات.