مع تصاعد حدة التوتر العسكري بين إسرائيل والفلسطينيين وفي تطور قضائي لافت، منحت المحكمة العليا الإسرائيلية الجيش الإسرائيلي الحق في استخدام جثامين القتلى الفلسطينيين المحتجزة لديه كـ"ورقة مساومة" خلال أية مفاوضات مقبلة مع الفصائل الفلسطينية.
وبذلك، تكون المحكمة العليا الإسرائيلية قد ألغت قراراً سابقاً لها، لتصدر آخر رفضه الفلسطينيون بشكل قاطع ووصفوه بـ"العنصري والمنافي لحقوق الإنسان".
وتحتجز السلطات الإسرائيلية 304 جثامين فلسطينيين وعرب قُتلوا خلال احتلالها الضفة الغربية عام 1967، فيما يُعرف باسم "مقبرة الأرقام"، من بينهم جثامين 52 فلسطينياً قُتلوا عام 2015.
"معايير أمنية"
وقال قضاة المحكمة إن "قانون الطوارئ الإسرائيلي يسمح للحاكم العسكري بدفن جثامين" من سمّتهم بـ"الأعداء"، لإعادة الجثامين والجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، وذلك استناداً إلى معايير وصفها القضاة بـ"الأمنية التي تخدم أمن الدولة وسلامة مواطنيها".
ورفض مركز "عدالة" القانوني الذي قدم التماساً باسم عائلات القتلى، القرار، معتبراً أنه "سابقة تاريخية والأكثر تطرفاً منذ النكبة لكونه ينتهك أسس القانون الدولي وعلى رأسه اتفاقية مناهضة التعذيب".
وتقدمت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين ضحايا عام 2016 بطلبٍ إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، لاسترداد جثامين القتلى من "مقابر الأرقام"، حيث تدفن إسرائيل جثامين الفلسطينيين بشكل مؤقت وتضع عليها أرقاماً بحيث يشير كل رقم إلى إسم القتيل الفلسطيني. وعام 2017، وافقت المحكمة على الطلب قبل أن تعترض النيابة الإسرائيلية، فأوقفت الهيئة القضائية تطبيق قرارها.
التسليم الإجباري
المتحدث باسم عائلات القتلى محمد عليان قال من جهته إن "المعركة القانونية لم تنتهِ بعد"، متعهداً بدراسة إمكانية التوجه إلى القضاء والمحكمة الجنائية الدولية لإجبار إسرائيل على تسليم الجثامين.
ويرفض الفلسطينيون قرار المحكمة العليا، معتبرين أنه يثبت أن قراراتها جزء لا يتجزأ من "منظومة الاحتلال ولا تمت بصلة للعدل والقانون ومبادئه".
وتحتجز سلطات تل أبيب جثامين القتلى الفلسطينيين المتهمين بقتل إسرائيليين أو كانوا ينتمون إلى حركة "حماس".
رد شعبي ودولي
من جانبها، أكدت منسقة "الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء" سلوى حماد لـ "اندبندنت عربية"، "بدء مباحثات مع المؤسسات القانونية والحقوقية بهدف التحضير لرد شعبي ودولي وقانوني على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية"، ورأت أن هذا القرار يؤثر في "كل مساعي الحملة لاسترداد جثامين القتلى الفلسطينيين".
وقالت حماد إنّ "صدور القرار قبل أسبوع من الانتخابات الاسرائيلية ليس صدفة"، معتبرةً أنه "يدل على رغبة المحكمة العليا في إثبات حرصها على تحقيق المصالح الإسرائيلية وتأكيد ولائها للجيش واليمين الإسرائيلي".
"ختم للمصادقة"
أما المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، فرأى أن قرار المحكمة العليا يدل على أنها تحوّلت إلى "ختم للمصادقة على الإجراءات العنصرية للحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين"، مضيفاً "لقد فقدت ما تبقى لها من مصداقية كانت تحظى بها".
وتابع منصور "القرار يؤشر إلى التحولات العميقة التي وصلت إلى المحكمة العليا، مع العلم أنّها كانت تُعتبر آخر معاقل الديمقراطية في إسرائيل"، وختم "لقد جرى اختراقها من اليمين المتطرف".