ملخص
فيما يلوح في الأفق شبح مجاعة في غزة بعد مرور خمسة أشهر على شن إسرائيل حملتها العسكرية على القطاع، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الثلاثاء أن الولايات المتحدة لا تعتزم إرسال قوات أميركية إلى غزة لتعزيز جهود توزيع المساعدات
قالت حركة "حماس" الفلسطينية اليوم الأربعاء في بيان، إنها ستواصل التفاوض عبر وسطاء للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل.
ويجتمع في العاصمة المصرية القاهرة، في غياب وفد من إسرائيل، مفاوضون من "حماس" وقطر ومصر لمحاولة التوصل إلى اتفاق حول هدنة مدتها 40 يوماً قبل حلول شهر رمضان الذي يبدأ الأسبوع المقبل.
وقالت "حماس" في بيان، "لقد أبدت الحركة المرونة المطلوبة بهدف الوصول إلى اتفاق يقضي بوقف شامل للعدوان على شعبنا، غير أن الاحتلال لا يزال يتهرب من استحقاقات هذا الاتفاق، وبخاصة ما يحقق الوقف الدائم لإطلاق النار وعودة النازحين والانسحاب من القطاع وتوفير حاجات شعبنا".
وأضافت، "ستواصل الحركة التفاوض عبر الإخوة الوسطاء للوصول إلى اتفاق يحقق مطالب شعبنا ومصالحه".
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" الأربعاء، ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 30717 شخصاً منذ بدء الحرب.
وقالت الوزارة إن 86 قتيلاً سقطوا خلال الـساعات الـ24 الماضية. وأوضحت أن 72156 جريحاً سقطوا في هذا النزاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
توترات دبلوماسية
ودعا قادة دول رابطة جنوب شرقي آسيا (آسيان) وأستراليا اليوم الأربعاء، إلى وقف سريع ودائم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، واصفين الوضع الإنساني بأنه "فظيع".
وجاء في بيان مشترك لقادة عشر دول من بينها بلدان مسلمة مثل إندونيسيا وماليزيا المجتمعين منذ الإثنين في ملبورن، "نحث على التوصل لوقف إنساني لإطلاق النار فوري ودائم". وكان النص محور توترات دبلوماسية.
وظل الوضع المتدهور في قطاع غزة موضوع نقاش حاد خلال اجتماع قادة بلدان "آسيان" العشرة في قمة تستمر ثلاثة أيام مع نظرائهم الأستراليين.
ومع اقتراب شهر رمضان، تكثف الولايات المتحدة وعدد متزايد من الدول جهودها للتوصل إلى هدنة.
وقالت دول "آسيان" وأستراليا، "ندين الهجمات ضد جميع المدنيين والمنشآت المدنية التي تؤدي إلى مزيد من التدهور في الأزمة الإنسانية بغزة، بما في ذلك تقييد الوصول إلى الغذاء والماء والحاجات الأساسية الأخرى".
وأضافت، "ندعو إلى إيصال المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ومستدام من دون عوائق إلى جميع المحتاجين، بما في ذلك عبر زيادة القدرات عند المعابر الحدودية وعن طريق البحر".
وعبرت المجموعة أيضاً عن دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، على رغم تعليق أستراليا تمويلها بعد اتهام إسرائيل لعدد من موظفيها بالانتماء إلى مجموعات إسلامية مسلحة.
ورفضت سنغافورة اقتراحاً بأن يدين البيان "استخدام التجويع" في قطاع غزة، وهي عبارة من شأنها أن تثير غضب إسرائيل.
وتناول الجدل بين الدبلوماسيين مسألة ما إذا كان ينبغي الدعوة في البيان إلى وقف كامل لإطلاق النار أو وقف موقت "إنساني".
ويعيش في جنوب شرقي آسيا نحو أربعين في المئة من سكان العالم المسلمين. كذلك تعتبر إندونيسيا وماليزيا اللتان تتمتعان بوزن كبير في رابطة جنوب شرقي آسيا، من أشد المؤيدين للقضية الفلسطينية.
لكن دولاً أخرى في "آسيان" تتمتع بنفوذ كبير مثل سنغافورة لديها علاقات أوثق مع إسرائيل، وهي لا تميل إلى إثارة جدل.
مجاعة في غزة
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن بلاده ستحذر إسرائيل اليوم الأربعاء، من أن صبرها بدأ ينفد إزاء "المعاناة المروعة" في غزة، حيث يموت الناس جوعاً بسبب نقص المساعدات.
وأضاف كاميرون، الذي من المقرر أن يجتمع مع بيني غانتس عضو مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي اليوم الأربعاء، للبرلمان البريطاني في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، إن طريقة تعامل إسرائيل مع المساعدات المقدمة لغزة تثير تساؤلات حول الامتثال للقانون الدولي.
وقال كاميرون أمام مجلس اللوردات، المجلس الأعلى في البرلمان، "نواجه وضعاً من المعاناة المروعة في غزة. تحدثت قبل بضعة أسابيع عن خطر تحول هذا الأمر إلى مجاعة وخطر تحول الإعياء إلى مرض، ونحن الآن في تلك المرحلة".
وأضاف، "الناس يموتون جوعا، ويموتون من أمراض كان من الممكن الوقاية منها".
وقال كاميرون للبرلمان إن المساعدات التي ذهبت إلى غزة في فبراير (شباط) كانت نصف كمية ما تم تسليمه في يناير (كانون الثاني) تقريباً.
وتابع، "يجب أن ينفد الصبر بشدة، ويجب إصدار سلسلة كاملة من التحذيرات، بداية، كما آمل، باجتماع سأعقده مع الوزير غانتس عندما يزور المملكة المتحدة" اليوم الأربعاء.
وسمع غانتس، وهو منافس سياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رسالة مماثلة عندما التقى مع كاملا هاريس نائبة الرئيس الأميركي في واشنطن الإثنين الماضي. وحثت هاريس إسرائيل على صياغة خطة إنسانية "ذات مصداقية" من أجل غزة، بعد أن حذرت في السابق من أن الظروف هناك "غير إنسانية".
واتهمت الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى إسرائيل بمنع أو تقييد وصول المساعدات إلى غزة، وهو ما تنفيه إسرائيل.
وقال كاميرون إن كثيراً من المواد تم رفض إرسالها إلى غزة لأنه "يفترض أنها سلع ذات استخدام مزدوج".
وتقول إسرائيل إنها ملتزمة بتحسين الوضع الإنساني في غزة، وإنه لا توجد حدود للمساعدات المقدمة للمدنيين. وألقت باللوم على الأمم المتحدة في أي مشكلات تتعلق بالتسليم، قائلة إن القيود المفروضة على كمية ووتيرة وصول المساعدات تعتمد على قدرة الأمم المتحدة والوكالات الأخرى.
وفيما يلوح في الأفق شبح مجاعة في غزة بعد مرور خمسة أشهر على شن إسرائيل حملتها العسكرية على القطاع، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، أمس الثلاثاء، أن الولايات المتحدة لا تعتزم إرسال قوات أميركية إلى غزة لتعزيز جهود توزيع المساعدات، في تصريحات تقلل على ما يبدو من شأن مقترح إنشاء ميناء يديره الجيش الأميركي أو موقع هبوط لتوزيع المساعدات عن طريق البحر.
وقال الميجر جنرال باتريك رايدر المتحدث باسم البنتاغون في مؤتمر صحافي "في الوقت الحالي لا توجد خطط لنشر قوات أميركية على الأرض في غزة".
ويؤكد مسؤولون أميركيون أن المساعدات التي تُسقط جواً بديل مكلف وغير كاف للمساعدات التي تُنقل بالشاحنات نظراً لحجم الأزمة الإنسانية. وتضغط إدارة بايدن من أجل زيادة وصول المساعدات براً.
وقال الجيش الأميركي إن طائرات أميركية وأردنية أسقطت دفعة جديدة من المساعدات الإنسانية على غزة، أمس الثلاثاء، شملت أكثر من 36800 وجبة بينما ضغطت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على مسؤول إسرائيلي كبير من أجل زيادة وصول المساعدات خلال محادثات في واشنطن.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي على غزة في نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون ونقص حاد في الغذاء والمياه والدواء.
والوضع في شمال غزة هو الأسوأ إذ لا تستطيع وكالات الإغاثة أو كاميرات وسائل الإعلام الوصول إليه. وكانت المنطقة ساحة لعملية الإسقاط، أمس الثلاثاء. وتقول سلطات الصحة في غزة إن 15 طفلاً توفوا بسبب سوء التغذية والجفاف في مستشفى واحد فقط.
لقاء أوستن وغانتس
والتقى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في البنتاغون، الثلاثاء، بيني غانتس الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية وحثه على تشجيع قيام إسرائيل ببذل مزيد من الجهد لمساعدة المدنيين.
وقال أوستن إنه التقى غانتس، حيث بحثا العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع عزة، والوضع الحالي على الأرض والموقف الإنساني المتردي في القطاع.
وأشار رايدر إلى أن "الوزير (أوستن) أعرب عن قلقه البالغ تجاه الوضع الإنساني في غزة وطلب دعم الوزير غانتس لتمكين وصول مزيد من المساعدات الإنسانية وتوزيعها في غزة".
ولم يدل غانتس بأي تعليقات في البنتاغون لكنه قال لصحافيين خارج وزارة الخارجية إن اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كان "جيداً للغاية".
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر الوضع الإنساني في غزة بأنه "مروع". وتضاءلت إمدادات المساعدات لبقية قطاع غزة بشدة خلال الشهر الماضي، بعدما تقلصت بالفعل بشكل حاد منذ بداية الحرب. وباتت مناطق كاملة من القطاع محرومة تماماً من الغذاء. ونفذت الولايات المتحدة أول عملية إسقاط جوي لها، السبت، فوق ساحل جنوب غرب غزة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في منشور على "إكس" إن "الولايات المتحدة ملتزمة بذل كل ما في وسعها لتوصيل مزيد من المساعدات للأشد احتياجاً في غزة، ولن نقف مكتوفي الأيدي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأبدى مسؤولون أميركيون اهتماماً بممر بحري محتمل لإيصال المساعدات إلى غزة، لكن من غير الواضح كيف ستدخل المساعدات من دون وجود عسكري أميركي لتسهيل ذلك، بما في ذلك إنشاء ميناء موقت.
وقلل رايدر، في ما يبدو، من شأن مثل هذا الاحتمال عندما سئل عما إذا كانت هناك حاجة لنشر قوات أميركية لتأمين ميناء أو أي موقع آخر لتوزيع المساعدات على الأرض.
فشل استئناف تسليم المساعدات
قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن المحاولة التي قام بها لاستئناف تسليم المساعدات إلى شمال غزة الذي صار على شفا المجاعة "فشلت إلى حد كبير"، الثلاثاء.
وكان البرنامج قد أوقف تسليم المساعدات موقتاً في 20 فبراير (شباط) بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة وبعد تعرض قوافله لهجمات من حشود جائعة.
وقال البرنامج، ومقره روما، في بيان إنه أرسل قافلة مساعدات غذائية من 14 شاحنة إلى شمال غزة، لكن الجيش الإسرائيلي أعادها بعد انتظار دام ثلاث ساعات عند نقطة تفتيش وادي غزة.
وقال برنامج الأغذية العالمي، إنه تم تغيير مسار الشاحنات ثم أوقفها لاحقاً حشد كبير استولى على نحو 200 طن.
وقال نائب المدير التنفيذي للبرنامج كارل سكاو "على رغم أن قافلة اليوم لم تصل إلى الشمال لتوفير الغذاء لمن يعانون الجوع، فإن برنامج الأغذية العالمي يواصل استكشاف كل السبل الممكنة للقيام بذلك".
وأبلغ مسؤول كبير في مجال المساعدات بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، مجلس الأمن بأن ما لا يقل عن 576 ألفاً في قطاع غزة، أي نحو ربع سكانه، صاروا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
منظمة التعاون الإسلامي تطالب بوقف فوري للنار
دعا اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة السعودية، أمس الثلاثاء، إلى وقف فوري وغير مشروط للقصف الإسرائيلي المستمر على غزة، وفتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات إلى القطاع من دون عوائق.
وطالب البيان الختامي للاجتماع في دورته الاستثنائية بتقديم المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية، وتوفير المياه والكهرباء وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات العاجلة إلى قطاع غزة دون عوائق وبشكل كاف. وأكد بيان منظمة التعاون الإسلامي رفضه القاطع وتصديه بكل السبل لأي محاولة للتهجير والطرد أو النقل القسري للشعب الفلسطيني عن أرضه.
ورفض المجلس أي مساس بدور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، مستنكراً الضغوط التي تتعرض لها في ظل الأوضاع المأساوية بغزة وشح الموارد والمساعدات، ومديناً تعليق بعض الدول دعمها المالي لها وطالبها بالتراجع الفوري عن موقفها، مؤكداً مواصلة دعم دور الوكالة إلى أن تنتهي محنة اللاجئين الفلسطينيين وفق حل عادل وشامل يضمن حق عودتهم إلى ديارهم.
وكرر دعوته دعم الجهود الرامية إلى توسيع الاعتراف بدولة فلسطين وانضمامها كعضو كامل العضوية إلى الأمم المتحدة، وذلك كخطوة أساسية نحو تحقيق حل الدولتين على حدود عام 1967.