ملخص
كانت بداية انخراط المرأة في العمل البرلماني في المجلس النيابي الـ12 عام 1993 بفوز أول مرشحة عبر الانتخاب المباشر، ويشير مراقبون إلى العنف الانتخابي بصفته أحد الأسباب التي تقف حاجزاً أمام مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في الأردن صيف هذا العام باتت المرأة الأردنية أمام فرصة تاريخية، لتعزير حضورها في البرلمان والحياة السياسية بخاصة بعد تعديل قانوني الأحزاب والانتخاب.
فبعد سنوات من التغييب وضعف المشاركة بسبب توليفة من العادات والتقاليد والقوانين، أصبحت مشاركة المرأة الأردنية في المنظومة السياسية والحزبية مؤشراً مهماً على التقدم الاجتماعي والديمقراطي في الأردن.
مشاركة بالأرقام
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معظم النساء الأردنيات، بنسبة 94 في المئة، ما زلن بعيدات تماماً عن المشاركة في الأحزاب السياسية، على رغم ارتفاع نسبة مشاركتهن في العمل الحزبي من 35.5 في المئة إلى 42.1 في المئة في السنوات الأخيرة، في حين ارتفعت مشاركتهن في دوائر صنع القرار كالقضاء والمحاماة.
ومع استمرار تواضع الأرقام، إلا أن قانوني الانتخاب والأحزاب الذي أقر قبل نحو عامين ضمن منظومة تطوير الحياة السياسية في البلاد، سيمكن المرأة الأردنية من تحقيق مكتسبات كبيرة ونقلة نوعية وزيادة حضورها حزبياً وبرلمانياً وتحقيق التوازن الجندري.
نصف المنتسبين للأحزاب نساء
ويشير وزير الشؤون السياسية والبرلمانية حديثة الخريشا إلى تطور مسيرة المرأة الأردنية في الحياة السياسية والبرلمانية، إذ أضيفت، للمرة الأولى، فقرة في الدستور الأردني تلزم الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع وحمايتها من جميع صور العنف والتمييز. ويضيف الخريشا "لدينا اليوم 33 حزباً تشغل فيها ثلاث سيدات مرتبة أمين عام، أما نسبة النساء الناشطات في الأحزاب فتبلغ نحو 44 في المئة من إجمالي عدد المنتسبين"، ويؤكد الوزير الأردني أن 38 في المئة من المنتسبين للأحزاب شباب، وأن أربعة في المئة من مجمل الأردنيين فقط منتسبون للأحزاب، آملاً زيادة هذه النسبة في السنوات المقبلة بعد الإصلاحات السياسية.
"كوتا" نسائية
وكانت بداية انخراط المرأة في العمل البرلماني في المجلس النيابي الـ12 عام 1993، بفوز أول مرشحة عبر الانتخاب المباشر، إلا أن تخصيص "كوتا" للمرأة الأردنية في قانون الانتخاب لاحقاً كان السبب الرئيس لوصولها إلى البرلمان بدءاً من عام 2003، وحصلت الأردنيات على حقهن في الانتخاب والترشح عام 1974، وعلى مدى 42 عاماً، فازت 65 امرأة بمقاعد في مجلس النواب. لكن الانطلاقة الحقيقية لمشاركتهن انتخاباً وترشحاً كانت في عام 1989 بعد استئناف الحياة البرلمانية على أثر مرحلة الأحكام العرفية، إذ ترشحت 12 امرأة من دون أن تحقق أي منهن الفوز.
وبعد تعديل القانون وتخصيص "الكوتا"، حظيت النساء بستة مقاعد من إجمالي 110 مقاعد في 2003، أما في 2007، فكانت النقلة النوعية من ناحية عدد المرشحات إذ وصل عددهن 199 سيدة فازت منهن سيدة واحدة بالتنافس وست أخريات بنظام "الكوتا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي انتخابات مجلس النواب الـ16 عام 2010 تمت زيادة عدد مقاعد "الكوتا" المخصصة للنساء إلى 12 مقعداً من أصل 120 مقعداً، وترشحت 134 سيدة من إجمالي المترشحين حينها 763، ولم تتمكن سوى مرشحة واحدة من الفوز بالتنافس في حين فازت 12 مرشحة بالمقاعد المخصصة للكوتا النسائية، وشكلت نسبة النساء 10.83 في المئة من مجمل أعضاء مجلس النواب.
وفي انتخابات عام 2013، فازت 18 امرأة من بينهن 15 سيدة بـ"الكوتا"، وفي 2016 ارتفعت نتيجة عدد النساء إلى 20 نائبة.
زيادة نسوية
لكن مراقبين يتوقعون أن يزيد عدد النساء داخل البرلمان المقبل إلى ما نسبته 50 في المئة، لاعتبارات عديدة أولها ازدياد عدد المترشحات، والتعديلات الجديدة على قانون الانتخاب التي كثفت من حضور النساء وخصصت مقعداً واحداً للمرأة على مسار "الكوتا" في كل دائرة انتخابية محلية، واشترطت وجود امرأة مرشحة في الأقل في قوائم الدوائر الانتخابية العامة.
ويؤكد الأمين العام لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية علي الخوالدة أن التشريعات الجديدة زادت نسبة تمثيل المرأة في المجالس البرلمانية المقبلة، لأنها تحصل على فرصتين للترشح والفوز، إحداها عبر نظام "الكوتا"، والأخرى من خلال التنافس الحر على مستوى الدوائر المحلية، والدائرة الانتخابية العامة المخصصة للقوائم الحزبية.
ويقول متخصصون إن قانوني الأحزاب والانتخاب كفلا أن تكون نسبة النساء من الأعضاء المؤسسين لأي حزب 20 في المئة، مما يعني زيادة نسبة تمثيل القيادات النسوية.
أما في الأحزاب الإسلامية صاحبة التجربة الكبرى في العمل البرلماني والحزبي، فتعد المرأة بمثابة خزان بشري ووقود للدعم والحشد والمناصرة، لكن حالتها لا تختلف كثيراً عن باقي الأحزاب، إذ لم تصل المرأة في الأحزاب الإسلامية إلى مناصب قيادية مهمة، وتشير تقديرات إلى أن نسبة مشاركتها في العمل الحزبي الإسلامي لا تتجاوز 10 في المئة.
العنف الانتخابي
وفي موازاة المحاولات الرسمية لرفع نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات والعمل السياسي عموماً، يشير مراقبون إلى بعض الظواهر التي تمنع ذلك كالعنف الانتخابي الذي يصنفه رئيس مجلس الهيئة المستقلة للانتخاب بأنه أحد الأسباب التي تقف حاجزاً أمام مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
وتحدث مركز "راصد" المعني بمراقبة الانتخابات والبرلمان في تعريفه العنف الانتخابي ضد المرأة الأردنية عن أفعال عنف وتنمر ضد مرشحات خلال العملية الانتخابية وفي محيطهن الاجتماعي، والتعرض لحملات سخرية وتهديد وضغوط للانسحاب من الانتخابات.
لكن مراقبين آخرين يشيرون إلى ما يسمونه بالتمييز الانتخابي ضد المرأة، ومدى تأثيره في مشاركة النساء في الانتخابات، إذ يتم الترويج لفكرة عدم قدرة المرأة على تمثيل المجتمع تحت قبة البرلمان.