ملخص
أمام المحققين أشهر طويلة من التحقيق لمعرفة سبب اصطدام سفينة الشحن "دالي" بجسر بالتيمور، وللتحديد ما إذا كان "الوقود الرديء" هو أحد الأسباب الرئيسة
يدرس محققون الدور المحتمل لـ"الوقود الرديء" في حادثة اصطدام سفينة الشحن التي دمرت جسر "فرانسيس سكوت كي" في بالتيمور.
ويذكر أن السفينة "دالي" اصطدمت بجسر المرور المكون من أربعة مسارات الساعة 1.28 من صباح الثلاثاء أثناء إبحارها انطلاقاً من ميناء ماريلاند.
وقبل دقائق من الاصطدام، تعطل نظام الدفع على متن السفينة، وانطلقت أجهزة الإنذار، وبدأت السفينة في الانحراف نحو إحدى دعائم الجسر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والساعة 1.26 صباحاً، دعا القبطان الطاقم إلى محاولة إعادة تشغيل المحرك والتوجيه بقوة إلى اليسار. وبعد دقيقة، أمرهم بإنزال المرساة [في محاولة لإبطاء السرعة]، وبث مكالمة لا سلكية طارئة إلى سلطات النقل المسؤولة عن الجسر.
ومع ذلك، كان من المستحيل تقريباً إيقاف "دالي"، التي يبلغ طولها ألف قدم (305 أمتار) ووزنها فارغة 95 ألف طن. واصطدمت بالجسر الذي يبلغ طوله 1.6 ميل (2.6 كيلومتر) الساعة 1.28 صباحاً، مما تسبب في انهياره الفوري في نهر باتابسكو.
وفي حين منعت المركبات من دخول الجسر، لم يتمكن طاقم بناء مكون من ثمانية أفراد [كان موجوداً على الجسر] من الفرار في الوقت المناسب.
وأنقذ عاملان وقعا في الماء في أعقاب الحادثة مباشرة. وانتشلت من النهر الأربعاء جثتا اثنين آخرين، هما أليخاندرو هيرنانديز فوينتيس (35 سنة) ودورليان رونيال كاستيلو كابريرا (26 سنة). ولا يزال أربعة رجال في عداد المفقودين.
وسيشمل تحقيق مشترك في الكارثة تجريه السلطات الفيدرالية وسلطات الولاية فحصاً للوقود، وفق "وول ستريت جورنال". وقال ضابط اعتلى متن السفينة للصحيفة، "لقد تعطلت السفينة، وتعطلت قوة التوجيه والأجهزة الإلكترونية. أصدر أحد المحركات صوتاً قوياً ثم توقف عن العمل. كانت رائحة الوقود المحترق في كل مكان في غرفة المحركات وكانت الغرفة حالكة السواد".
وتواصلت "اندبندنت" بالقيادة الموحدة التي تتولى التحقيق، طلباً للتعليق.
وتعمل سفن الشحن، المسؤولة عن 90 في المئة من التجارة العالمية، على وقود السفن أو الوقود البحري. ووصف تقرير أصدره مركز البحوث "المجلس الأطلسي" عام 2018 الوقود بأنه "خليط شرير" من زيوت المحركات المستعملة والمنتجات الثانوية الصناعية.
وأشار الباحثون الذين وضعوا التقرير إلى أن الوقود يستخدم على نطاق واسع في الموانئ العالمية الكبرى، وتسبب في إصابة 200 سفينة في الأقل بـ"أعطال خطرة، وأحياناً كاملة في المحركات"، واصفين إياه بأنه "قاتل للمحركات". وبسببه تاهت بعض السفن في البحار، وجنحت سفن أخرى، وكان بعضها يحمل شحنات كفيلة بأن تتسبب بكوارث بشرية وبيئية خطرة.
وأكد الدكتور ألان جاي مورفي، أستاذ الهندسة البحرية في جامعة ساوثهامبتون، أن مشكلات الوقود أو تلوثه كفيلة بأن تتسبب في تعطل محركات "دالي"، لكن المسألة معقدة.
وقال لـ"اندبندنت" في رسالة إلكترونية، "أتوقع أن يكون وقود المولدات الكهربائية ووقود المحركات الرئيسة من مصادر وخزانات مختلفة – ذلك أن السفن ذات الحجم المماثل تملك أنظمة تخزين خاصة بها تعمل لتنقية الوقود وفصله وترشيحه وترسيبه (على أقله لإزالة التلوث بالمياه والأوساخ والجزيئات الصلبة). وأضاف، "وهكذا أشعر بأن سبب الانقطاع الكلي في التيار الكهربائي والدفع قد يكون أكثر تفصيلاً من أن يكون عائداً إلى ’الوقود الرديء‘ وحده".
لم تكن حادثة الثلاثاء أول تصادم تواجهه "دالي". لقد اصطدمت السفينة برصيف أثناء مغادرتها ميناء أنتويرب - بروج في بلجيكا قبل ثماني سنوات، وفق الموقع الإلكتروني "فيسيل فايندر". وتسبب ذلك في أضرار جسيمة للهيكل، وخضعت إثرها السفينة إلى إصلاحات قبل العودة إلى العمل.
وذكر مسؤولون في موانئ تشيلي في يونيو (حزيران) الماضي أن "دالي" عانت نقصاً في فئة "الدفع والآلات المساعدة"، وحددوا "موازين الحرارة والمقاييس، وما إلى ذلك"، وفق "نظام معلومات الشحن الإلكتروني للجودة" (إكواسيس). وفي سبتمبر (أيلول) 2023، أعاد خفر السواحل الأميركي في نيويورك فحص سفينة الشحن ولم يحددوا أي مشكلات.
وفي رحلتها الأخيرة، كانت "دالي" مستأجرة من قبل شركة الشحن العملاقة "ميرسك" ومدارة من طرف "مجموعة سينيرجي مارين" Synergy Marine Group.
وأفادت "ميرسك" في بيان بما يلي: "نشعر بالرعب إزاء ما حدث في بالتيمور، ونشعر بالتعاطف مع المتضررين جميعاً".
لا تزال الإجابات النهائية بعيدة المنال. وقال حاكم ولاية ماريلاند ويس مور، الخميس الماضي، إن خبراء قطاعيين وحكوميين بدأوا للتو في تحديد طريقة إزالة الحطام وسفينة الشحن من القناة.
وكانت قوارب تحمل رافعات لبدء هذه العملية متجهة إلى بالتيمور، الخميس.
وقال مور، "لن يستغرق هذا العمل ساعات فقط. لن يستغرق هذا العمل أياماً فقط. لن يستغرق هذا العمل أسابيع فقط، بل أمامنا طريق طويلة جداً".
مع تقارير إضافية من شايلا فلين
© The Independent