أعاد نواب عن "تحالف الفتح"، الذراع السياسي للحشد الشعبي، في البرلمان العراقي، فتح ملف الوجود العسكري الأميركي في البلاد، من باب العمل على تشريع نيابي يلزم الحكومة بإنهائه.
سبق لنواب في "الفتح" أن حاولوا حشد التأييد اللازم لتشريع القانون، لكن جهودهم لم تلق الحماسة الكافية.
عندما تعرضت مخازن أسلحة الحشد الشعبي ومقراته إلى هجمات خلال الشهرين الماضيين، وجه نواب في تحالف الفتح اتهامات صريحة للولايات المتحدة بتسهيل وقوعها، مشيرين إلى أنها نفذت بأدوات إسرائيلية أدخلها الجيش الأميركي إلى العراق.
جرى استثمار هذه الهجمات، لإعادة التذكير بجهود تشريع القانون، الذي تسرب أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي منع تمريره قبل أشهر.
أكثر من 50 نائبا
أعلن النائب حسن سالم، عن كتلة "صادقون"، التابعة لحركة "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران، الاثنين، أن أكثر من 50 نائباً في البرلمان العراقي الذي يضم 329 مقعداً، وقعوا طلباً موجهاً لرئاسة البرلمان، بشأن إدراج فقرة تتعلق بتشريع القانون ضمن جدول أعمال جلسات مجلس النواب القادمة.
تؤكد وثائق عرضت على البرلمان العراقي، واطلعت عليها "اندبندنت عربية"، أن النواب الذين وقعوا على طلب إدراج فقرة لإخراج القوات الأميركية، ينتمون إلى "تحالف الفتح" بزعامة هادي العامري و"ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، مع عدد من نواب "تحالف سائرون" الذي يرعاه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
مصادر برلمانية قالت إن العديد من النواب الشيعة في البرلمان العراقي سيكونون مضطرين للتصويت بالإيجاب على مشروع القانون المذكور، في حال عرض وفق الاصول، لأن الرفض قد يعرضهم إلى حرج شعبي في أوساط جمهور شيعي واسع، ينظر إلى الولايات المتحدة بريبة.
وهذا ما يفسر تسريب الطلب المقدم إلى رئاسة البرلمان، متضمناً أسماء جميع النواب الموقعين، إذ يمكن أن يكون دليل براءة أو إدانة، في سياق التنافس بين الأحزاب الشيعية في العراق على كسب رضا الجمهور.
شيعة خارج المزاج الإيراني
مع ذلك، ربما لن يتمكن "تحالف الفتح"، من حشد العدد اللازم من النواب لتمرير مشروعه، في ظل وجود قوى سياسية شيعية لا تخضع للمزاج الإيراني، على غرار "تحالف النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي و"تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، وجزء كبير من "تحالف سائرون" الذي يرعاه الصدر.
بنت هذه الأطراف عقيدتها السياسية على ضرورة التوازن في العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، فيما تتبنى استراتيجية تفويض الحكومة بوصفها السلطة التنفيذية التي تدير الملف الأمني، وليس البرلمان، حق تقييم الحاجة إلى وجود عسكري أجنبي على أراضي البلاد.
ماذا عن الأكراد والسنة؟
فضلا عن ذلك، من المنتظر أن تلعب الأحزاب الكردية، التي تملك ثقلا كبيرا في البرلمان العراقي، وترتبط بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، دوراً في إحباط أي مشروع قانون يستهدف إخراج القوات الأميركية.
تتحدث القيادات الكردية بشكل علني، عن حاجة العراق إلى وجود أميركي عسكري ثابت، أولا لمساعدة القوات العراقية في حال تعرض البلاد إلى أي مخاطر أمنية، وثانياً لأنه يمثل دور المراقب في حال تغول مكون طائفي أو قومي على حساب المكونات الأخرى.
يكاد موقف الأحزاب السنية يكون متطابقا مع الموقف الكردي، بعد التحول الكبير في مزاج الجمهور السني، إزاء الوجود العسكري الأميركي في العراق من كونه سلبياً، إلى محاولة الاستفادة منه في مواجهة النفوذ الإيراني.
بعد انتهاء الحرب على تنظيم داعش، وعودة السكان السنة إلى مناطقهم في نينوى والأنبار وصلاح الدين، قال ممثلون سياسيون لهذه المحافظات إن الولايات المتحدة هي الضامن الوحيد لعلاقة موضوعية بين سنة العراق والحكومة الاتحادية، ليتحول الجيش الأميركي من هدف لما يعرف بالمقاومة السنية بعد العام 2003، إلى حليف بعد العام 2017.
إحراج الحكومة وتحضير انتخابي
في الحد الأدنى، يمكن لجهود تشريع قانون يخرج الولايات المتحدة من العراق عسكريا، أن تسبب حرجاً كبيرا لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي، الذي يتجنب الخوض في مناقشات علنية بشأن هذا الملف، فيما يقول مقربون منه إن النظر في هذا الأمر سابق لأوانه، في ظل حاجة البلاد إلى المساندة الخارجية في الملف الأمني.
بالنسبة الى بعض المراقبين، إحراج الحكومة في هذا الملف، المتهمة بالتقصير والضعف وسوء الإدارة، ربما يكون منصة مثالية لكسب الجمهور الشيعي، قبيل انتخابات محلية مقررة في أبريل (نيسان)، يتوقع أن تكون حاسمة لجهة إعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد.
الجيش الأميركي في العراق، الحكومة العراقية، تحالف الفتح، هادي العامري