خلفت آثار أزمة أرامكو السعودية التي طفت على السطح عقب هجوم استهدف منشأتين تابعتين للشركة وقف مؤقت لإنتاج 5.7 مليون برميل من النفط يوميا، ما يمثل 5% من الإنتاج العالمي، حالة القلق والترقب وفقدان الثقة وتوقعات بارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط عالميا.
أسعار النفط تقفز إلى 72 دولارا للبرميل قبل أن تتراجع
جراء هذه الاضطرابات، قفزت أسعار النفط لأعلى مستوياتها على الإطلاق، لتفتح تعاملات أمس بارتفاع قدره 20% لتصل إلى 72 دولارا للبرميل، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.
وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط بعد ذلك إلى مستوى 66 دولارا للبرميل، فإنه لا يزال مرتفعا بنسبة 11% في يوم واحد، ليسجل بذلك أكبر زيادة بالنسبة المئوية في يوم واحد منذ عام 2016.
وقال محلل متخصص في قطاع الطاقة لدى كريدي سويس، "إن هذا التوقف في إمدادات النفط وما عقبه من ارتفاع في سوق النفط أمور غير مسبوقة"، مضيفا "أن العلاوات الخاصة بالمخاطر السياسية عادت إلى سوق النفط".
من ناحية أخرى، أصبح المسؤولون في شركة أرامكو أقل تفاؤلا بشأن سرعة استئناف الإنتاج لمعدلاته الطبيعية، مما كانوا عليه الأحد الماضي عندما قالوا "إنه سيتم معاودة إنتاج النفط بشكل كامل خلال أيام".
وتشير التقديرات الحالية إلى أن الأمر يمكن أن يستغرق أسابيع أو حتى شهور قبل أن تعاود المنشآت النفطية التي تعرضت للهجوم العمل بطاقتها الكاملة.
وفي حين أن شركة أرامكو قررت الاستعانة بالنفط المستخرج من الحقول البحرية لتعويض النقص في الإنتاج، إلى جانب استخدام المخزون النفطي لديها لتلبية احتياجات عملائها، فإن المحللين يشيرون إلى إمكانية تعرض البنية التحتية النفطية للشركة لهجمات أخرى، مما يزيد من المخاوف لدى السوق.
مصر حددت سعر برميل النفط عند 68 دولارا للعام الحالي
تأثير الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط ليس في صالح مصر، إذ إن سعر النفط المعتمد في الموازنة يصل إلى 68 دولارا للبرميل، كما أن عقود التحوط ضد مخاطر تقلبات أسعار الوقود، التي وقعتها الحكومة مع بنوك دولية، قامت بتسعير برميل النفط بين 64 و68 دولارا.
عقود التحوط ضد تقلبات أسعار النفط
من جانبه، قال حمدي عبدالعزيز، المتحدث الرسمي عن وزارة البترول المصرية، "إن الحكومة المصرية أبرمت عقود التحوط ضد مخاطر تقلبات أسعار الوقود وقعتها الحكومة المصرية في 2018، وهو ما يمثل حائط صد حتى الآن أمام ما يحدث في أسواق النفط عالميا".
ووفقا لمبادئ وأسس إعداد الموازنة العامة للدولة المصرية، فإن كل زيادة بمقدار دولار واحد فوق سعر النفط المعتمد في الموازنة يضيف نحو 222 مليون دولار إلى المصروفات السنوية للدولة.
خام برنت قد يتجاوز الـ75 دولارا للبرميل
بنك جولدمان ساكس أكد أن توقفا في الإنتاج لمدة تتجاوز ستة أسابيع بسبب الهجوم بطائرات مسيرة على منشأتي نفط سعوديتين مطلع الأسبوع الحالي قد يجعل سعر خام برنت يتجاوز 75 دولارا للبرميل، رغم أن مدى تأثير الهجوم لم يتحدد بعد، حسبما نقلت وكالة رويترز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف البنك، المدرج في بورصة وول ستريت في مذكرة صدرت أمس الأول، أن تعطل الإنتاج لهذه المدة في ظل المستويات الحالية لن يؤدي إلى زيادة أسعار خام برنت فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى السحب من الاحتياطات البترولية الاستراتيجية "بكميات كبيرة بما يكفي لسد مثل هذا العجز لعدة أشهر وجعل الأسعار على مستوياتها الحالية".
وارتفعت أسعار النفط، أمس، إذ سجل خام القياس العالمي مزيج برنت أكبر زيادة بالنسبة المئوية خلال اليوم منذ حرب الخليج عام 1991 بسبب الاعتداءات التي اقتطعت أكثر من 5% من الإمدادات العالمية.
وقال البنك "إنه من المرجح أن يتسبب توقف تام لنحو 4 ملايين برميل يوميا لمدة تزيد على ثلاثة أشهر في رفع الأسعار إلى ما يزيد على 75 دولارا للبرميل".
من جانبه قال تامر أبو بكر، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، "إن الهجوم الذي وقع على شركة أرامكو السعودية لم يؤثر على تكلفة دعم المنتجات البترولية، حيث لا تزال أسعار برنت للنفط لم تتجاوز رقم الموازنة المحدد بـ68 دولارا للبرميل".
وأوضح أبو بكر لـ"اندبندنت عربية"، "أن مصر استفادت من الهبوط السعري لمستوى 60 دولارا خلال الشهرين الماضيين، مما قلل من إجمالي حجم وقيمة وارداتها من النفط والمنتجات البترولية، وكذا سعر شراء حصة الشركاء الأجانب من النفط بمصر".
صدمة سعرية عقب الاعتداء
نائب رئيس هيئة البترول الأسبق أشار إلى "أن ما يحدث في أسعار النفط الوقت الحالى ردة فعل مؤقتة"، واصفا ذلك "أن الأسعار تأثرت بالهجمات الأخيرة وهو ما يطلق عليه (الصدمة السعرية)".
وأوضح "أن الأسعار قفزت بنسبة 10% وصولا لمستوى 66 دولارا في الساعات القليلة التي أعقبت الهجمات"، معربا عن ثقته في امتصاص أسواق النفط الصدمة المؤقتة خصوصا بعد تأكيد أرامكو السعودية معاودة الضخ في زمن قصير وحددت بأيام قليلة.
وعلى الرغم من مسارعة السعودية للعمل على إعادة تشغيل المنشأتين النفطيتين بعد أقل من 48 ساعة من الهجمات فإن أسواق المال العالمية شهدت تراجعا نتيجة لاضطرابات النفط العالمية، فيما سجلت أسهم شركات الطيران وغيرها من القطاعات كثيفة الاستهلاك للوقود خسائر أكبر، مع تصاعد التوقعات بزيادة التضخم، في ظل مناخ عام من الغموض. وسجل كل من مؤشر ستاندرد أند بورز 500، و داو جونز تراجعا بنسبة 0.4% أمس الاثنين، وفقما ذكرته وكالة "أ.ب.".
وألقت هذه التداعيات بظلالها على اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي ينعقد على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء 18 سبتمبر (أيلول) الحالي، لمراجعة أسعار الفائدة، وتتوقع أسواق المال الإعلان عن خفض سعر الفائدة غدا، خصوصا بعدما بادر البنك المركزي الأوروبي بخفض الفائدة في 12 سبتمبر الحالي.