ملخص
كانت إسرائيل أعلنت في فبراير (شباط) الماضي منع المقررة الخاصة المعنية بحال حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية من الحصول على تأشيرة دخول، ودعت إلى إقالتها بعد تعليقات أدلت بها في شأن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
دعت مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز إلى إجراء تحقيق في ما إذا كان الدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه مختلف الدول الغربية لإسرائيل في حربها داخل قطاع غزة يمكن أن يصل إلى حد "التواطؤ" في الإبادة الجماعية.
وقالت المسؤولة الأممية في ردها على "اندبندنت عربية" خلال مؤتمر صحافي عقد بالقاهرة، الخميس الماضي، في شأن اعتبارها الدول التي ترسل السلاح لإسرائيل متورطة في جريمة إبادة، وهو الاتهام الذي وجهته ألبانيز لإسرائيل في تقرير الشهر الماضي، إن "التواطؤ يعد جريمة في حد ذاته بموجب اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية". ونددت بما وصفته "الفيتو السياسي المستمر على مستوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وأعربت ألبانيز عن أسفها لعدم قدرة الدول الغربية على فرض عقوبات على إسرائيل، قائلة إن هناك "أنماط إبادة جماعية واضحة، ومع ذلك لا تزال بعض الدول تبدي تردداً في اتخاذ هذه الإجراءات"، مشيرة إلى أن غياب المساءلة الدولية لإسرائيل يؤجج العنف ويزيد من سوء أوضاع الفلسطينيين.
ودعت المسؤولة الأممية إلى زيادة المساءلة الدولية ووقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل وتقديم دعم قوي للشعب الفلسطيني، مشددة على أن عبء دعم الفلسطينيين لا ينبغي أن يقع على عاتق الدول المجاورة فحسب.
عن القصص المأساوية
وكانت إسرائيل أعلنت في فبراير (شباط) الماضي منع المقررة الخاصة المعنية بحال حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية من الحصول على تأشيرة دخول، ودعت إلى إقالتها بعد تعليقات أدلت بها في شأن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وغردت ألبانيز بأنها لا تتفق مع وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هجوم "حماس" على جنوب إسرائيل بأنه "أكبر مجزرة معادية للسامية في قرننا". وكتبت عبر حسابها على منصة "إكس"، "لا... ضحايا السابع من أكتوبر لم يقتلوا بسبب ديانتهم اليهودية، بل رداً على القمع الإسرائيلي".
وأثنت ألبانيز على جهود السلطات المصرية والهلال الأحمر المصري لتسهيل زيارتها إلى رفح. وخلال زيارتها تحدثت مع اللاجئين الفلسطينيين واكتسبت رؤى مباشرة حول التحديات التي يواجهونها، بما في ذلك الظروف المعيشية القاسية التي تفاقمت بسبب القيود الإسرائيلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشادت ألبانيز بالأطقم الطبية المصرية لتقديمهم الرعاية الأساس للمرضى الفلسطينيين وضحايا العنف. وتحدثت عن القصص المأساوية العديدة التي واجهتها في فلسطين، وسلطت الضوء على الهجمات المتواصلة والعنف المتصاعد والبنية التحتية المتداعية وغير ذلك مما يعانيه الفلسطينيون، معربة عن قلقها العميق إزاء الصدمة النفسية التي يتعرض لها أطفالهم، وكذا تدهور الأوضاع الإنسانية.
وأكدت المقررة الخاصة من جديد التزام مصر مساعدة الفلسطينيين، مع بقاء معبر رفح مفتوحاً من الجانب المصري. وحثت المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة، مؤكدة على الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية والتضامن مع الشعب الفلسطيني في سعيه لتحقيق العدالة والسلام والكرامة.
وقالت إنه لا يمكن للدول المجاورة وحدها التحمل ودعم الفلسطينيين، فعلى الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها في مساعده الفلسطينيين وجمع الأدلة والمواقف، مشددة على ضرورة وقف المجزرة التي يتعرض لها الفلسطينيون أمام العالم. وأضافت أن "الإجراءات الإنسانية التي نفذت حتى الآن - عمليات الإنزال الجوي والممرات البحرية - هي مجرد مسكن لما هو مطلوب بشدة ومستحق قانوناً"، مؤكدة أن "هذه الإجراءات غير كافية على الإطلاق للتخفيف من الكارثة الإنسانية التي خلقها الهجوم الإسرائيلي"، وموضحة أنه "في هذه المرحلة، تراجعت إسرائيل عن التزاماتها الدولية إلى درجة تستدعي الدعوة إلى فرض عقوبات".
وجود وقائي دولي
وحذرت ألبانيز خلال المؤتمر الصحافي من اجتياح إسرائيلي محتمل لمدينة رفح الفلسطينية، ووصفته بأنه صورة من صور الاستعمار والإبادة الجماعية التي تهدف إلى استئصال الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية لمنع عودتهم. وكررت تحذيراتها السابقة في شأن الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية والمستوطنون، وسلطت الضوء على الخطة المنهجية لتقليص عدد السكان الفلسطينيين، منتقدة استهتار إسرائيل بالأحكام الدولية، وحثت الأمم المتحدة على تعزيز الجهود الإنسانية الاستثنائية التي تبذلها مصر للتخفيف من معاناة الفلسطينيين.
وأوصت ألبانيز في تقرير لها الشهر الماضي بنشر "وجود وقائي دولي" للحد من العنف المستخدم بصورة روتينية ضد الفلسطينيين. ورداً على سؤال لـ"اندبندنت عربية" عما إذا كانت تعني قوات حفظ سلام وهل ناقشت الأمر مع دول عربية أو غربية، قالت المقررة الأممية إن الحضور الدولي يعني وجود أشخاص ليسوا إسرائيليين ولا فلسطينيين خارج ديناميكية الصراع. وأضافت أن هناك حاجة إلى قوة تتدخل بين الطرفين" الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، والمستوطنين المسلحين والجيش. فالسلامة الجسدية للفلسطينيين الآن معرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى. موضحة، "لم أفكر بالضرورة في الخوذات الزرقاء (قوات حفظ السلام الأممية)، بل يمكن أيضاً أن يكون حضوراً كامناً، لقد تمت الدعوة في التسعينيات إلى قيام موظفي شؤون اللاجئين في الـ(أونروا) بالتعامل مع الأمر، لذا يذهب الأشخاص هناك ويتأكدون من عدم وقوع أي ضرر، لأن العنف الآن تصاعد إلى درجة غير مقبولة حقاً".
وأشارت ألبانيز إلى أنها ناقشت الأمر مع مسؤولي الجامعة العربية خلال زيارتها للقاهرة، إذ استمع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين إلى إحاطة معمقة قدمتها فرانشيسكا ألبانيز، الأربعاء الماضي، حول أعمالها وتقاريرها في شأن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني خلال فترة ولايتها، استناداً إلى تفويضها من مجلس حقوق الإنسان. وأطلعت المقررة الأممية مجلس الجامعة العربية على رصدها وتوثيقها للممارسات والسياسات العنصرية لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وآخرها التقرير الصادر في الـ25 من مارس (آذار) الماضي بعنوان "تشريح إبادة جماعية"، الذي قدم تحليلاً قانونياً محكماً حول ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني، موضحة صور هذه الجريمة وخطابات التحريض ونية الإبادة الجماعية وتحويل الشعب الفلسطيني ككل إلى هدف عسكري.
وذكرت المقررة الخاصة أن إسرائيل دمرت غزة خلال خمسة أشهر من العمليات العسكرية. وقالت إن العدد المروع من الوفيات، والضرر الذي يتعذر جبره اللاحق بالناجين، والتدمير المنهجي لكل جانب ضروري لاستمرار الحياة في غزة - من المستشفيات إلى المدارس والمنازل إلى الأراضي الصالحة للزراعة - والضرر الخاص الذي يلحق بمئات الآلاف من الأطفال والأمهات الحوامل والفتيات، لا يمكن تفسيره إلا على أنه يشكل دليلاً ظاهرياً على نية التدمير المنهجي للفلسطينيين كمجموعة.
وقالت ألبانيز إن إسرائيل تقوم بعملية "تمويه إنساني"، "فمن خلال إعادة تعريف فئات الدروع البشرية وأوامر الإخلاء والمناطق الآمنة والأضرار الجانبية والحماية الطبية بصورة متعمدة، استخدمت إسرائيل المهام المتعلقة بالحماية كـ(تمويه إنساني) لإخفاء حملة الإبادة الجماعية التي تشنها".