ملخص
على رغم أن هناك كثيراً من القضايا شائكة التعقيد في العالم العربي، فإن عاملاً مؤثراً وحدثاً مأسوياً يتزامن مع انعقاد القمة العربية وهو استمرار التصعيد والتوتر بسبب الحرب المتواصلة في غزة.
تكتسب قمة المنامة التي تستضيفها البحرين زخماً دولياً إضافياً، في ظل الظروف والتحديات الأمنية التي تشهدها المنطقة، مما يحتم عليها ضرورة التوصل إلى قرارات بناءة تسهم في تعزيز التضامن العربي ودعم جهود إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وكل هذا يضاعف من أهمية انعقاد القمة العربية في هذا الوقت المفصلي من تاريخ الأمة العربية.
كما أن هذه القمة تبرز جامعة الدول العربية التي بصفتها منظمة عريقة أكملت عامها الـ79 منذ تأسيسها عام 1945، ولها تاريخ طويل ومعرفة عميقة بتحديات المنطقة وهموم دولها تؤهلها لأن تكون طرفاً أساسياً في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وبلا ريب، فلقد تأثر العمل العربي المشترك منذ سنوات نتيجة التباينات العربية العربية، فيما تقتضي المصلحة العربية العمل لاستعادة دور الجامعة العربية في كل القضايا والأزمات، مثل الأزمة الليبية أو اليمنية أو السورية، وكذلك اللبنانية أو الصومالية، إضافة إلى القضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
وهو موضوع يتطلب ضمان نجاحه ضرورة ألا تكون هناك عوائق أمام الجهد العربي المقبل، وأن تعود الجامعة العربية لممارسة دورها القيادي بفعالية وأن تكون جزءاً من الحل في منع تفاقم الصراعات، لا سيما أن جامعة الدول العربية تمثل خلاصة المواقف العربية، إذ إنها لا تتخذ قرارات ضد أحد أعضائها قبل اجتماع وزاري عربي للنظر في أي أمر، وبذلك فإنها الموقع الذي يعكس مستوى الإجماع العربي.
وعلى رغم أن هناك كثيراً من القضايا شائكة التعقيد في العالم العربي، فإن عاملاً مؤثراً وحدثاً مأسوياً يتزامن مع انعقاد القمة العربية وهو استمرار التصعيد والتوتر بسبب الحرب المتواصلة في غزة، فضلاً عن استمرار القتال في السودان، وكذلك استمرار الأزمات السياسية والأمنية في دول عدة، كما هي الحال في ليبيا وسوريا ولبنان واليمن وفي الصومال.
وهذه الأمور مطروحة في قمة المنامة وتحتم عليها الخروج بقرارات حاسمة لمواجهة تطورات الأحداث في قطاع غزة، والتصدي لما يخلفه ذلك من تداعيات على البلدان العربية مستقبلاً كون المجتمع الدولي يواجه تحدياً غير مسبوق تجاه الوضع الكارثي للفلسطينيين، بخاصة مع المطالب العربية لإيقاف الحرب وحماية المدنيين من رحى الآلة العسكرية الإسرائيلية.
ومع أن الحرب في غزة ستلقي تداعياتها الآن، فإن جدول أعمال القمة العربية المقبلة مثقل بملفات اجتماعية وثقافية واقتصادية مختلفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالعودة إلى التوتر والتصعيد وتشابك وتعقد الصراع في القضية المركزية للأمة العربية مع دخول أطراف أخرى على خط الأزمة، مما ينذر باتساع رقعة الصراع، بما يضر القضية الفلسطينية ويهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي فذلك سيكون أهم الدوافع لضرورة توحيد الجهود العربية لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الذي يعاني وضعاً كارثياً، وهنا سيكون للقمة فرصة سانحة لمخاطبة الرأي العام والضمير العالمي، للدفع باتجاه الضغط السياسي للتحرك الفوري لحلحلة الصراع.
وإن أي جهد فوري لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، سيكون له صدى كبير في المجتمع الدولي ومع الدول الفاعلة في مجلس الأمن، لإنتاج موقف موحد يستهدف وقف الحرب الإسرائيلية، من خلال تفعيل العمل العربي المشترك، عبر مواصلة التحرك دبلوماسياً وقانونياً لإحداث تحرك قادر على وقف إطلاق النار وفتح أفق سياسي لإحياء عملية السلام.
ولا يمكن تجاهل التوترات في البحر الأحمر وتداعياتها الاقتصادية الناجمة عن هجمات جماعة الحوثي على السفن المارة بواحد من أهم ممرات التجارة العالمية، وكذلك الأزمة الإثيوبية - الصومالية بخاصة أن القانون يرفض فرض سياسة الأمر الواقع على المجتمع الدولي.
وبلا شك ستكون الأزمة في السودان والأوضاع في سوريا وليبيا والاستقرار في العراق، وكذلك والظروف في لبنان والأوضاع الاقتصادية في العالم العربي وملفات أخرى اقتصادية وأمنية على جدول الأعمال تتعلق بدعم العمل العربي المشترك على الصعد كافة.
ومن المهم للغاية أن تحمي الدولة الوطنية أراضيها، وهذا يتطلب حلاً واحداً، وهو ممارسة الجهود لحلول مستدامة، سواء في سوريا أو ليبيا أو اليمن أو لبنان أو الصومال، يحفظ مكانة الوطن وحقوق المواطن، ويمنع تأثير الآخرين في الشؤون العربية.
وكل هذه التحديات تحتم على القمة قدراً عالياً من التنسيق، فكل الدول تسعى إلى أن تنعم بوحدتها وتحافظ على استقلالها وتطوير أمنها ومواردها وكذلك علاقاتها مع الدول الأخرى. وهو الأمر الذي يمكن للروح الإيجابية بين الدول التعويل عليه بخاصة أن هناك إجماعاً بين الدول الأعضاء على التمسك بمكتسباتها وقدراتها الوطنية ورفض استمرار عوامل الصراعات والخلافات.
ولن تتجاهل القمة حتماً العمل على تخفيف العبء عن الشعوب التي تحملت ثمن الصراعات، وأن تستجيب لتبديد بعض القلق لدى الرأي العام العربي، وتخفيف الأوضاع الصعبة التي تواجه بعض الدول على الصعيد الاقتصادي التنموي.