ملخص
عُرضت خلال جلسة الاستماع نحو 10 صور من ملف سيزار الذي سُمي على اسم مصور سابق في الشرطة العسكرية فر من سوريا في عام 2013 حاملاً 55 ألف صورة مروعة لجثث معذبة، وتُظهر هذه الصور جثث رجال هزيلين تبدو عليهم آثار الضربات والإصابات.
خلال المحاكمة الغيابية التي يخضع لها ثلاثة مسؤولين كبار في نظام الرئيس السوري بشار الأسد في باريس بتهمة التواطؤ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، روى عدد من الناجين من السجون السورية قصص التعذيب الذي تعرضوا له، وتحدثوا عن تعليق من أذرعهم لساعات وعن صعق بالكهرباء وضرب.
محكمة الجنايات
ومنذ الثلاثاء الماضي تحاكِم محكمة الجنايات في باريس غيابياً المدير السابق لمكتب الأمن الوطني علي مملوك، والمدير السابق للمخابرات الجوية جميل حسن، والمدير السابق لفرع التحقيق في المخابرات الجوية عبدالسلام محمود، ويُشتبه في أن هؤلاء الثلاثة لعبوا دوراً في اختفاء ووفاة مازن الدباغ وابنه باتريك.
"المزة"
وكان الرجلان الفرنسيان - السوريان اعتقلا في دمشق عام 2013 ونقلا إلى مطار "المزة" الذي تديره أجهزة المخابرات الجوية، والذي يوصف بأنه أحد أسوأ مراكز التعذيب التابعة للنظام، وعلى إثر ذلك غابت أية مؤشرات إلى أنهما على قيد الحياة، إلى أن أعلنت وفاتهما في أغسطس (آب) 2018.
لكن المطالعات التي تشهدها المحاكمة تتخطى قضيتهما إلى الطبيعة المنهجية للانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري ضد المدنيين.
وبالنسبة إلى عبيدة الدباغ، أحد أقرباء الضحايا، الذي يكافح من أجل الحقيقة منذ 10 أعوام، فإن باتريك ومازن "ناطقان رسميان باسم مئات آلاف السوريين الذي عانوا المصير ذاته".
وقال أمام المحكمة، "آمل في أن يتمكن المجتمع الدولي في يوم من الأيام من أن يتصدى لرأس هذا النظام بشكل مباشر".
المخابرات
وقبل مداخلته توالى عدد من السوريين الذين أصبحوا لاجئين في فرنسا على منصة الشهود حيث تحدثوا عن التعذيب الذي تعرضوا له، خصوصاً في مركز الاحتجاز في "المزة"، ومن هؤلاء عبدالرحمن الذي اعتقلته المخابرات السورية مرتين روى قصته بصوت غير مسموع تقريباً.
واعتقل للمرة الأولى في أبريل (نيسان) 2011 عندما حاول عملاء المخابرات معرفة مكان وجود شقيقه وزوجته، وهي محامية معروفة، وقال "لقد تعرضت للتعذيب من الصباح حتى المساء"، مضيفاً "لقد هددوا باقتلاع أظافري ونزع شعري".
وأطلق بعد نحو 40 يوماً ثم أعيد اعتقاله في عام 2012 حين اقتيد مجدداً إلى مركز الاحتجاز في "المزة" بعدما وضع في زنزانة أولى ثم نقل بعد أيام إلى زنزانة أخرى مساحتها 1.5 متر مربع مع ستة آخرين.
وتذكر قائلاً "لم نكن نتمكن من النوم"، مضيفاً "كان يجب أن يقف شخص واحد حتى يتمكن الآخرون من الراحة، كل بدوره"، وبعد ذلك احتجز في مراكز أخرى ليُطلق بعد حوالى عام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"فقدت أسناني"
من جهته أمضى ناصر (40 سنة) ثلاثة أشهر في "المزة"، وناصر ابن وشقيق معارضين سوريين اُعتقل في التاسع من مايو (أيار) 2011 ووضع في زنزانة لا تزيد مساحتها على 40 متراً مربعاً مع قرابة 120 شخصاً آخرين، وقال في شهادته "في اليوم التالي أو اليوم الذي تلاه بدأوا بضربي وفقدت أسناني".
وأشار إلى أنه اُستجوب بعد أسابيع من قبل جميل حسن نفسه الذي سأله عن مكان وجود أقاربه، وقال "أجبته لا تزال تسألني الأسئلة ذاتها بعد مرور شهرين على رغم أنني لا أعرف"، وبعد ذلك أمر جميل حسن عناصره بـ "الاعتناء به"، وأضاف ناصر "قال لهم حرفياً: أريد أن أسمع صراخه تحت التعذيب".
وتابع، "وضعوا حبلاً حول يدي وتم تقييدي وتعليقي"، مضيفاً "تركوني معلقاً هكذا حتى اليوم التالي"، وعندما طُلب منه خفض ذراعيه لإزالة القيود لم يستطع فعل ذلك لأن ذراعيه كانتا تؤلمانه بشدة.
وأشار الشاهد إلى أن السجان "أنزل ذراعي بالقوة فأُصبت بخلع في كتفي"، مضيفاً أنه تعرض للصعق بالكهرباء في أعضائه التناسلية.
ملف "سيزار"
وعرضت أول من أمس الأربعاء خلال جلسة الاستماع 10 صور من "ملف سيزار" الذي سمي على اسم مصور سابق في الشرطة العسكرية فرّ من سوريا عام 2013 حاملاً 55 ألف صورة مروعة لجثث معذبة، وتظهر الصور جثث رجال هزيلين تبدو عليهم آثار الضربات والإصابات.
بدورها قالت حنان الدباغ، زوجة عبيدة، إن "آلة التعذيب هذه يجب أن تتوقف".