Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف نفهم تعاطي الصين مع صراع الشرق الأوسط؟

على رغم امتلاكها أدوات الضغط وتغيير المعادلة فإن بكين آثرت الاحتفاظ بـ"دبلوماسيتها الهادئة" على الانخراط المباشر لحساباتها القومية وتجنب تعميق المنافسة مع واشنطن

تحاول الصين النأي بنفسها عن الصراعات الحادة بالمنطقة وتفضل عدم الانخراط المباشر في دعم أحد الأطراف على حساب الآخر (أ ف ب)

ملخص

قبل أكثر من عام ونصف العام تقريباً، بدا أن بكين تسعى إلى تدشين مرحلة جديدة لدور صيني أوسع في قضايا الشرق الأوسط الجيوسياسية، مستندة في ذلك إلى علاقاتها الاقتصادية والتجارية المتنامية في أرجاء المنطقة، إلى أن جاءت حرب غزة لتعيد طرح عديد من الأسئلة، حول "حقيقة النفوذ الصيني في ملفات الشرق الأوسط وحدوده"، و"أسباب التراجع عن الانخراط المحوري في تلك الأزمة"، التي طاولت تشابكاتها ملفات الاقتصاد والتجارة والأمن والسياسة.

على مدى أشهر الحرب في غزة التي دخلت شهرها الثامن، حمل التعاطي الصيني مع تلك الجولة من الصراع المعقد والطويل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية تبايناً بين "طموحات" بكين في الشرق الأوسط قبل عام، وما تلا أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتداعياته الجيوسياسية الأوسع في المنطقة، إذ استدعى إبقاء بكين على نهج "دبلوماسيتها الهادئة" والنأي بنفسها عن "الصراعات الحادة"، مستبدلة بذلك مواقف تدعو إلى "خفض التوترات وتجسير الهوة بين الفرقاء"، توصيفاً من قبل البعض بأنه "غياب عن الانخراط المباشر" قد يخفض زخم وجودها بالمنطقة في مواجهة منافسها التقليدي الولايات المتحدة الأميركية.

وعلى عكس الربع الأول من العام الماضي، بعدما أنجزت الصين اختراقاً دبلوماسياً لافتاً في الشرق الأوسط، عبر وساطة تكللت بالنجاح في تحقيق المصالحة بين السعودية وإيران، وتحرك فسر حينها على أنه مسعى من بكين "لدور أوسع في قضايا المنطقة الجيوسياسية، أمام نهج أميركي بدا متراجعاً ومرتبكاً في تعاطيه مع أزمات المنطقة وملفاتها المتشابكة"، جاءت في المقابل مواقف بكين طوال الأشهر الماضية من عمر الحرب في غزة لتعيد طرح عديد من الأسئلة، حول "حقيقة النفوذ الصيني في ملفات الشرق الأوسط وحدوده"، و"أسباب التراجع عن الانخراط المحوري في تلك الأزمة"، التي طاولت تشابكاتها ملفات الاقتصاد والتجارة والأمن والسياسة، إثر امتدادها لتشمل منطقة البحر الأحمر والتأثير في التجارة الدولية، فضلاً عن بقاء احتمالات توسع رقعتها قائماً، وعما إذا كانت الصين معنية بالبناء على ما أنجزته وساطتها بين الرياض وطهران.

هل "عصفت" الحرب بالطموح الصيني؟

قبل أكثر من عام ونصف العام تقريباً، تحديداً خلال القمة العربية الصينية التي استضافتها السعودية ديسمبر (كانون الأول) 2022، بدا أن بكين تسعى إلى تدشين مرحلة جديدة لدور صيني أوسع في قضايا الشرق الأوسط الجيوسياسية، مستندة في ذلك إلى علاقاتها الاقتصادية والتجارية المتنامية في أرجاء المنطقة، فضلاً عن إرثها التاريخي والسياسي القائم بينها وأبرز الدول الفاعلة في الإقليم، في محاولة فسرها البعض بـ"ملء الفراغات التي قد يتركها النهج الأميركي في تعاطيه مع أزمات المنطقة".

وفي حديثه خلال تلك القمة، قال الرئيس الصيني، تشي جينبينغ، إن "منطقة الشرق الأوسط تشهد تغيرات جديدة وعميقة، إذ باتت رغبة الشعوب العربية في السلام والتنمية أكثر إلحاحاً، وعلى الجانبين الصيني والعربي بوصفهما شريكين استراتيجيين تطوير روح الصداقة وتعزيز التضامن والتعاون وبناء مجتمع مشترك بما يعود بمزيد من الفوائد على شعوب الجانبين". مشدداً على أن "الود يتواصل بين الصين والدول العربية بجذورها في أعماق التاريخ، إذ تلاقت وتعرف بعضها إلى بعض عبر طريق الحرير القديم وتقاسمت السراء والضراء في تيار النضال من أجل التحرير الوطني".

أعقب تلك القمة إعلان الصين في مارس (آذار) 2023 اتفاقاً مفاجئاً لعودة العلاقات بين السعودية وإيران، عد واحداً من أهم التطورات السياسية في الشرق الأوسط العام الماضي، وإشارة إلى بزوغ نجم بكين في منطقة تهيمن "تقليدياً" عليها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، مما استتبع تفسيراً واسعاً أن يكون "بمثابة بادرة على رغبة بكين في أن تكون صاحبة نفوذ دبلوماسي في المنطقة"، مما أكده وزير الخارجية الصيني وانغ يي لاحقاً، قائلاً إن بلاده ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع "القضايا الساخنة" في العالم.

 

يقول رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، جوست هلترمان، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "الدور الاقتصادي المهم الذي تلعبه الصين في الشرق الأوسط يشكل شهادة على حجم اقتصادها. ومع ذلك، لم تطابق حتى الآن دورها الاقتصادي مع دور عسكري، ويرجع ذلك أساساً إلى أن القوة السياسية والعسكرية الأميركية كانت هي المهيمنة في الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، وأنها بدأت الآن فقط في التراجع".

ويتابع "لقد سمح دور الصين الاقتصادي ببناء علاقات مع جميع الدول في المنطقة، والاستفادة من أي استقرار توفره الولايات المتحدة بينما تنتقد الولايات المتحدة بسبب أي عدم استقرار تسببت فيه تصرفات واشنطن. وأخيراً فقط بدأت الصين في التدخل في الأمر، تحديداً من خلال التوسط في التقارب الدبلوماسي بين إيران والسعودية قبل عام، لكنها لم تذهب إلى أبعد من ذلك حتى الآن"، مضيفاً "سيكون الدور الدبلوماسي الصيني في الحد من التوترات في المنطقة موضع ترحيب، بناءً على العلاقات الجيدة التي طورتها الصين على مر السنين مع كليهما".

وبتتبع "اندبندنت عربية" التفاعلات الصينية في أزمات وقضايا المنطقة خلال العقود الأخيرة، يبدو تاريخها "فقيراً" في تحقيق اختراقات ملموسة على صعيد الأزمات "الساخنة" بالمنطقة، وعليه عدت وساطتها ونجاحها في تحقيق المصالحة بين طهران والرياض "حدثاً استثنائياً" في علاقتها ووجودها بالمنطقة. وفي تفسير ذلك، تقول مجلة "فورين بوليسي" الأميركية "لا تزال بكين تلتزم سياستها التقليدية تجاه المنطقة بصورة صارمة والقائمة على تحقيق التوازن بين دول الخليج وإيران وبين القوى الإقليمية الرئيسة وإسرائيل، مفضلة النأي بنفسها عن الصراعات الحادة".

وبحسب "فورين بوليسي" "ظلت الدبلوماسية الصينية الواثقة، التي ظهرت حينما جرى إعلان هذا الاتفاق في مارس 2023، طوال الأربعة أشهر الأولى من الحرب. فمع انزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى أعمال العنف لم تكن هناك أي علامة على الوساطة الصينية، أو أي علامة تذكر على وجود دبلوماسية صينية فاعلة على رغم الدعم الذي يمتد لأكثر من نصف قرن للفلسطينيين، وأكثر من عقد من العلاقات الوثيقة مع إسرائيل، إضافة إلى استثمارات بمليارات الدولارات في عديد من دول المنطقة، مما يؤهلها للقيام بدور فاعل".

هذه الرؤية يختلف معها، حسن نافعة، المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة القاهرة، قائلاً "لا يمكن القول إن الصين غائبة عن المنطقة أو إن حرب غزة قوضت طموحها"، موضحاً أن "لبكين سياسة مفهومة وواضحة هدفها الأساس السلام في العالم، وعليه تميل للارتكان إلى التعامل مع الحكومات والشعوب من خلال الاقتصاد ومبدأ المنفعة المتبادلة، وفي المجمل لا تريد أن تأخذ جانب طرف يقود في النهاية إلى تعميق الصراعات".

ويتابع نافعة في حديثه معنا "تدرك بكين المنافسة الشديدة معها من جانب الولايات المتحدة الأميركية، هذه هي معالم السياسة الخارجية الصينية، وبكين تديرها بذكاء شديد من منظور مصلحتها القومية"، مشيراً إلى أن هناك نقطة لا يجب إغفالها تتمثل في "أن الصين مستفيدة من الوضع بصورته الراهنة، لا سيما أنها لا توجد مصالح لها مهددة لتجبرها على تغيير موقفها الحالي".

ويمضي نافعة "ما من شك أن النفوذ الصيني يتزايد في العالم ومن ضمنه الشرق الأوسط، لكنها لا تريد أن تكون طرفاً في أي نزاع بالمنطقة، خشية أن تواجه خسارة لكل المنجزات التي حققتها في السنوات الماضية"، موضحاً أنه في سياق المنافسة مع الولايات المتحدة، "كسبت بكين نقاط مهمة جداً عندما نجحت في الوساطة بين السعودية وإيران".

وعلى رغم ذلك فإنه في أعقاب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة وجدت بكين نفسها أمام النموذج الذي تفضله في السياسة الدولية القائم على إظهار التباين عن الموقف الأميركي، مما تجلى في أكثر من مناسبة، لا سيما أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إذ محاولات دول أعضاء به في أكثر من مناسبة لاستصدار قرار لوقف الحرب، إلا أنه ووجه بفيتو أميركي.

وأظهرت بكين بعضاً من الحياد في الأشهر الأولي للحرب، وركزت في تصريحاتها ومواقفها على دعوة الجانبين إلى ضبط النفس وتأكيد "حل الدولتين" كخيار أمثل لإنهاء الصراع، إلا أن هذا الموقف تطور تدريجاً بانتقادها العلني القصف الإسرائيلي "العشوائي" للمدنيين، وانتهاك تل أبيب القانون الدولي عبر تقييد حركة دخول المساعدات الإنسانية، مما عمق الأزمة الإنسانية في القطاع، ووصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي هذه التصرفات بأنها "تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس".

كذلك دعت بكين في الأشهر الأولى من الحرب إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية في أقرب وقت، مشددة على أن الأولوية القصوى هي وقف إطلاق النار وضمان أمن منشآت الأمم المتحدة ومنع كارثة إنسانية واسعة بغزة.

وعليه يوضح نافعة "استخدمت بكين في أكثر من مناسبة حق النقض الفيتو لمصلحة الفلسطينيين واستضافت مؤتمراً للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية". مشيراً إلى أن "التنافس القائم بين بكين وواشنطن على الشرق الأوسط لم يحسم بعد، وأنه لا تزال هناك كثير من الجولات"، معتبراً أن "بكين تتعامل بما يتفق مع أسلوبها القائم على عدم الانغماس في صراعات عسكرية، وتعلم أيضاً أنها تملك أوراقاً قوية على صعيد الدبلوماسية والاقتصاد".

هل يبقى الابتعاد "الخيار الأنسب"؟

تتعاطف بكين تاريخياً مع القضية الفلسطينية كحال معظم دول الجنوب العالمي، وترى أن للفلسطينيين الحق في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم وفق مقررات الشرعية الدولية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، إلا أنه في الوقت نفسه يحكم تحركها بصورة رئيسة الاقتصاد، باعتباره الدافع الرئيس لسياستها الخارجية إلى الآن، فضلاً عن إدراكها حجم التعقيدات التي تعتري الصراع في الشرق الأوسط، وأن الدخول الواسع فيه يتطلب انخراطاً أوسع في السياسة الشرق أوسطية التي تهيمن عليها بصورة واسعة الولايات المتحدة.

بتعبير الرئيس تشي جينبينغ خلال القمة العربية - الصينية الماضية فإن "القضية الفلسطينية تهم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتضع الضمير الأخلاقي للبشرية على المحك، ولا يمكن أن يستمر الظلم التاريخي الذي يعانيه الشعب الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة، ونتطلع إلى إقامة دولة مستقلة لا تقبل الرفض ويجب على المجتمع الدولي أن يرسخ الإيمان بحل دولتين، والتمسك بمبدأ الأرض مقابل السلام بحزم والعمل بكل الثبات على بذل جهود حميدة لدفع مفاوضات السلام".

 

غير أنه وعلى رغم ذلك تبقى الصين على توظيف موقفها ضمن ما يسمى "الحياد المناهض للغرب" على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، من خلال التشكيك في "المواقف الأخلاقية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين"، بحثاً عن جذب أكبر قاعدة دعم لتحركها.

يقول الكاتب الصيني، عضو مجلس إدارة الجمعية الصينية لدراسات الشرق الأوسط نادر رونج ووهان "المتتبع لموقف الصين تجاه الحرب في غزة نجد أنها ظلت تدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد، وعليه بذلت جهوداً دبلوماسية وسياسية من أجل بلورة أوسع التوافقات لدى المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة، وهناك اتصالات مكثفة بين الصين وجميع الأطراف المتعلقة بالصراعات في الشرق الأوسط والدول ذات التأثير إقليمياً ودولياً". وتابع في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "دور الصين في الصراع هو دور بناء وإيجابي يسهم في تهدئة الوضع عبر الاستفادة من علاقاتها المميزة مع دول المنطقة".

ويمضي رونج ووهان في حديثه "بنت بكين علاقتها مع دول الشرق الأوسط على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتسعى إلى تحقيق الفوز المشترك والمنفعة المتبادلة مع دول الشرق الأوسط"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه "لا أعتقد أن الصين تريد المنافسة الجيوسياسية مع الولايات المتحدة في هذه المنطقة".

وبحسب ووهان، رداً على مطالبة بعض الأصوات في المنطقة بدور صيني أكثر فاعلية وانخراطاً في الصراع، فإن "بكين بصورة عامة حافظت على مصالحها في المنطقة، لأن لها علاقات جيدة مع جميع الأطراف في الصراع بمنطقة الشرق الأوسط وليست لها عدو في المنطقة". مضيفاً "أعتقد أن الصين بسبب التزامها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ترى أن الاستقرار والأمن لا يتحقق من خلال التهديدات العسكرية والدعم العسكري لأي طرف من أطراف الصراع كما تفعل الولايات المتحدة، بل مواقفها هي أكثر حيادية وعقلانية ويهدف إلى تجنب التصعيد في المنطقة".

من جانبه ينظر الأكاديمي والباحث في العلاقات الأميركية - الآسيوية، جلال رحيم، إلى السياسة الخارجية الصينية في حرب غزة الراهنة، من منطلق "أن الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر لإسرائيل، وفي الوقت نفسه هي المنافس الاستراتيجي للصين، الذي يسعى بكل الطرق السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والتكنولوجية وحتى العسكرية لمنع بكين من الصعود إلى رتبة القوى العظمى، لذلك بالنسبة إليها، يجب أن نقرأ مواقفها في سياقه الجيواستراتيجي أكثر منه في سياقه المبدئي".

ويوضح في حديثه معنا "ترغب الصين في لعب دور محوري في المنطقة، وأصبحت تتجرأ على ذلك بالفعل بفضل علاقاتها القوية والممتدة مع دول فاعلية كما إيران والسعودية ومصر وغيرها"، مشيراً إلى أن منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة "تبقى مهمة بالنسبة إلى بكين وموسكو في سياق تبلور أي نظام عالمي جديد".

ماذا عن مصالحها البحرية "المهددة"؟

لكن وأمام احتفاظ الصين بـ"دبلوماسيتها الهادئة" وعدم الانخراط المباشر في الصراع، تعرضت مصالحها التجارية للتهديد مع اضطرابات البحر الأحمر، إذ استهداف جماعة الحوثيين في اليمن السفن التجارية في إطار الحرب في غزة "تضامناً مع فلسطين" وفق ادعائهم، وهو ما استدعي تحالفاً غربياً بقيادة الولايات المتحدة سمي "تحالف الازدهار" لتأمين حرية الملاحة في باب المندب.

 

وفي أعقاب هجمات الحوثيين، أوردت تقارير غربية وصينية أن بكين تحدثت مع طهران لمنع أي هجمات قد يشنها الحوثيون على مصالحها الاقتصادية، ولم ينضم الصينيون إلى تحالف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتأمين البحر الأحمر.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأت البحرية الصينية بمرافقة سفن الشحن الصينية عبر البحر الأحمر، وفقاً لشركة (سي ليجيند شيبينغ) وهي شركة مقرها في مدينة تشينغداو الصينية. وقد ذكرت وكالة "رويترز" نقلاً عن مسؤولين إيرانيين أن المسؤولين الصينيين طلبوا من نظرائهم الإيرانيين المساعدة في وقف هجمات الحوثيين أو المخاطرة بالإضرار بالعلاقات التجارية مع بكين.

وفي ذلك يقول جلال رحيم "نعلم أن الصين هي البلد المصدر الأكبر في العالم، وتعتمد كثيراً في تجارتها وسلاسل إمدادها على المرور في هذه المنطقة باتجاه قناة السويس، وعليه فإن كل اضطراب في الحركة الملاحية في البحر الأحمر يعود بالخسارة الكبيرة على الشركات الصينية".

ويتابع في حديثه "فضلت الصين عدم التصدي بصورة فاعلة لأزمة البحر الأحمر، وعوضت عن ذلك بتحميل الولايات المتحدة المسؤولية للضغط على إسرائيل لوقف الحرب". موضحاً "فشلت بكين في الاستفادة من أدوات الضغط التي تملكها في تغيير الواقع على الأرض، سواء من خلال علاقاتها مع إيران القوية خصوصاً الاقتصادية أو الأمنية والسياسية لحل أزمة البحر الأحمر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الأثناء، وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية فإنه "في وقت أدت فيه هجمات الحوثيين إلى إضعاف التجارة الصينية وبدأت في خنق بعض شركاء الصين الإقليميين، بدت بكين في كثير من الأحيان إما غير قادرة أو غير راغبة في التصرف دبلوماسياً أو عسكرياً أو اقتصادياً، لتعزيز مصالحها الأوسع، ناهيك بدعم شركائها". مضيفة أن "الصين تحب الترويج لنفسها باعتبارها قوة عالمية صاعدة، كما تحب انتقاد الولايات المتحدة لأنها لم تحقق طموحاتها في تأمين السلام والازدهار للعالم. ويبدو أن الصين ترغب في أن تتبنى دول المنطقة وجهة نظر مفادها أن المنطقة ستدخل على المدى المتوسط في مرحلة الابتعاد عن الإملاءات والهيمنة، نحو مرحلة التوازن الجيواستراتيجي والعدالة السياسية من خلال النفوذ الصيني المبني على التنمية والاستثمار ورفاهية الشعوب والابتعاد عن الصراعات".

وأوضحت المجلة الأميركية، في تحليل لها حول الدور الصيني في المنطقة في سياق الصراع الدائر، قائلة "حقيقة، ليس من الخطأ أن تنظر الصين إلى الولايات المتحدة باعتبارها التحدي الاستراتيجي الرئيس لها، لكن ما يثير الدهشة هو مدى صحة هذا الأمر. وعلى رغم عقود من الاستثمار في الشرق الأوسط فإن التركيز الإقليمي الرئيس لبكين لا يزال قائماً على محاولة تقويض الولايات المتحدة". مضيفة أنه "على رغم أن الصين أصبحت بالفعل لاعباً إقليمياً في الشرق الأوسط، فإنها لا تزال تمارس لعبة مصالحها الذاتية بصورة ملحوظة"، لافتة إلى أن "السبب الرئيس لاهتمام الصين بالشرق الأوسط هو الطاقة، إذ أصبحت بكين مستورداً للنفط للمرة الأولى قبل 30 عاماً. وخلال العقدين الماضيين كانت بكين تمثل ما يقارب نصف الزيادة العالمية في الطلب على النفط. وطوال هذه الفترة كان ما يقارب نصف واردات الصين من النفط يأتي من منطقة الشرق الأوسط".

وتابعت "بالنسبة إلى الصين كان الاعتماد على الشرق الأوسط بمثابة نقطة ضعف مستمرة، إذ كانت الولايات المتحدة هي الفاعل الأمني المهيمن في المنطقة لمدة نصف قرن، ويخشى عديد من الصينيين أن تتمكن الولايات المتحدة في أوقات العداء بين بكين وواشنطن من قطع إمدادات الطاقة الأساس عن الصين. وعلى نحو مماثل يستضيف الشرق الأوسط ثلاث ممرات شحن حيوية للتجارة العالمية، وتمر عبر بلدان المنطقة عديد من الحاويات الصينية المتجهة إلى أفريقيا وأوروبا وحتى الساحل الشرقي للولايات المتحدة. ومع حماية البحرية الأميركية جميع نقاط الاختناق (ممرات الشحن) هذه يمكنها أن تمنع مرور الشاحنات الصينية أيضاً وقت العداء مع بكين".

المزيد من تقارير