بعد إعلان الرؤساء التركي والروسي والإيراني اتفاقهم على قائمة بأسماء أعضاء اللجنة الدستورية السورية، إثر قمّتهم الثلاثية الخامسة حول سوريا التي عقدوها في العاصمة التركية أنقرة الأسبوع الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الاثنين، تشكيل اللجنة التي تشكّل جزءاً من العملية السياسية لإنهاء النزاع المستمر في البلاد منذ عام 2011.
وقال غوتيريش للصحافيين في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك "أعتقد بشدّة أنّ تشكيل لجنة دستورية يتولّى السوريون أنفسهم تنظيمها وقيادتها يمكن أن يشكّل بداية طريق سياسي نحو حلّ" الأزمة. وأضاف "مبعوثي (إلى سوريا غير بيدرسون) سيجمع اللجنة الدستورية في الأسابيع المقبلة".
وأتى إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بعد ساعات على تصريح لبيدرسون من دمشق، التي وصلها مساء الأحد، قال فيه إنه أجرى مباحثات "ناجحة" مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم اليوم الاثنين بشأن اللجنة. وأضاف للصحافيين "اختتمت اليوم جولة أخرى من المناقشات الناجحة للغاية مع وزير الخارجية المعلم... تطرّقنا إلى القضايا العالقة المتعلقة باللجنة الدستورية". وأشار أيضاً إلى "مباحثات إيجابية" أجراها مع نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض السورية، التي تمثّل أبرز مكوّنات المعارضة السورية.
وقال المبعوث الذي سيتوجّه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنطلق الاثنين، "سأطلع مجلس الأمن" على مضمون المباحثات.
"التزام سوريا بالعملية السياسية"
أما وزارة الخارجية السورية فقالت من جهتها في بيان إن الاجتماع كان "إيجابياً وبنّاءً"، جرى خلاله "بحث القضايا المتبقية المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية وآليات وإجراءات عملها، بما يضمن قيامها بدورها وفق إجراءات واضحة ومتّفق عليها مسبقاً، وبعيداً من أي تدخّل خارجي". وأكد المعلم "التزام سوريا بالعملية السياسية... ومواصلة التعاون مع المبعوث الخاص لإنجاح مهمته".
في السياق، ذكرت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري في عددها الصادر الاثنين، أنه يُحتمل أن يعلن بيدرسون تشكيل اللجنة خلال أعمال الجمعية العامة، على أن تباشر أعمالها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في جنيف.
تشكيل متعثر
وتعثّرت عملية تشكيل هذه اللجنة منذ الإعلان عنها في لقاء جمع أطرافاً سورية في سوتشي في يناير (كانون الثاني) 2018، وتمثّلت أبرز أسباب الخلاف حينها برفض السلطات السورية قسماً من الأسماء التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة السابق، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعلن الأربعاء الماضي، أن الأطراف السورية توصلت إلى "اتفاق على تشكيل اللجنة".
ويُفترض أن تضم اللجنة 150 عضواً، 50 منهم تختارهم دمشق و50 تختارهم المعارضة و50 يختارهم المبعوث الخاص للأمم المتحدة، بهدف الأخذ في الاعتبار آراء خبراء وممثلين عن المجتمع المدني.
"إقصاء غير عادل"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تضمّ اللجنة ممثلين عن "الإدارة الذاتية" الكردية التي تسيطر على أراضٍ واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا. واعتبرت اللجنة في بيان الاثنين "إقصاءها إجراءً غير عادل". وقالت دائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" في بيان "لن نكون معنيين بأي مخرجات من دوننا".
وإضافة إلى تشكيلة اللجنة الدستورية، يمتدّ الخلاف بين المعارضة والنظام أيضاً إلى آلية ومجال عملها وتوزّع المسؤوليات بين أعضائها، إذ تطالب المعارضة بصوغ دستور جديد لسوريا، بينما لا توافق دمشق إلا على تعديل الدستور الحالي.
ويواجه بيدرسون مهمة صعبة تتمثل بإحياء المفاوضات بين النظام والمعارضة، بعدما اصطدمت كل الجولات السابقة بمطالب متناقضة من طرفي النزاع، الذي أسفر عن مقتل 370 ألف شخص ونزوح ولجوء ملايين السوريين.