قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، إنه لن يستسلم يوماً ولن يتوقف عن الدفاع عن مصالح بلاده، التي "تعرف أن الحرب ممكنة، لكن الشجعان هم القادرون على تحقيق السلام"، في معرض حديثه عن موقفه من إيران، مؤكداً استمرار العقوبات وتصاعدها في حال لم تغيّر سلوكها في المنطقة.
وأشار ترمب إلى أن "النظام القمعي في إيران يرفض السلام واستراتيجيته المدمرة لا تخفى علينا، فهي من أولى الدول الداعمة للإرهاب"، مشدّداً على أن "النظام يبدد ثروات البلاد في إطار سعيه إلى تطوير أسلحة نووية".
وعن انسحاب بلاده الأحادي من الاتفاق النووي مع طهران، عام 2018، قال ترمب إنه كان اتفاقاً "فاشلاً"، لأنه لم يتطرق إلى الصواريخ الباليستية، بينما "علينا منعها من الوصول إلى أسلحة نووية". وأضاف "بعد انسحابنا، فرضنا عقوبات على إيران، بينما رد النظام بتعزيز عنفه وعدوانه من دون مبرر وهاجم أخيراً مرافق نفطية في السعودية، ففرضنا عقوبات جديدة على المصرف المركزي الإيراني"، مشيراً إلى أنه "لا يجب أن تدعم أي حكومة مسؤولة سعي إيران إلى سفك الدماء"، لكن إذا استمر هذا السلوك "ستستمر العقوبات وتتصاعد".
وأضاف "على مدى عقود، سمع العالم قادة إيران يهاجمون الآخرين على مشاكل تسببوا هم بها. فهم (قادة إيران) يطالبون بالموت لأميركا ويتاجرون بمعاداة السامية الوحشية. فاعتبروا العام الماضي أن إسرائيل سرطاناً يجب إزالته. لكن الولايات المتحدة لن تقبل بمعاداة السامية".
وأشار ترمب إلى وجود "اعتراف متنام في الشرق الأوسط" بأن لبلدان هذه المنطقة مصلحة مشتركة في محاربة التطرف وتعزيز التعاون الاقتصادي، "من هنا أهمية قيام علاقات متبادلة بين إسرائيل وجيرانها".
وأكد أن الإيرانيين يستحقون حكومة تسعى إلى مكافحة الفقر "من دون قتل الناس في الداخل والخارج".
التجارة الدولية
من ناحية أخرى، أعلن الرئيس الأميركي أن بلاده أطلقت حملة لإصلاح نظام التجارة الدولي، بعد عقود من استغلاله من قبل دول لا تملك "نوايا حسنة"، في إشارة إلى الصين، التي عمدت منذ عقود إلى اعتبار نفسها "بلداً نامياً"، لفرض عوائق والتلاعب بالعملة وسرقة الملكية الفكرية وإغراق الأسواق، بينما رفضت "اعتماد إصلاحات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذ أشار إلى أن منظمة التجارة العالمية بحاجة إلى "تغيير جذري"، أكد التزام بلاده بإعادة التوازن إلى العلاقة مع الصين، قائلاً "آمل التوصل إلى اتفاق، لكنني لن أقبل بأي علاقة لا تعود بالنفع على الشعب الأميركي".
وعن العلاقة مع اليابان، أوضح "سنضع اللمسات الأخيرة على اتفاق للتجارة مع اليابان يوم الأربعاء"، مجدداً دعوته إلى المملكة المتحدة لتوقيع اتفاق تجاري استثنائي، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، "يفيد البلدين".
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
وفي ما يتعلّق ببريكست، اعتبر ترمب أنه سيكون من "الفظيع" عدم تمكّن المملكة المتحدة من الخروج من الاتحاد الأوروبي طبقاً لما يريده رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون، مضيفاً أن "وحده رجل مثله يمكن أن ينجح، أعتقد بأنه سينجح وسيكون من الفظيع سلوك طريق أخرى".
وفي هذا الصدد، قال إن إدارته ستعمل مع رئيس الوزراء البريطاني على "اتفاق تجاري رائع"، مشيراً إلى أنه "في الوقت الذي تستعدّ فيه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، نحن جاهزون للتوصّل إلى اتفاق استثنائي ستكون له فوائد ضخمة لبلدينا".
كوريا الشمالية وهونغ كونغ
أكد ترمب أنه سعى إلى دبلوماسية جريئة مع كوريا الشمالية، مشيراً إلى أنه قال لكيم جونغ أون إن بلاده تملك "طاقات غير مستغلة، ولاستغلالها يجب وقف تطوير سلاح نووي". وأضاف "الولايات المتحدة تعمل على إرساء التناغم والسلام حول العالم، لا حروباً من دون نهاية".
وعن الأزمة في هونغ كونغ، دعا الرئيس الأميركي الصين إلى الالتزام بالاتفاق الذي وُقّع في بريطانيا وسُجل في الأمم المتحدة بين الطرفين، قائلاً إن "العالم ينتظر هذا الالتزام".
روحاني مستعدّ وماكرون يتكلّم عن "فتح ثغرات"
في المقابل، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، لوسائل إعلام في نيويورك، الثلاثاء، إنه مستعدّ لمناقشة إدخال تغييرات أو إضافات أو تعديلات محدودة على الاتفاق النووي، الذي أبرمته بلاده مع الدول الست الكبرى عام 2015، إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات عن طهران.
وكان روحاني اجتمع مطولاً مساء الاثنين بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعرب الثلاثاء عن أمله "في حصول تقدّم خلال الساعات القليلة المقبلة" بشأن المفاوضات مع إيران، مشيراً إلى وجود "خطر حصول تصعيد يخرج عن السيطرة" بعد الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية في السعودية، السبت 14 سبتمبر (أيلول).
وقال الرئيس الفرنسي إنه "لا بدّ من الجلوس مجدداً إلى الطاولة لإجراء محادثات صريحة وحازمة حول النشاط النووي، وحول ما تقوم به إيران في المنطقة ونشاطاتها الباليستية، لكن أيضاً مع التسلّح بمقاربة أوسع لماهية العقوبات. آمل بأن نتمكّن من التقدّم خلال الساعات القليلة المقبلة". أضاف "أجريت نقاشاً مطولاً لساعة ونصف ساعة مع الرئيس روحاني، أتاح كما أعتقد فتح ثغرات، وهي دقيقة جداً... كان الاجتماع مباشراً جداً ودقيقاً. والوضع متوتّر بعد الضربات. تصارحنا بشأن الأشياء المهمة وبحثنا خصوصاً في سبل ومقترحات حلول".
وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا ماكرون الولايات المتحدة وإيران إلى التحلّي بقدر من الشجاعة من أجل بناء السلام، وحثّهما والقوى الكبرى على التفاوض لتجنب نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط. وأضاف أن "الهجمات على السعودية غيّرت الوضع. الخطر اليوم هو أن تتفجّر (الأمور) بسبب إساءة تقدير أو ردّ غير متناسب".
وقال ماكرون إنه "حان الوقت أكثر من ذي قبل لاستئناف المفاوضات بين إيران وأطراف الاتفاق النووي والقوى الإقليمية المعنية"، مضيفاً إنه ليس ساذجاً ولا يؤمن بالمعجزات لكن الوقت حان لبناء السلام الذي "يحتاج للتحلي بالشجاعة". وأكّد أنّه سيواصل الجهود التي يبذلها في الآونة الأخيرة لجمع كل الأطراف على طاولة المفاوضات.
في السياق نفسه، بحثت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع الرئيس الأميركي الوضع المتعلق بإيران وقضايا تجارية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتحدّثت كذلك مع الرئيس الإيراني بشأن الاتفاق النووي والوضع الإقليمي وسبل تحقيق قدر أكبر من الاستقرار في الشرق الأوسط. وقالت عقب اللقائين إنها ترحّب بانعقاد محادثات بين واشنطن وطهران، لكنّ توقّع رفع جميع العقوبات الأميركية عن إيران أولاً أمر "غير واقعي".