خسرت المملكة المتحدة خلال سنةٍ واحدة أكثر من 5 مليارات يورو (4.5 مليار جنيه إسترليني) من التمويل المخصص لتطوير البنية التحتية إثر تدهور إقراض الاتحاد الأوروبي لبريطانيا، بعد التصويت على البريكست، وذلك وفقاً للجنة بارزة في مجلس اللوردات البريطاني. وحذّر أعضاء مجلس اللوردات من زيادة تضرر مشاريع بنى تحتية أساسية في حال فشل الحكومة في "سد ثغرة التمويل" عندما تفقد المملكة المتحدة إمكانية الوصول إلى مصرف الاستثمار الأوروبي بعد البريكست، إذ إن الوزراء كانوا يعتمدون على ذلك المصرف لتمويل مشاريع كبيرة مثل مشروع "كروس رايل" لسكك الحديد وتمديد خط ترام مدينة مانشستر.
ووفقاً لتقرير جديد أصدرتهُ اللجنة الفرعية للشؤون المالية للاتحاد الأوروبي التابعة لمجلس اللوردات، كان للخروج البريطاني "تأثيرٌ مادي" على علاقة المملكة المتحدة بمصرف الاستثمار الأوروبي، الذي كان أقرض المملكة المتحدة 7 مليارات يورو لتمويل 54 مشروعاً في العام 2016، مقارنةً بـ 1.8 مليار يورو لتمويل 12 مشروعاً في 2017 و932 مليون يورو لتمويل 10 مشاريع العام الماضي.
يأتي ذلك إثر محاولات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لحلّ مأزق البريكست عن طريق مناقشة الصفقة التي توصلت إليها مع الإتحاد الأوروبي، وما قابلها من مقاومة شرسة في بروكسل، إذ وقف كبار القادة الأوروبيين متّحدين ضد إعادة فتح الملف.
كما اتهم أعضاء مجلس اللوردات البريطاني الوزراء بقلة الوضوح بشأن العلاقات المستقبلية مع مصرف الاستثمار الأوروبي، الذي ساعد في تمويل مشاريع المملكة المتحدة بأكثر من 118 مليار يورو خلال الـ 45 سنة الماضية، من مشروع سكة حديد لندن ومشاريع تعبيد الشوارع في اسكتلندا إلى أنظمة المياه والصرف الصحي الكبرى.
وضخّ مصرف الاستثمار الأوروبي في العقد الأخير فقط، 50 مليار يورو في الاقتصاد البريطاني، وفي عام 2015 بلغ تمويله ثلث إجمالي التمويل لمشاريع البنية التحتية في المملكة المتحدة.
وأوصت اللجنة الفرعية للشؤون المالية للاتحاد الأوروبي التابعة لمجلس اللوردات، بأن على بريطانيا الأخذ في الاعتبار "بشكل سريع وجاد" إنشاء مصرف للبنية التحتية بدعم حكومي لتعويض التمويل الذي ستخسره البلاد.
وقالت رئيسة اللجنة البارونة فالكنر من مارغرافين: "خلال 45 سنة مضت اعتمدت المملكة المتحدة على مصرف الاستثمار الأوروبي في مشاريع البنى التحتية المهمة مثل مشروع كروس رايل ومشروع الصرف الصحي في لندن، سوبر سيور، ومشروع توسيع شبكة ترام مانشستر ومشروع مزرعة رياح بياتريس البحرية في اسكتلندا". وأضافت أن "البنية التحتية للمملكة المتحدة والصناعات التي تعتمد على الإنفاق على البنى التحتية، ستتضرر إذا أخفقت الحكومة في إيجاد طريقة سريعة لسدّ ثغرة التمويل التي ستنشأ إذا خسرت الوصول إلى مصرف الاستثمار الأوروبي بعد البريكست. إنّنا ندعو الحكومة إلى أن تأخذ في الاعتبار بشكل سريع وجاد تأسيس مصرف بريطاني للبنية التحتية".
في المقابل، دعت البارونة المنتمية إلى الحزب الليبرالي الديموقراطي، رئيسة الوزراء إلى "الاعتراف" بالسبب الكامن وراء غياب مطالبة الحكومة بحصتها البالغة 7.6 مليار يورو من مصرف الاستثمار الأوروبي ضمن خطط الخروج البريطاني.
ووفقًا لشروط صفقة البريكست التي اقترحتها ماي، ستتلقى المملكة المتحدة رأس المال البالغ 3.5 مليار يورو الذي دفعته لمصرف الاستثمار الأوروبي، إلا أنها لن تتسلم أي حصة من أرباح المصرف، التي تقول اللجنة إنها تصل إلى 7.6 مليار يورو. وقال ناطق باسم الخزينة البريطانية رداً على التقرير "عند خروجنا من الاتحاد الأوروبي، سنحصل على كل قرش من مبلغ الـ 3 مليارات جنيه إسترليني الذي دفعناه لمصرف الاستثمار الأوروبي، وسنستغله في البنى التحتية في بريطانيا. كما أننا نملك ضماناً بأن لا شيء سيعترض المشاريع البريطانية الحالية بعد خروجنا من الاتحاد. هذا مجرد جزء واحد من تسوية أكبر بكثير ناقشناها مع الاتحاد الأوروبي، وهي تسوية تأخذ التزاماتنا في الاعتبار، وتُعتبر صفقةً جيدة لدافعي الضرائب". وأضاف "نستثمر مبالغ طائلة في البنى التحتية لبريطانيا، وبلغ تمويل مشاريع تعبيد الطرق وإنشاء سكك الحديد والمدارس والمستشفيات مراحل لم يصلها خلال 40 سنة مضت".
وانتُقدت ماي أخيراً بسبب اختيارها إطلاق خطتها الطويلة الأمد لهيئة الخدمات الصحية البريطانية من مبنى مستشفى أُسس بمبلغ 50 مليار جنيه إسترليني من تمويل الاتحاد الأوروبي.
وكان مستشفى "آلدر هاي" للأطفال في ليفربول تسلم 56 مليون جنيه إسترليني من مصرف الاستثمار الأوروبي لأعمال الترميم عام 2013، وفقًا لدراسةٍ أصدرتها حملة "بيست فور بريتين".
© The Independent