دأبت الكويت على سياسة النأي بنفسها بعيدا عن صراعات المنطقة رغم تشابك المصالح والعلاقات مع دول الجوار .
ولم تكن تجربة الغزو العراقي التي عصفت بالبلاد نحو سبعة أشهر امتحانا عابرا، فتداعياته على هذا البلد الغني نفطيا والمنطقة لا تزال فصولها حاضرة حتى يومنا الحاضر.
شبح الحرب والمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية دعم الأخيرة لمليشيات تصنفها معظم الدول بأنها "إرهابية" فضلا عن برنامجها النووي المثير للجدل، جميعها تلقي بظلالها على دول المنطقة. وليس بعيد عن الخارطة مفاعل بوشهر الإيرانية.
قضايا عديدة تبرز للذاكرة الكويتية منها خلية العبدلي الإرهابية واختراق طائرة الدرون لاجوائها وتحليقها في محيط دار سلوى حيث مقر إقامة الأمير.
ورغم كل هذه التحديات والتعقيدات والذاكرة المثقبة بتجربة الغزو، إلا أن الكويت ما أن نفضت غبار الإحتلال، قامت بعدة أدوار للتهدئة وبدت جهودها واضحة في الوساطة والمصالحة والسلام، إذ قامت بجهود الواسطة بين دول خليجية وعربية في اكثر من مناسبة، كما دعمت العراقيين بعد سقوط صدام رغم ذكريات الثاني من اغسطس (آب) 1990.
امتحان صعب للدبلوماسية
اليوم تواجه الكويت تحديا جديدا، فهي أمام امتحان صعب، فما تشهده المنطقة من أزمة "ملتهبة"، كما يصفها نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله.
وصف هو الأقرب فيما يبدو للواقع وتداعياته الخطيرة على الجميع، ويقول "الأوضاع الملتهبة تتطلب التسامي فوق الجروح وتوحيد الموقف الخليجي، مضيفاً أن الجميع يعلم أن هناك اجتماعات عقدت في هذا الاتجاه، "الكويت شاركت في اجتماعات تامبا والبحرين، وهذه المشاركة كانت بهدف التعرف على المزيد من تفاصيل هذه المبادرة وبلورة الموقف حيالها"، منوها بأن علاقة دول الخليج بواشنطن استراتيجة.
وفيما يتعلق برسالة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، قال إنها لا تتعلق بتوقيع دول مجلس التعاون معاهدة عدم الاعتداء، ولكنها تأتي في إطار "دور الكويت وحرصها على التهدئة، والنأي بهذه المنطقة عن أي تفجيرات يمكن أن تحدث".
السياسي والإعلامي الكويتي محسن بورقبة يرى أن الدبلوماسية الكويتية تحظى باهتمام عالمي كبير نظراً لدورها الاستراتيجي في العديد من القضايا والإسهام في إيجاد الحلول الرامية لحل أي نزاع هنا وهناك، مشيرا إلى دور بلاده المحوري في السعي لحل الأزمة الخليجية بجهود الشيخ صباح الأحمد في إصلاح ذات البين ورجل المهمات السياسية الصعبة.
وذكر أنه عبر السنوات الماضية التي شهدت الكثير من القضايا والأزمات السياسية التي ساهمت الدبلوماسية الكويتية بحلها لاتزال الكويت تسعى جاهدة لإنهاء الخلاف الخليجي الخليجي ورأب الصدع ، عبر وساطة أميرها وجهودها الحثيثة وحرصه الكبير على إغلاق هذا الملف في اقرب وقت، حيث لازال الشارع الخليجي والعربي يعول على دور دولة الكويت وتخطي الأزمة الخليجية وترتيب البيت الخليجي نظراً للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة ما يتطلب تجاوباً فعلياً مع الدعوة الكويتية فالاتحاد قوة في كل شي.
وشدد بورقبة على أن لكل دولة حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي وهذا ماتؤكده دولة الكويت وسعيها لتقريب وجهات النظر عبر تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين دول مجلس التعاون الخليجي وضرورة تجاوز الخلاف بما يرضي طموحات الشعوب الخليجية ويعزز دور المجلس بما يضمن استقرار المنطقة أمنياً وسياسياً.